بوابة الفجر

"حماية المنافسة" يدرس إنتاج سوق الأسمنت عن الفترة 2013-2017


يقوم جهاز حماية المنافسة في مراقبة الأسواق ذات الأولوية بصفة دورية بإعداد تقارير استقصائية عن أوضاع المنافسة داخل عدد من الأسواق الأساسية، وذلك؛ لبحث مدى توافقها مع قانون حماية المنافسة، وبهدف الكشف عن الممارسات التي من شأنها الحد من المنافسة أو تقييدها.


ونظرًا لما أثير مؤخرا عن شبهة وجود ممارسات احتكارية في سوق الأسمنت، وإيمانا من الجهاز بأهمية المشاركة في إتاحة المعلومات والحقائق؛ أوضحت الدكتورة منى الجرف، أنه قد يكون من المفيد مشاركة الرأي العام -الآن-بعض نتائج الدراسة التي قام بها عن سوق الاسمنت خلال الفترة من 2013 – 2017، والتى قد تساعد فى تفسير ما يشهده سوق الإسمنت حاليا من اضطرابات وتغيرات، وفى ذات الوقت يقوم الجهاز باستكمال البحث ليشمل الأسابيع الأخيرة. 

وقد جاءت أهم النتائج على النحو التالي:

أولا: زيادة المنافسة في سوق الاسمنت وتراجع نسب التركز والسيطرة؛ فقد زادت عدد الشركات من 13 شركة عام 2008 إلى 22 شركة في عام 2017، مع توقع مزيد من الزيادة مع طرح الحكومة لعدد 11 رخصة لإنشاء مصانع جديدة في يناير 2017، وتوقع تشغيل مصنع بني سويف خلال الأشهر القادمة والذي يعد الأكبر في مصر بإجمالي ستة خطوط إنتاج وبطاقة إنتاجية تبلغ نحو 13 مليون طن سنويا (لتمثل نحو 30% من إجمالي الطاقة الإنتاجية الحالية)، وهو ما سيساهم بمزيد من المنافسة في هذا السوق. 

وبدون الدخول في تفاصيل فنيه أو علمية، انخفضت بالفعل كافة مؤشرات التركز المختلفة بسوق الاسمنت، وهي المؤشرات التي تقيس درجة سيطرة أو هيمنة شركات محدودة على النصيب الأكبر من الإنتاج في السوق، وهذا بدوره ما يؤكد زيادة المنافسة وانخفاض قدرة الشركات الكبرى على التحكم فى الكمية المعروضة من الإسمنت محليا.

كما أوضحت الدراسة تراجع الحصص السوقية للشركات الكبرى في السوق فقد تراجع نصيب لافارج عام 2017 بنحو 36% من حصتها عام2008 من إجمالى سوق الإسمنت، ومجموعة السويس انخفضت حصتها بنحو 50% مما كانت عليه في بدابة الفترة. 

وفى ذات الوقت تضاعفت حصة شركات أخرى مثل السويدي واسمنت بني سويف، كما نجحت شركات جديدة كاسيك المنيا للإسمنت، وشركة جنوب الوادى وشركة صناعات مواد البناء، واسمنت النهضة في الدخول إلى سوق الإنتاج؛ بما يؤكد حرية الدخول والمنافسة في سوق الإسمنت.

ثانيا: ارتفاع تكاليف الإنتاج بمعدلات فاقت الارتفاع في أسعار بيع أرض المصنع، ومن ثم انخفاض هامش الربح التشغيلي في المتوسط لشركات الإنتاج، حيث جاءت بيانات الشركات العاملة بالسوق (باستثناء شركتي العريش والقومية ؛ لعدم توافر بياناتها) لتؤكد ارتفاع تكاليف الإنتاج خلال فترة البحث بشكل واضح والتى كان لقرار رفع الدعم عن الطاقة وفقا لخطة الإصلاح الاقتصادي أثرا واضحا بها؛ حيث تمثل الطاقة وحدها نحو 60% من تكلفة الإنتاج. 

وقد انعكس ذلك على متوسط هامش الربح التشغيلي (يعبر عن مدى قدرة الشركات على الثبات أمام التغيرات السوقية وتحقيق النمو) لشركات الإنتاج في سوق الاسمنت خلال عام 2017 ليصل إلى ادني مستوى له من 19% إلى 6%،خلال الفترة 2013-2017، بل وقد حققت بعض الشركات هامش ربح تشغيلي يصل الى الصفر في عام 2017. 

ثالثا: تراجع الإنتاج المحلى لشركات الإسمنت خلال عام 2017 مقارنة بعام 2016، على أثر انخفاض الطاقة الإنتاجية المستغلة بنسبة 2%، إلا انه أنه لم تتوافر لدى الجهاز اى قرينة على الاتفاق بين الشركات التى قامت على تخفيض طاقتها المستغلة والتى لم تتعد حصتها السوقية 17% من المبيعات. 

وقد أرجعت الدراسة ما قامت به هذه الشركات إلى ما واجهته من تحديات ناجمة عن التغيرات الكبيرة في تكاليف الإنتاج سواء الناتجة من رفع الدعم الحكومي عن منتجات الطاقة من جهة، او تلك المترتبة على رفع سعر العملة الأجنبية والتي أثرت على مستلزمات الإنتاج المستوردة من جهة أخرى، فضلا عن عدة عوامل أخرى منها إجراءات الصيانة للماكينات ولتشهد الأسابيع الأخير في عام 2018 مزيدا من التراجع في الطاقة الإنتاجية الفعلية مع توقف-جزئى- فى إنتاج عدد من الشركات في إطار العملية الشاملة بسيناء، وبالشركة القومية للإسمنت؛ حيث لا تتوافر بيانات دقيقة عن إنتاج هذه الشركات.

رابعا: طبيعة الاسمنت البورتلاندى الرمادي فهو منتج فريد لا يتوافر له بدائل أخرى، خاصة مع تفضيل المنتج المحلى عن المستورد، وهو الأمر الذي يترجم فى انخفاض مرونة الطلب السعرية له (أي ان ارتفاع السعر لا يؤثر بشكل كبير على الطلب عليه) ويفسر الى حد كبير تزامن وتقارب أسعار الاسمنت - عند ارتفاعها- في السوق المحلى.

وبناء عليه يؤكد جهاز حماية المنافسة زيادة تنافسية سوق إنتاج الاسمنت خلال الفترة 2013-2017 بزيادة عدد الشركات العاملة بالسوق، وتغير الحصص السوقية لها،وانخفاض نسب تركز المبيعات في عدد محدود من الشركات، بل ودخول الكثير من الشركات الجديدة إلى السوق، بالإضافة إلى وجود الكثير من العوامل التي ساهمت فى ارتفاع تكاليف إنتاج الشركات بمعدلات فاقت معدلات الزيادة فى الأسعار، ومن ثم انخفاض هامش ربحية التشغيل الذي دفع بدورة بعض المصانع لتقليص طاقاتها الإنتاجية الفعلية. 

وأخيرا: لا يمكن إغفال ما تقوم به بعض الشركات المنتجة للإسمنت – في الوقت الحالى- من إجراءات استباقية برفع سعر البيع للحفاظ على العائد على استثماراتها وتحقيق هامش ربح يمكنها من الاستمرار في السوق، في ظل ارتفاع أسعار الطاقة- المخطط له- في يوليو القادم، في إطار خطة الحكومة المعلن عنها لرفع الدعم على الطاقة بشكل تدريجى، واحتدام وشراسة المنافسة مع دخول مصنع الاسمنت المرتقب- بطاقة إنتاجية تقارب ثلث الطاقة الحالية- في الشهور القليلة القادمة.