بوابة الفجر

"سكريبال".. من جاسوس مزدوج إلي مفجر أكبر أزمة دبلوماسية في العالم


 

في الرابع عشر من مارس المنصرم، تفجرت أزمة دبلوماسية جديدة، باتت الأقوي على الساحة الدولية، حيث أعلنت بريطانيا، سلسلة من الإجراءات العقابية لموسكو، والتي شملت طرد 23 دبلوماسيًا روسيًا وإمهالهم أسبوعًا للمغادرة، وإلغاء لقاءً مع وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، وتهديدات بتجميد أصولاً لروسيين يعيشون في لندن، ومقاطعة أعضاء العائلة الملكية ورئيسة الحكومة الوزراء لكأس العالم المقرر إقامته في روسيا.

 

بداية الأزمة

وكانت بداية الأزمة، حين عثر شرطي بريطاني، على الجاسوس سيرجي سكريبال وابنته يوليا، على مقعد بمركز تجاري في ساليسبري، فاقدان للوعي.

 

جاسوس مزدوج

عقيد سابق بالمخابرات الروسية، طلب اللجوء إلى بريطانيا عام 2010، ألقى الأمن الفيدرالي الروسي، القبض عليه عام 2004، بتهمة خيانة العملاء الروس لصالح الاستخبارات البريطانية، وحكمت عليه بالحبس 13 عامًا في عام 2006، وأعفى عنه الرئيس الروسي وقتذاك ديميتري مدفيديف، لاستبداله بـ10 عملاء روس محتجزين بواشنطن في أكبر عملية استبدال جواسيس منذ الحرب الباردة.

 


سيناريوهات مختلفة

وتعددت السيناريوهات حول هذا الحادث الغامض، والتي كان آخرها ما نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، حول احتمالية وضع المادة السامة على مقبض باب منزل الجاسوس المزدوج وإصابة الضحيتين، بينما ذكرت صحيفة "ميرور" الإنجليزية، إن يوليا أصبحت غنية فجأة بعد وصولها إلى حساب بنكي سري، يحتوي على 150 ألف جنيه استرليني قبل أيام من تعرضها للحادث.


من أزمة على جاسوس مزدوج إلي حرب دبلوماسية

كانت روسيا قد ردت بالمثل بالفعل على بريطانيا وطردت 23 من دبلوماسييها، واستدعت الخارجية الروسية السفير البريطاني لوري بريستو، كما طردت موسكو 59 دبلوماسيًا من 23 دولة أخرى لدعمها بريطانيا، ودعت السفارة الروسية مواطنيها المقيمين في بريطانيا والذاهبين إليها بتوخي الحذر.

 

أكبر إعلان طرد جماعي لدبلوماسيين بالتاريخ

وتسارعت وتيرة الأحداث بسرعة فائقة، حيث تحولت من أزمة على جاسوس مزدوج إلي حرب دبلوماسية، والتي بدأت باتهامات بريطانية، وتحفظ روسي بحقها في الرد، ثم تدخل الولايات المتحدة بطرد سفير موسكو لديها، وصولًا إلي طرد أكثر من 130 دبلوماسيا من 24 دولة منهم دول الاتحاد الأوروبي لبريطانيا.

"سكريبال".. من جاسوس مزدوج إلي مفجر أكبر أزمة دبلوماسية في العالم

 

"جوليا" كلمة السر

وكانت في الثالث من مارس، وصلت يوليا سكريبال، على متن طائرة روسيا إلى لندن، وكشفت شرطة مكافحة الإرهاب في بريطانيا، كلمة السر في الأزمة، حيث كانت ابنه الجاسوس "سكريبال" هي الوسيلة الأساسية في تنفيذ عملية الاغتيال، وأكدت الشرطة، أن السم المستخدم في محاولة الاغتيال، وضع في حقيبة "يوليا" قبل مغادرة موسكو، مشيرة إلي أنها وصلت إلى منزل والدها، وفي اليوم التالي، وعثر عليهما أمام مركز تجاري في مدينة سالزبري فاقدي الوعي، وتم نقلهم إلى المستشفى.


أول تصريح لـ"يوليا" بعد حادث التسمم

وقالت يوليا سكريبال، في أول تصريح لها بعد حادثة التسمم منذ قرابة شهر، "لقد عدت للوعي منذ أكثر من أسبوع، ويسرني الآن أن أقول إن قوتي تزداد يومًا بعد يوم".


نتائج التحقيقات

وأكد مدير مختبرات "بورتون داون" البريطانية، غاري إيتنهيد، أن المادة "نوفيتشوك" المستخدمة بتسميمهما مادة مشلة للأعصاب للاستخدام في أغراض عسكرية، مؤكدة بأنه يعود للحقبة السوفيتية، لكنه ذكر بأن العلماء لم يتمكنوا من معرفة موقع تصنيعها.


وأشار "إيتنهيد"، إلي أن عملنا يقتصر على تزويد الأدلة العلمية حول طبيعة غاز الأعصاب، لكن وظيفتنا لا تتضمن تحديد موقع تصنيعه.


فيما أوضحت صحيفة "the sun" البريطانية، قيام "سكريبال"، بلقاء سري في مدينة سالزبوري قبل وقوع الحادثة، ووجود أجهزة الهاتف الخاصة به وبابنته "يوليا"، خارج التغطية لما يقارب الأربع ساعات، معللة ذالك بأن التفسير والتحليل الأكثر إقناعًا ومنطقية، هو أن أطفئت بشكل مقصود صباح يوم الحادثة، لأنهم كانوا يريدون اللقاء بأحد ما، وأرادوا البقاء بعيدًا عن الأنظار، وهذا يتطابق مع أسلوب العمل المتبع من قبل "سكريبال".


سابقة اغتيال روسية بنفس الطريقة

والجدير بالذكر أن محاولة الاغتيال الجديدة، تشابهت مع قضية اغتيال جاسوس المخابرات الروسية السابق، ألكسندر ليتفينينكو، الذي كان معارضاً للرئيس فلاديمير بوتين، ومات في لندن في عام 2006، عقب تناوله شاياً أخضر ملوثاً بمادة "البولونيوم-210" المشعة.