منال لاشين تكتب : فساد فى غرفة نوم الحكومة

مقالات الرأي



منذ عدة سنوات نشرنا فى الفجر خبرا بدا لى سياسيا. كان الخبر يقول إن مبارك بعد اجتماع مع بعض وزراء المجموعة الاقتصادية لبحث أحد الملفات، طلب مساعدة أحد الوزراء، وظل يتكلم معها لوحدهما نحو ربع ساعة أو أكثر.

بعد النشر فوجئت بصديقة مشتركة بينى وبين مساعدة الوزير غاضبة من الجريدة ومنى ومن الدنيا (بحالها). كنا فى عشاء لدى أحد الاصدقاء. وكان العشاء يجمع بين سياسيين ونشطاء وصحفيين وكتاب.

حاولت تفهم غضب الصديقة من الغضب، فاندهشت لتفسيرها له. فقد رأت فى الخبر محاولة لالصاق تهمة أخلاقية بالسيدة الفاضلة، وربطها بعلاقة سيئة السمعة. فكل اجتماع أو لقاء ثنائى بين الرئيس السابق لابد أن يكون الشيطان ثالثهما.

فى ذلك الوقت كان مبارك قد تعدى الـ 75، والسيدة على مشارف الـ60.

وقد انقسم الحاضرون بين مؤيد ومعارض لوجهة نظرها. ولكن هذا الانقسام نفسه يعكس حالة النخبة فى ذلك الوقت. الايمان بأن الفساد السياسى قد اغرق مركب الوطن، وان الفساد الاخلاقى من طبائع النخبة فى مصر. وأن اتصال أو تواصل بين امرأة وأحد رموز السلطة فى مصر (يعلم) على السيدة بعلامة سوء السمعة.

ولاشك أن هذه المشاعر والقناعات لم تأت من فراغ. فالديكتاتورية والبقاء فى السلطة لسنوات طويلة تخلق تشوهاً سياسياً وأخلاقياً لدى بعض المسئولين المعمرين. وهذا بدوره يخلق نموذجاً يحتذى به من صغار المسئولين والوزراء العاديين.

إن الفساد السياسى سيمتد حتما لغرفة نوم الحكومة.

فضائح وأسرار زوجة رجل مهم وزير يعين زوجته مديرة مكتبه.. والزوجة تصر على مرافقته ليل نهار



سيارة مرصعة بالذهب لزوجة مسئول مهم تصل برجل فاشل لمنصب الوزارة كوافير زوجة وزير داخلية يضع حركة لواءات الشرطة.. وزوجة وزير الإعلام تختار المذيعات لأنها تغار على زوجها

3

للوهلة الأولى قد تبدو علاقات المسئولين بالوزراء وعشيقاتهم هى البوابة الأكبر للفساد.. الحقيقة أن علاقة الوزير بزوجته قد تكون أخطر ألف مرة على وظيفته بل على المصلحة العليا للبلاد وأحيانا أمن مصر القومى، وليس فى العبارة الأخيرة أى نوع من المبالغة.

فلكل علاقة زوجية مراحل ودورات حياة، ولكن بمجرد اختيار الزوج للوزارة أو وصوله لمنصب مهم، ففى الغالب يحدث انقلاب فى حياة الزوجة، فى كثير من الحالات تتحول الزوجة إلى مفتاح الباب الذى ينفذ منه الفاسدون أو بالأحرى المفسدون للزوج، وفى أحيان أخرى تدفع الزوجة ثمنا فادحا لنفوذ الزوج، فالوزير ليس مجرد زوج عادى وفرص الفساد الأخلاقى كثيرة أمامه خاصة فى دولة الفساد التى عاشتها مصر فى عهد مبارك، ولكن الشكل الاكثر انتشارا فى دولة الفساد هو معادلة خاصة جدا بين المسئول وزوجته، المعادلة أو بالأحرى الصفقة خيانة الزوج المهم مقابل ثراء الزوجة وتلبية كل رغبتها، هذه المعادلة أو الصفقة تزيد من فرص فساد الزوج المسئول، فتنفيذ مطالب بعض الزوجات يفتح أبوابا للفساد، ليس الفساد المالى فحسب فقط وإنما الفساد السياسى أيضا.

فعندما تتمتع الزوجة بقوة الشخصية، وعندما لا يستطيع المسئول رفض طلب لزوجته فإن كل أنواع الفساد تظهر على الساحة سواء -فى نفس توقيت- تنفيذ طلبات الزوجة أو فيما بعد، وكلما كان للزوج الوزير أو المسئول جولات عاطفى وخيانات أكثر، كان أكثر استعدادا للخضوع لرغبات ومطالب زوجته، بغض النظر عن مدى جنون أو بالأحرى جموح هذه الرغبات والمطالب.

ومما يزيد من خطر فساد الزوجة أن الأجهزة الرقابية نادرا ما تعطى أهمية لزوجة الوزير، ولكنها كل الشكوك تستيقظ واللمبات الحمراء تضاء على الفور بمجرد ظهور العشيقة فى حياة المسئول الكبير أو الوزير، لأن الأجهزة الرقابية تدرك أن المرأة التى تقترب أو تقيم علاقة مع مسئول نادرا ما تقع فى حبه أو هواه، فهى فى الغالب تطلب نفوذه وتحصل على ثمن علاقته به، وبالطبع هذا الثمن ليس من جيب المسئول، بل من جيوبنا وأموال الدولة وثرواتها.

من ناحية أخرى فإن مجتمع النخبة أكثر تسامحا مع فساد أو تدخل الزوجة، ونادرا ما يتحدث عنه الا فى الحالات التى تتجاوز رائحتها الأنف وتزكمه، ولكل هذه الأسباب فإن فساد الزوجة قد يكون أخطر من الفساد الأخلاقى للوزير أو المسئول.

1

سر سيارة

الزوجة

إذا هربت الكفاءة من الشباك دخلت الواسطة والمحسوبية من الباب وبأقصى سرعة، وأصبحت المناصب بما فى ذلك الوزارة لمن يقدم أقصى قدر من التنازلات أو من يكسب رضا الرؤساء، وهذه القاعدة المهمة فى عالم الفساد أوصلت رجلا فاشلا من منصب مدير مشتريات فى إحدى الوزارات إلى تولى وزارة، أصبح الموظف وزيرا فى وزارة من أخطر وزارات مصر، وقد ظل اختيار هذا الوزير فى إحدى حكومات ماقبل ثورة 25 يناير لغزا محيرا، كان يحمل دكتوراه فى الاقتصاد، ولكنه لم يكن يوما أستاذا جامعيا لامعا أو ناجحا، بل إنه لم يعمل بالجامعة، وحصل على الدكتوراه وهو يعمل فى إحدى وزارات المجموعة الاقتصادية، وتدرج فى المناصب حتى وصل إلى مدير مشتريات فى هذه الوزارة.

وجاءته الفرصة الذهبية عندما جاء وزير جديد، وطلبت زوجة الوزير تغيير سيارتها المرسيدس بأخرى موديل أحدث، لم تكن زوجة الوزير امرأة جميلة فحسب، ولكنها تملك منذ ولادتها ذلك الجمال النادر، وكبرت مع احساسها بالتميز وأنها يجب أن تعيش فى جو خاص جدا من التميز، وعندما اختير زوجها وزيرا للمرة الأولى، لم ترض أن تستخدم سيارة مثل كل زوجات الوزراء فهى أكثرهن جمالا وأنوثة، وحتى تغيير موديل السيارة لم يرض غرورها إنها تبحث عن شىء نادر، سيارة تؤكد تميزها وتفردها وتكون حديث النخبة، وكاد زوجها الخاضع تماما لها أن ييأس من ارضائها، ففى النهاية مجلس الوزراء هو المتحكم فى توفير سيارات الوزراء وعائلاتهم، ولكن ما أن عرض المشكلة على مدير المشتريات حتى وجد الموظف فرصة للصعود، اكد مدير المشتريات للوزير أن كل مشكلة لها حل واضاف الموظف أن (الهانم) على حق فكل من هب ودب قد أصبح (يركب) سيارة مرسيدس، فضحك الوزير وقال له (حل العقدة يا فالح)، ولم تمض أيام حتى خرج الموظف بالحل المطلوب، وهو حل نال رضا الزوجة وأراح الوزير من صداعها الدائم.

كان الحل ببساطة هو تغيير مقابض السيارة المرسيدس بمقابض ذهبية خالصة، وادخال بعض التعديلات الذهبية على السيارة، وبذلك لا يضطر الوزير لطلب تغيير سيارة العائلة مرة أخرى من مجلس الوزراء، وتتحول نفس السيارة إلى طراز خاص جدا وبالذهب، وطارت زوجة الوزير من الفرح بهذا الحل.

وعندما اعترضت احدى الجهات الرقابية على ما جرى للسيارة الوزارية قام مدير المشتريات برشوة الموظف الرقابى، وقدم له بالاضافة للرشوة مبررا يقدمه لرؤسائه، فالوزير السابق كان يخصص سيارتين لاسرته، ولكن الوزير المحترم لم يرض باهدار المال العام، وخصص سيارة واحدة لاسرته توفيرا للمال العام.

وبعد أن عرف الموظف مركز القوة والنفوذ لدى وزيره، وادرك أن رضا زوجته هو مفتاح الترقى أصبح يخدم الزوجة أكثر مما يخدم الوزير، سفرياتها للخارج تتم على أعلى مستوى من الفخامة.

وأصبح الوزير لا يتخذ قرارا إلا بالرجوع إلى مدير المشتريات، وظلت ترقيات الرضا تمطر على الرجل حتى أصبح وكيلا أول للوزارة، ومع تزايد نفوذ الوزير اقترح فى احد التغييرات بالحكومة اسم وكيل الوزارة ليتولى وزارة أخرى، واثنى الوزير على وكيل الوزارة وعلى عقليته الاقتصادية وقدرته الخارقة على حل أى أزمة، وبالفعل حصد وكيل الوزارة منصب الوزير، وظل طوال مدة وجوده فى الوزارة يتصل بزوجة الوزير، ويؤكد لها أنه لم ينس جميلها طوال حياته، فقد كان يدرك أنه وصل للمنصب الخطير بفضلها وأوامرها لزوجها بضرورة مكافأته.

2

سفير

فوق العادة

أحيانا يكون غضب الزوجة سببا فى الطلاق أو حتى تحويل حياة الزوج لجحيم، وفى أحيان قليلة يكون غضب الزوجة وغيرتها سببا فى سعادة الزوج، ولكن بطل هذه الواقعة عرف السعادة والنفوذ بسبب غضب وغيرة زوجة وزير خارجية، لم تكن غيرة الزوجة من فراغ، فالزوج كان مشهورا بعلاقاته الغرامية المتعددة والطائرة والسريعة، وكان رحمه الله يصطاد عشيقاته من بين مئات المعجبات به وبالمنصب الرفيع الذى يتولاه، ولم تكن مشكلة الوزير فى الحصول على العشيقات، ولكنها فى الهرب من مراقبة زوجته له، فهى تراقب تحركاته، وترشى الحرس لتعرف كل خطواته، ولذلك لم يكن الوزير أن يفعل مثل غيره من المسئولين ويستأجر أو يشترى شقة خاصة به، مكان بعيد عن الاعين والصحفيين والخصوم ليكون عشا لغرامياته، فالزوجة كانت تقف له بالمرصاد، وتبرع دبلوماسى شاب بتقديم شقته للوزير، فالزوجة تعرف علاقته بهذا الدبلوماسى وانه يرعاه مثل ابنه، وكان الوزير يذهب إلى شقة هذا الدبلوماسى الشاب للقاء شباب الدبلوماسيين المقربين منه، ولذلك بدا عرض الدبلوماسى الشاب فرصة ذهبية لوزير الخارجية، وظل فترة يستخدم شقته للقاءاته العاطفية، ولكن لأن زوجته كانت تعرف أخباره من الحرس، فبعد فترة ادركت أنه يقابل عشيقاته فى شقة الدبلوماسى الشاب، وبدلا من مواجهة زوجها بعيدا عن الفضائح، قررت الزوجة الغيورة ضبط زوجها فى شقة الدبلوماسى، وعندما فعلت ذلك صبت غضبها على الدبلوماسى الشاب، ضربته بالقلم على وجهه ووجهت له كل أنواع الشتائم البذيئة، ولم يفتح الدبلوماسى الشاب فمه، وتحمل شتائمها بمنتهى الادب والدبلوماسية، وظلت زوجة الوزير كلما قابلت هذا الدبلوماسى فى أى مكان أو بالأحرى مناسبة توجه له الشتائم وتتهمه بأنه يشتغل (قوادا)، وأراد الوزير أن يكافئ هذا الدبلوماسى الوفى، فعرف الشاب طريق الترقيات بسرعة البرق، وانتدب فى أكثر من جهة ومؤسسة ومنظمة خلال فترة تواجده فى مصر، لأن الدبلوماسيين يعملون سنوات فى الخارج ويقضون بعض سنوات عملهم فى الوزارة بمصر، ولذلك كان الدبلوماسى الشاب يقضى سنوات وجوده فى مصر منتدبا لجهة أو مؤسسة، بينما يقضى سنوات عمله فى سفاراتنا فى الخارج فى أهم الدول، وكان بعض الدبلوماسيين الذين لا يعرفون القصة الحقيقة يردون بأن الدبلوماسى حظه حلو.

3

كوافير

زوجة الوزير

لا يوجد منصب يثير رعب وخوف الناس العادية اكثر من منصب وزير الداخلية، تصوراتنا عن وزارة الداخلية أنها حصن مغلق على أسرارها، وأن كل ما يجرى فى دهاليز مكتب وزير الداخلية هو سر حربى، ولكن وزير الداخلية بطل هذه القصة ينسف كل هذه التصورات، هو واحد من أفشل وزراء الداخلية، إنه رجل علاقات عامة ورجل صالونات، شبكة علاقاته الواسعة جعلته يتقدم على اقرانه فى المنافسة على منصب الوزير.

كان الرجل يفتخر فى جلساته الخاصة انه لم يرفض للهانم زوجته طوال حياتهما طلبا.

لم تكن زوجته صاروخ جمال مثل بطلة الحكاية السابقة، ولكنه أحبها لأنها تحملت معه البدايات الصعبة، ولأنها كانت دوما تبعده عن مشاكل البيت، ولا تشعره بالأزمات المالية التى يمر بها المنزل، باختصار كانت زوجة مثالية، ومن باب الوفاء قرر الرجل بعد أن ابتسمت له الحياة ألا يرفض لزوجته طلبا، ولكن وفاء الزوج كلف مصر كثيرا، فالزوجة كانت تعطى أذنيها إلى الكوافير الخاص بها، وكانت تؤمن باخلاصه لها ولزوجها، وأنها يمكن أن تعرف كل أسرار المجتمع من خلال كوافيرها، وانتشرت قصة تأثير الكوافير لدى زوجات اللواءات، فمثل هذه الاخبار يتناقلها مجتمع النخبة بسرعة البرق، وبدأت زوجات اللواءات يتوجهن للكوافير بالهدايا وأحيانا بالمال، والمقابل أن يطرح اسم أزواجهن على زوجة الوزير خلال جلساته معها، وكان الكوافير يقترح على الزوجة تغييرات حركة الشرطة، وتتولى هى نقل الحركة لزوجها الوزير، وكانت الزوجة تنقل مواصفات اللواءات المرشحين للمناصب لزوجها بطريقة لا علاقة لها بمقتضيات الأمن، فهذا اللواء راجل طيب ويشكر فيه، والآخر مكشوف عنه الحجاب، والثالث فى حاجة إلى ترقية عشان مراته مريضة وأعبائه كثيرة، وهكذا، ولذلك كانت ترقيات الوزراء وحركات التغيير تسير من سيئ إلى أسوأ، وكان عدد لا بأس به من الوزراء والمسئولين يعرفون حكاية كوافير زوجة الوزير، ولكن معرفتهن بقوة الزوجة ونفوذها على زوجها جعلهم يخشون من طرح القصة لمشكلة أمن قومى، مشكلة دفعت ثمنها مصر، لأن موجة الخلايا الارهابية قبل ثورة 25 يناير قد تغلغلت فى عهد هذا الوزير الفاشل.

4

زوجة

وسكرتيرة

زوجة الوزير تستمع كثيرا بالمعاملة المميزة والسوبر لوكس من المحيطين بها، فلقب زوجة الوزير أو الهانم يدير رأس معظم زوجات الوزراء، ولكن هذه الحالة أو بالأحرى هذه الزوجة نموذج نادر لم يتكرر فى مصر، كانت الزوجة تعمل سكرتيرة للوزير قبل أن يدخل الحكومة وينال المنصب، وكان جمالها سر نفوذها عليه، وتزوجها قبل أن يصبح وزيرا، وبالطبع كان الزواج سريا لأنه متزوج وله أولاد، المثير أنه كان قد تزوج عن حب وأن زوجته كانت تتمتع بقدر كبير من الجمال، ولكن جمال هادئ أو جمال ارستقراطى، بينما الزوجة السرية كانت تتمتع بجمال مثير، وما أن دخل الرجل الوزارة، حتى اصرت على أن تدخل مكتب الوزير معه (رجلها على رجله) كما يقولون، دخلت المكتب سكرتيرة ومديرة مكتب الوزير، كان قرار تعيينها هو أول قرار يوقعه الوزير وأشرف بنفسه على تجهيز مكتبها، حتى الاعمى كان من الممكن أن يرى أو يشعر بما بينهما، فهى لا تعامله كوزير أو حتى رئيسها، منذ اليوم الأول اعلنت عن نفوذها، وراحت تتدخل فى كل كبيرة وصغيرة فى عمله، كانت تحضر الاجتماعات الداخلية والخارجية، وفى أحيان كثيرة تدلى برأيها، أو تنبه الوزير امام الجميع بخطأ ما قاله دون خوف أو تردد، وبنعومة لا تتناسب مع أجواء العمل الوزارى، وكان كل ملف أو كل ورقة يدخل إليها أولا قبل أن يمر على الوزير، لم تكن تغادر مكتبها قبل أن يغادر هو، فإذا تأخر الوزير فى مكتبه للواحدة بعد منتصف الليل ظلت بجواره.

وفى مصر هذا النوع من التجاوزات يلقى غضبا شديدا، وحماسا أشد لمواجهته، لا نغضب كثيرا للفساد المالى وضياع ثروات البلد، ولا نتحمس كثيرا لمواجهة اهدار المال العام، ولكن اهدار الأخلاق أو الفساد الأخلاقى تجد ولاد الحلال كثير، وكتبة الشكاوى أكثر.

وحينما احس بالخطر عرض عليها الاستقالة مع تعويضها، ولكنها رفضت بشدة، فقد كانت تخشى أن تخطفه منها امرأة أخرى، لقد ادركت بذكائها أنه رجل ضعيف عاطفيا، وأن مقاومته تنهار امام اهتمام أى امرأة جميلة به، ولذلك رفضت أن تترك المكتب والوزارة، فى ذلك الوقت وصل الامر فى شكل شكاوى لكل الأجهزة الرقابية، بل إن الامر وصل للمخابرات، وأصبح على الرجل أن يقدم ردا، فاعترف الوزير بأنها زوجته، وقدم أغرب تفسير لاستعانته بزوجته كمديرة للمكتب، فقد قال إن الوزارة حدث بها حالات كثيرة للفساد من الموظفين خاصة فى مكتب الوزير، وأنه لا يأمن على نفسه من فساد الموظفين إلا بوجودها فزوجته لم تخدعه، وهى تراقب كل ورقة حتى لا يحدث اى خطأ ويوقع على ورقة أو مستند يؤدى إلى اهدار المال العام، الأكثر إثارة من قصته هو اقتناع الأجهزة بهذه الرواية، لم يجهد أحد نفسه ليعرض على الوزير طرقا أخرى لحماية نفسه من الفساد، وكانت النتيجة أن تحولت المرأة إلى مركز قوى خرافى داخل الوزارة، كان جميع المتعاملين مع الوزارة يعرفون نفوذها على الوزير فيتقربون إليها، وبدأت الهدايا الثمينة تعرف طريقها للمكتب ومديرة المكتب، وقد وصلت هذه الهدايا إلى شقق وشاليهات فاخرة بربع ثمنها الاصلى، لم تكن تفعل ذلك من وراء زوجها الوزير، وكانت تؤكد له أنه لم يصدر أى قرار مخالف للقانون من وراء هذه المجاملات البسيطة.

وكان نفوذها معروفا فى الحكومة، وقد تسبب ذلك فى مشكلة لوفد مصر فى احدى المباحثات الرسمية مع مؤسسة دولية، فقد اصرت مديرة المكتب على الذهاب للكوافير قبل الاجتماع الرسمى، وتأخرت عند الكوافير، واصر الوزير على عدم بدء الاجتماع دونها، ولم يجرؤ زملاؤه الوزراء على فضح سر تأخر الاجتماع للجانب الدولى، واعتذروا بحدوث مشكلة صحية مفاجأة لأحد أعضاء الوفد الرسمى.

5

أخت

المصريين

نموذج الفساد الأكثر انتشارا بين زوجات الوزراء والمسئولين هو نموذج الفساد المالى المباشر، الزوجة التى تتلقى الهدايا الثمينة مباشرة من رجال الأعمال المتعاملين من زوجها، الزوجة التى تريد أن تشارك زوجها المسئول أو الوزير فى فساده، وليس فى اعبائه أو مشاكله، فنادرا ما تجد زوجة وزير محترم تتلقى هدايا أو بالأحرى رشاوى، ولكن بطلة هذه الواقعة فاقت الجميع، كانت تتلقى كل أنواع الرشاوى، ليس عن حاجة للمال، فزوجها سيدخل التاريخ بوصفه أفسد وزير عرفته مصر، ولكنها كانت تعتبر نفسها ندا له فى النفوذ والفساد، فكلتا الكلمتين مرادفة للأخرى بالنسبة للوزير وزوجته، علاقتهما الزوجية دراما مثيرة تستحق أن يحولها الكاتب الكبير وحيد حامد لفليم عن فساد نظام حكم مبارك.

علاقتهما الزوجية شهدت موجات من المد والجزر فى النفوذ بينهما، البداية كانت الأمور لصالحها، ليس لأنها من باب حسب ونسب، فهى ابنة اسرة متوسطة ولكنها تلقت تعليما راقيا، وزوجها الوزير ينتمى لاسرة فقيرة جدا والدها كان عاملا بسيطا، وقد تكونت لديه عقدة من هذه النشأة، وعلى الرغم من أنه جمع ثروة معقولة فى سنوات عمله بالقطاع الخاص، فقد ظلت زوجته تعايره بأسرته البسيطة، لم يغفر له أنه حاصل على الدكتوراه من إحدى الجامعات الأمريكية المهمة، وظل الزوج يعانى المر من تعالى زوجته، وبحسب صديقة لها فإنها كانت ترميه بالحذاء وأحيانا (الشبشب) فى ختاقتهما العنيفة.

ولكن كل ذلك تغير عندما أصبح وزيرا، أو على الأقل تغير لعدة سنوات، فمنذ توليه الوزارة دخل نادى السلطة والنفوذ، وسرعان ما انتشر فساده ليزيد من ارصدته فى بنوك الخارج والداخل.

فى هذه الفترة استطاع أن يشعر لأول مرة انه رجل البيت وسيده وربما شعر لأول مرة انه رجل بحق وحقيق، تغيرت موازين القوى فى المنزل أو بالأحرى القصر، تراجعت مكانة زوجته وكفت عن ضربه.

ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن، فقد حدث الانقلاب الاهم فى حياة الاسرة الوزارية، تقربت زوجة الوزير من سوزان مبارك، ودخلت فى الحاشية، كانت عضوا نشطة فى عدد من الجمعيات والانشطة الخاصة بالهانم، وهو لقب سوزان قبل ثورة 25 يناير.

ونجحت زوجة الوزير فى أن تنافسه فى القرب من السلطة، وفاقته فى القرب، فقد اطلق عليها فى فترة من الفترات (وصيفة الهانم).

وتوحشت الزوجة ليس على زوجها فحسب، فهذا شأنهما، ولكن توحش الزوجة الذى اضر مصر كان فى الرشاوى تحت اسم الهدايا، اصرت أن يتحول فرح ابنتها إلى حدث العام، وخلال الحفل الاسطورى قدم معظم كبار رجال الاعمال فى مصر هدايا من الالماس للابنة والأم على حد سواء، ومن لم يحضر الحفل ارسل الهدية أو الرشوة، رغم ثرائهما الفاحش لم يتكلفا مليما فى جهاز أو زواج البنت.

كانت زوجة الوزير تتصور أن النفوذ هو العيش على (حساب الآخرين)، وكلما زاد نفوذها كلما اعتمدت على تلبية كل رغباتها على حساب رجال الاعمال، وكانوا اهل البيزنس بالطبع يقبضون ثمن أو مقابل هذا من ثروات مصر وتجاوز القوانين وخرقها.

وعرفت زوجة رجل اعمال عشق زوجة الوزير لملابس النوم والملابس الداخلية من الماركات العالمية الباهظة، فانتهزت فرصة سفرها مع زوجها للخارج وملأت حقيبة سفر بهذه الملابس، وبعد عودتهما من السفر ارسلا الحقيبة لزوجة الوزير، وعندما قابل رجل الاعمال الوزير فى مهمة عمل سأله عن رأى الهانم فى الهدية المتواضعة، فرد الوزير بمنتهى الصفاقة (ماهى برضه زى أختك)

6

عاشقة

المجوهرات

زوجة وزيرآخر فاسد لم تنحدر لهذا المستوى الأخلاقى الوضيع، ولم تكن تقبل أن يشترى احد ملابس لها، ولكنها كانت تعشق الذهب والمجوهرات، وقد كانت هذه الزوجة الشهيرة تختار ما تشاء من مجوهرات لها ولابنتها الوحيدة من جواهرجى يعمل فى الآثار والمجوهرات معا، ولولا النفوذ الطاغى لزوجها لذهبت إلى السجن، فقد تصادف أن جهة رقابية كانت تقوم بالتسجيل فى محلات التاجر لشكها فى تجارته بالآثار، وقد تم تسجيل أكثر من زيارة لزوجة الوزير المهم لمحل المجوهرات، وشمل التسجيل واقعة الشراء دون دفع الثمن، وعندما عرف الوزير هاج وماج، ليس لان زوجته لم تدفع ثمن مجوهراتها، ولكن لأن الأجهزة الرقابية تجرأت على التسجيل لزوجته، وقد حدثت تدخلات على أعلى مستوى لحذف هذا التسجيل والواقعة الخاصة بزوجة الوزير.

هذا الوزير الشهير كان يجلب لزوجته فى كل جولة خارجية مجوهرات، ولكنه نادرا ما يدفع ثمن هذه المجوهرات، كان يشترى من محلات المجوهرات الموجودة فى الفندق، وهى محلات شهيرة تغالى فى اثمان بضاعتها، كان الوزير يدخل المحل ويشاهد المجوهرات ويختار منها أكبرها حجما وأغلاها ثمنا، ثم يدفع مقدما بسيطا جدلا لحجزها، ويتولى أحد أعضاء الوفد من رجال الاعمال دفع الثمن.

وكانت الزوجة تتباهى بأنها صاحبة أكبر خزانة مجوهرات فى مصر، ولم يكن فى هذا التباهى اى نوع من المبالغة، فقد كانت تحتفظ بخزانة كبيرة فى منزلها للمجوهرات، فلم تكن تخشى من السرقة، فمن الذى يجرؤ على الاقتراب من القصر أو اصحابه.

أعتقد أن عشقها للمجوهرات كان نوعا من التعبيرعن السلطة أكبر من كونه رغبة فى التحلى بالمجوهرات.

جمعتنى الصدفة ذات مرة بهذا الوزير فى رحلة رسمية لليمن، ولفت نظرى انه ارسل من يشترى المصوغات التقليدية الذهبية، وقد تخلت الكثير من فتيات وسيدات اليمن عن ارتداء هذه المصوغات، وتكتفى بعض الاسر باشتراط هذه المصوغات فى شبكة بناتهم فقط، فالمصوغات الذهبية التقليدية لا تصلح للارتداء الا لراقصات الفنون الشعبية، وهى باهظة الثمن جدا، لأنها تتكون من (حزام) من عشرات الجنيهات الذهبية الخالصة، وربما يتجاوز عدد الجنيهات به إلى مائة جنيه ذهب، بالاضافة للحزام فهناك (كوليه) كبير وثقيل ويتكون من عدة طبقات بحيث يصل إلى موضع الحزام، وتشمل المصوغات التقليدية (حلقان) ذهبية طويلة وثقيلة، واساور بنفس الثقل، باختصار لا يمكن لامرأة مصرية فضلا عن زوجة وزير أن تتحلى بمثل هذه المصوغات، ولكن زوجة الوزير تريد دوما اقتناء كل مجوهرات ومصوغات العالم.