بوابة الفجر

صحيفة إماراتية: البنية العسكرية الصلبة تتفق مع حجم مصر والتهديدات

بوابة الفجر

قالت صحيفة "ذى ناشيونال" الإماراتية، اليوم، إنّ البنية العسكرية الصلدة، والإنفاق على تطويرها بحجم بلد كبير، مثل مصر، لا يكذّب فقط مزاعم الاقتصاد المتعثر في البلاد، بل يبرهن الحاجة لمواجهة التقلب المستمر في الشرق الأوسط، وحاجة أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان لإبراز القوة كرادع للخصوم المحتملين.

 

وفى تقريرها بعنوان "البنية العسكرية للقاهرة مشروع قوة فى منطقة مضطربة"، قالت إنّ المحللون يربطون بين مشتريات مصر من الأسلحة، ومعظمها من الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وروسيا، لها علاقة أيضًا بالحفاظ على المكانة المحلية والإقليمية والدولية التي تأتي مع وجود جيش مجهز جيدًا.

 

وأنفق زعيم البلاد، الجنرال الذي أصبح رئيسًا عبد الفتاح السيسي، منذ أن تولى السلطة في عام 2014، مليارات الدولارات لشراء الأسلحة، وهي تتنوع بين الغواصات وناقلات الجنود والسفن الحربية والطائرات المقاتلة وأنظمة الدفاع الجوي وطائرات الهليكوبتر الهجومية.

 

بلغ تكلفة أحدث صفقة أسلحة في القاهرة - حوالي 24 طائرة مقاتلة من طراز "سو-35" الروسية، ملياري دولار، مع بدء التسليم العام المقبل، وفقًا لتقارير وسائل الإعلام الروسية هذا الأسبوع.

كما تُعد مشتريات الأسلحة إضافة إلى المساعدات العسكرية الأمريكية السنوية لمصر، والتي تصل إلى أكثر من مليار دولار سنويًا، وتم استخدامها منذ بدء البرنامج في أواخر سبعينيات القرن الماضي لشراء معظم الطائرات المقاتلة والمروحيات الهجومية والدبابات وناقلات الجنود المدرعة. .

 

وأضافت أنه من الأهمية بمكان أن فترة التسوق في مصر مصحوبة بعدد غير مسبوق من المناورات الحربية مع دول أجنبية، تشمل قائمتها على مدار السنوات الأربع الماضية الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا واليونان وروسيا والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت والأردن.

 

وجاءت سلسلة صفقات الأسلحة الأخيرة في الوقت الذي تم فيه تصنيف الجيش المصري من خلال العديد من المراكز الدولية على أنها الأقوى في العالم العربي وإفريقيا وكذلك في المرتبة 12 على مستوى العالم من بين 136 دولة.

 

ولا يمكن التقليل من أهمية التحديات الأمنية في مصر، ويبدو أن الرئيس السيسي يركز على صورة الدولة القوية في الداخل والخارج مع تحذير الجمهور من السماح بتكرار البلدان التي تعاني من النزاعات، مثل ليبيا وسوريا واليمن في بلدهم.

 

كما أشارت إلى أنّ أحد التحديات التي تواجه مصر هي المعركة المستمرة منذ سنوات ضد المتشددين في شمال شبه جزيرة سيناء، على الرغم من أن قوات الأمن نجحت في منع المتشددين من السيطرة على أي أرض، إلا أنهم يواصلون الكفاح لسحق التمرد بالكامل.

 

كما يأتى تهديد آخر من السودان مع نظرة مصر إلى جارتها في الجنوب بقلق كبير منذ استيلاء انقلاب عسكري عام 1989 بدعم من الإسلاميين على السلطة هناك، الأمر الذي أثار استياء مصر إلى حد بعيد، وأثار أحيانًا نزاعًا قديمًا على الحدود مع القاهرة، بينما كان يغازل خصومه الإقليميين مثل قطر وتركيا.

 

والآن، تخشى مصر من أن تؤدي ثلاثة أشهر من الاحتجاجات ضد الرئيس السوداني إلى سقوطه، مما يسمح للإسلاميين المتشددين بالتدخل وملء الفراغ، وتخشى القاهرة من أن يحول ذلك السودان إلى نقطة جذب للنشطاء، وفقًا للصحيفة الإماراتية.

 

كما أنّ هناك تهديد أكثر خطورة بالفعل في ليبيا، جارة مصر إلى الغرب، حيث تسببت انتفاضة في عام 2011 في فوضى كافية لإغراء الجماعات الإسلامية المسلحة على الانتقال إلى هناك ثم إرسال الأسلحة والجهاديين عبر الحدود الصحراوية التي يسهل اختراقها مع مصر لضرب في قوات الأمن والأقلية المسيحيين.

وضربت القوات الجوية المصرية من حين لآخر متشددين في شرق ليبيا، حيث تدعم القاهرة الجيش الليبي الوطني الذي يصف نفسه بنفسه في قتاله ضد المتشددين.

كما تابعت أنّ حماية حقول الغاز الطبيعي البحرية الواسعة في شرق البحر المتوسط ​​لا يقل أهمية بالنسبة لمصر، وقد تكون الحقول هي مفتاح الاستقرار الاقتصادي الذي تمس الحاجة إليه في مصر، كما أنها ذات أهمية حاسمة لإسرائيل ولبنان واليونان وقبرص- الأعضاء الآخرين في "تحالف للغاز" غير الرسمي.

 

وأضافت أنّ تركيا، التي تحتل الثلث الشمالي من قبرص، تضغط على مطالب للحصول على حصة من الغاز مع المواقف العدائية والتهديدات بالتدخل العسكري.

وصرح ميشيل حنا، الخبير فى الشؤون المصرية بمؤسسة "سينشر فاونديشن" مقرها نيويورك، بأنّ الإنفاق العسكري واضح بالنسبة لبلد من حيث الحجم والوضع الاقتصادي والقوة العسكرية.

وأضاف حنا، أن جيش مصر يعتمد على أسلحة كافية، ومن الصعب تبرير الحاجة الآن، على الرغم من السعى عمداً لتنويع مورديهم وتقليل الاعتماد على الولايات المتحدة".

كما أقرّ بأن تكديس الأسلحة المصري يهدف في الغالب إلى أن يكون رادعًا في كل من شرق البحر الأبيض المتوسط ​​والبحر الأحمر، حيث يشهد هذا الأخير عسكرة سريعة باعتبارها امتدادًا للحرب في اليمن بين تحالف بقيادة السعودية ودعم إيران للمتمردين الحوثيين.

 

ومن جهته، قال ديفيد بوتر، خبير شؤون الشرق الأوسط من مركز تشاتام هاوس الفكري في لندن: "لا أعتقد أنه من الضروري تحديد الأعداء المحتملين الفعليين، لكن التعزيز البحري المصري أمر منطقي بالتأكيد في ضوء الموقف التركي في الشرق الأوسط، والبحر الأحمر هو ساحة فيها عدد من الإمكانات.

 

وقال بوتر، إن التراكم البحري- الغواصات الألمانية والفرقاطات الفرنسية وناقلات قوات ميسترال- أصبح الآن أكثر منطقية بكثير مما كان عليه في الماضي، مع احتمال عدم الاستقرار في السودان وإعلان مصر هذا الشهر عن جولة لشراء النفط والغاز في منطقة البحر الأحمر.

وأضاف :"أعتقد أنها مسألة تتعلق بالبحر الأحمر الذى أصبح عسكرياً بشكل متزايد، وتسعى مصر لتأكيد وجودها البحري القوي على المدى البعيد، فعليهم أن تزن القوة المصرية في المنطقة مقابل مجموعة واسعة من المنافسين".

 

وكان من بين الدوافع الأخرى لتراكم الأسلحة في مصر إبراز صورة قوة إقليمية قوية ودعم تأكيداتها المتكررة في كثير من الأحيان بأن أمن منطقة الخليج لا ينفصلتم عن أمنها، وقالت مصر إنها ستقدم المساعدة من الحلفاء العرب الخليجيين إذا واجهت "تهديدًا"، في إشارة غير مباشرة إلى إيران غير العربية، التي كان نفوذها المتزايد في المنطقة مصدر قلق للقاهرة وعواصم الخليج. .

 

وأوضح بيتر ويزيمان، باحث أول بمعهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام في المعهد، أن "الاستحواذات العسكرية قد يعتبرها الجيش المصري وسيلة لتعزيز موقعهم كفاعل سياسي مركزي ولأسباب هيبة داخلية". كما أشار السيد وايزمان إلى حماية نصيب مصر من مياه النيل، والتي تقول القاهرة إنها مهددة بسد ضخم تقوم ببنائه إثيوبيا.

 

ومع ذلك، قال حنا، إن خوض حرب ضد دولة أخرى، سواء تركيا على الغاز أو إثيوبيا على النيل، ليست على الورق.

 

وقال حنا "في العقود الأخيرة، كانت الأعمال العسكرية في مصر ضد الجهات الفاعلة من غير الدول، في حين أن موقفها يهدف إلى أن يكون بمثابة رادع في البحر الأبيض المتوسط ​​والبحر الأحمر"،مضيفاً أنّ الصراع بين الدول سيكون مدمرا في الوقت الحالي، ومن الصعب للغاية تصور مثل هذا السيناريو."