مى سمير تكتب: الناتو يدخل حرباً برية فى ليبيا خلال أيام

مقالات الرأي



قوة دولية تقودها إيطاليا.. والكوماندوز الأمريكية موجودة بالفعل

■ بريطانيا ترسل 6 وحدات قوات خاصة.. وطائرات الاستطلاع الأمريكية والفرنسية تحلق فوق طرابلس
 ■ مركز تنسيق عمليات التدخل فى شتوتجارت الألمانية حيث مقر القيادة العسكرية الأمريكية فى القارة الإفريقية «أفريكوم»

تطور المشهد السياسى الليبى، على نحو يشير إلى أن الدولة التى تشارك مصر حدودها الغربية، ستشهد مزيدا من التطورات على الصعيدين العسكرى والسياسى.. وتنتظر حربا برية خلال أيام.

وفى الوقت الذى تم توقيع اتفاق السلام الليبى فى الصخيرات، الخميس الماضى، خرجت التحليلات الغربية لتشير إلى احتمالية شن حرب غربية على تنظيم داعش الذى يتوغل بقوة فى ليبيا، والذى نشر فيديو بعد أيام من توقيع اتفاق الصخيرات، حرص فيه على إبراز سيطرته على الدولة الليبية واستعرض تأسيسه قوة شرطة تسيطر على مدينة سرت، أطلق عليها الشرطة الإسلامية.

اتفاق الصخيرات

وقع أعضاء فى البرلمانين المتنازعين فى ليبيا، وشخصيات سياسية، الخميس الماضى، اتفاق سلام فى مدينة الصخيرات المغربية، وهو الاتفاق الذى تم تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة، وينص على تشكيل حكومة وفاق وطنى تقود مرحلة انتقالية تنتهى بإجراء انتخابات تشريعية، بعد عام، وتوسيع المجلس الرئاسى ليتكون من 9 أشخاص، رئيس و5 نواب و3 وزراء دولة.

وينص الاتفاق على أن السلطة تتشكل من 3 مؤسسات رئيسية، وهى مجلس النواب ويمثل السلطة التشريعية، ومجلس الدولة وهو بمثابة غرفة برلمانية استشارية ومجلس رئاسى، وتنتقل جميع صلاحيات المناصب العسكرية والمدنية والأمنية العليا المنصوص عليها فى القوانين والتشريعات الليبية النافذة إلى المجلس الرئاسى فور توقيع الاتفاق، ويتم اتخاذ أى قرار بإجماع مجلس رئاسة الوزراء.

وشهد الاثنين الماضى توقيع ممثلين عن 24 بلدية ليبية على الاتفاق خلال اجتماع فى مدينة «قمرت» قرب العاصمة تونس، أشرف عليه الدبلوماسى الألمانى، مارتن كوبلر، رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، والذى رحب بهذه الخطوة، ودعا بقية الأطراف إلى الانضمام إلى الاتفاق.

التدخل العسكرى

بحسب التحليلات الغربية فإن اتفاق الصخيرات يمهد الطريق لتأسيس تحالف غربى عسكرى يتدخل فى ليبيا لمحاربة تنظيم داعش، وذكرت جريدة "مالطا توداي"، أن المجتمع الدولى يخطط لإرسال قوة دولية قوامها 6 آلاف جندى بقيادة إيطالية إلى ليبيا بمجرد توقيع اتفاق السلام الذى ترعاه الأمم المتحدة.

وأضافت الجريدة: إن كلا من فرنسا، إيطاليا والمملكة المتحدة يخططون منذ عدة شهور لإرسال قوات إلى ليبيا، لم تكن هذه الخطوة ممكنة فى ظل رفض كل من الحكومتين المتنافستين لمثل هذا الوجود الغربى العسكرى ولكن مع وجود الحكومة الجديدة التى تساندها الأمم المتحدة، فإن إرسال مثل هذه القوات أصبح ممكناً.

وتم طرح فكرة إرسال قوات حفظ سلام تابعة لحلف شمال الأطلنطى لمحاربة المتطرفين لأول مرة من قبل رئيس الوزراء الإيطالى ماتيو رينزى، فى فبراير الماضى، وألمح وزير الخارجية الإيطالى، باولو جينتيلونى، ووزير الدفاع روبرتا بينوتى، إلى أن إيطاليا مستعدة لإرسال 5 آلاف جندى إلى ليبيا.

وفى نفس السياق، صرح وزير الدفاع البريطانى، ميكل فولن، الجمعة الماضى، بأن بريطانيا مستعدة لإرسال ألف جندى إلى ليبيا، و6 وحدات من قوات العمليات الخاصة، فى البداية للقيام بمهام استطلاعية قبل إرسال الجنود البريطانيين لمحاربة تنظيم داعش.

وأضاف: إن جنود القوات الجوية البريطانية سيتم تسليحهم بأحدث المعدات العسكرية، لمواجهة التنظيم الإرهابى الذى سيطر فى الشهور الأخيرة على مدينتى درنة وسرت الساحليتين، لافتاً إلى أن الحكومة البريطانية تتوقع مطالبتها من قبل الحكومة الليبية الجديدة المدعومة من الأمم المتحدة بإرسال قوات لتدريب القوات المسلحة الليبية وتقديم خدمات استشارية.

ويبدو أن التدخل الغربى العسكرى فى ليبيا بدأ بالفعل، بعد انتشار صور على إحدى صفحات "فيس بوك" التابعة للقوات الجوية الليبية لمجموعة من أعضاء القوات الخاصة الأمريكية فى القاعدة الجوية الليبية "الواتية"، فى غرب ليبيا، واضطر الجنود لمغادرة القاعدة بعد الكشف عن وجودهم.

أكدت هذه الصور، الشائعات المستمرة منذ عدة أشهر حول وجود قادة بالجيش الأمريكى فى ليبيا للتمهيد لشن ضربات ضد التنظيم الإرهابى، حيث أكدت مصادر بوزارة الدفاع الأمريكية أن وحدة الكوماندوز الأمريكية، تم إرسالها فى مهمة خلال الأسبوع الجارى إلى ليبيا دون الكشف عن طبيعة هذه المهمة.

وشهدت الأسابيع القليلة الماضية، تحليق عدد من طائرات الاستطلاع الأمريكية والفرنسية على مدينة مصراتة وقواعد داعش فى شرق سرت وبنغازى ودرنة، وتشير التقارير إلى وجود 3 آلاف إرهابى تابع لتنظيم داعش فى ليبيا.

وكان وزير الدفاع الفرنسى، جون إيف دريان، قد عبر منذ عدة أسابيع عن قلقه من وجود داعش فى ليبيا، مشيرا إلى أن التنظيم انتشر فى ليبيا بسبب الخلافات الداخلية، وبرر تحليق طائرات الاستطلاع الفرنسية فوق الأراضى الليبية بأن توحيد جهود القوات الدولية فى مواجهة داعش ستؤدى إلى القضاء على التنظيم حيث تمتلك القوات الدولية الأدوات اللازمة لتحقيق هذا الهدف.

ولدى فرنسا بالفعل 3500 جندى، فى غرب إفريقيا بما فى ذلك قوات بالقرب من الحدود الجنوبية الليبية، حيث تنتشر القوات الخاصة الفرنسية فى مالى منذ عام 2012 فى إطار مواجهتها للجماعات الإرهابية هناك.

وتحت عنوان "القادة الغربيون يطالبون الفصائل الليبية بالموافقة على ضرب مقاتلى داعش" نشرت جريدة الجارديان البريطانية، تقريراً تعرضت فيه إلى الاستعدادات المتعلقة بالتدخل العسكرى الغربى فى ليبيا، وأشارت إلى أن المسئولين الغربيين يسعون للحصول على موافقة من جانب ليبيا لشن غارات جوية فى الأيام المقبلة ضد التنظيم الإرهابى لمنعه من السيطرة على مدينة أجدابيا التى تمثل البوابة إلى ثروات ليبيا النفطية.

وأضافت الجريدة البريطانية: إن الطائرات الأمريكية، الفرنسية، والبريطانية، أعلنت حالة الاستعداد لشن ضربات جوية انطلاقاً من بعض القواعد العسكرية فى البحر الأبيض المتوسط، مؤكدة ووجود عدد من وحدات الكوماندوز الأمريكية فى ليبيا إلى جانب الوحدة التى انتشرت صورتها على "فيس بوك" بقاعدة الواتية.

وأكدت مصادر ليبية أن الأمريكان موجودين فى ليبيا منذ عدة أسابيع حيث استخدموا مجموعة من طائرات العمليات الخاصة، ويشير سجل الطيران الأمريكى إلى أن طائرة تابعة للقوات الخاصة من طراز دورنير سى ــ 146، نفذت رحلات متكررة داخل وخارج ليبيا، إنطلاقاً من قاعدة جوية فى جزيرة بانتيليريا، الإيطالية الواقعة بين صقلية وتونس.

وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن تنسيق التدخل العسكرى الغربى فى ليبيا سيتم من داخل المقر الرسمى للقيادة العسكرية الأمريكية فى القارة الإفريقية (أفريكوم) والموجود فى شتوجارت فى ألمانيا، وفى حالة بدء التدخل العسكرى من المتوقع أن تلعب (أفريكوم) دورا محوريا.

تملك أفريكوم مركزا عسكريا فى إفريقيا يتمثل فى معسكر ليموننير فى دولة جيبوتى، حيث يصل حجم قوات أفريكوم ما بين 5 إلى 8 آلاف ضابط وجندى أمريكى، ويخضع لإشرافها عدد من القواعد العسكرية خارج القارة الإفريقية من ضمنها الوحدة التى تعرف باسم الجيش الأمريكى فى إفريقيا والتى تتمركز فى إيطاليا ويعمل معها وحدة قتالية تعرف باسم "دايجر"، إلى جانب قوات بحرية خاصة تتمركز فى المحيط الأطلنطى وقوات جوية تتمركز بقاعدة جوية فى ألمانيا، فضلاً عن وحدة العمليات الخاصة.

ولكن لن يبدأ التدخل العسكرى إلا بعد تقديم ليبيا دعوة رسمية للقوى الغربية من أجل مساعدتها فى مواجهة تنظيم داعش، ويأمل المخططون العسكريون لهذا التدخل أن تتم الدعوة فى وقت قريب بالتحديد فى أعقاب التوصل لاتفاق الصخيرات، الذى يعتبره كثير من المحلليين الغربيين بمثابة الخطوة التمهيدية الضرورية لتوحيد الصف الليبى، ومن ثم العثور على طرف شرعى قادر على تقديم هذه الدعوة.

تدرك الدول الغربية أن هزيمة داعش ستتطلب إرسال قوات أرضية، ولأن نجاح الجنود الغربيين فى تنفيذ مهامهم سيتطلب مساعدة على الأرض من قبل الفصائل الليبية لذا توجد مصلحة فى توحد هذه الفصائل خلف الحكومة الوطنية الجديدة التى تحظى بدعم من الأمم المتحدة والقوى الدولية ولكنها لا تحظى بهذا التأييد داخل ليبيا.

من ناحية أخرى أعلن وزير الخارجية الليبى، على أبوزعكوك، الاثنين الماضى، أن ليبيا قد تطلب من روسيا مساعدتها فى مواجهة داعش لتشن ضربات جوية على مواقع التنظيم الإرهابى ولكن بعد تشكيل حكومة وحدة وطنية.

الشرطة الإسلامية

من جانبه سعى تنظيم داعش إلى تأكيد توغله فى الدولة الليبية، والإيحاء بأنه يسعى لتأسيس دولة على الأراضى الليبية، وذلك بنشر فيديو دعائى هذا الأسبوع يتضمن قيام قوات تابعة له بدوريات أمنية داخل مدينة سرت، وأشار الفيديو إلى أن هذه القوات تابعة لجهاز الشرطة الخاص بداعش والذى يحمل اسم الشرطة الإسلامية، وتخضع سرت لسيطرة التنظيم منذ يونيو 2015.