بوابة الفجر

هل يحكم السويدى وزارة الصناعة؟

المهندس طارق قابيل
المهندس طارق قابيل - وزير التجارة والصناعة

قرارات الوزير تحمى كبار المحتكرين وتتسبب فى رفع الأسعار

1- برر انخفاض معدلات الصادرات بعد التعويم بتغطية احتياجات السوق المحلية

2- وافق على تحمل نصف تكلفة نقل صادرات الأسمنت.. ورسوم الإغراق رفعت أسعار السيارات والأجهزة الكهربائية والعقارات

3- لوبى الوزير بالبرلمان يضغطون لخفض أسعار الغاز وإلغاء الضريبة العقارية للمصانع

4- رفض الرسوم المفروضة على شركات الحديد والأسمنت والرخام بـ«قانون التأمين الصحى»

5- وضع استراتيجية تخدم 4 شركات كبرى فقط فى صناعة السيارات


جاء طارق قابيل، وزير التجارة والصناعة، من القطاع الخاص حيث شغل عدة مناصب مهمة فى شركات عديدة منها شركة بيبسى كولا، والمراعى وبروكتر أند جامبل، وغيرها، ما يفسر القرارات والسياسات التى يتبعها والتى تأتى غالياً لصالح مجتمع الشركات وكبار المحتكرين والمتلاعبين بالسوق.

منذ اليوم الأول لقابيل فى المنصب، تتركز كل جهوده فى تنشيط الحركة الاقتصادية التجارية مع مختلف دول العالم، فيما لا ينال القطاع الصناعى اهتمام الوزير رغم أن القطاع يحظى باهتمام أعلى القيادات فى الدولة والحكومة، لأنه قاطرة التنمية القادرة على حماية الاقتصاد الوطنى.

ظهر الأمر بوضوح فى عدة قرارات أصدرها قابيل، لصالح كبار التجار والمصنعين المتحكمين والمتلاعبين بالأسواق، فيما اقتصر دعمه لتنمية الصناعة على ترديد استراتيجية مكتوبة يسردها الوزير حين يسأله أحدهم عن القطاع.

الدعم الذى يناله رجال الأعمال من الوزير يأتى على حساب المواطن البسيط، فأثر قراراته كان رفع الأسعار وتأثر صناعات أخرى، والمثير فى الأمر أن قرارات قابيل تضر بالموازنة العامة للدولة والتى تعانى من نسبة عجز كبيرة.


1- الوزير يدعم الصادرات ويهتم بالصناعة على الورق

فى سبتمبر 2015، تولى قابيل مسئولية وزارة التجارة والصناعة وكانت أولى تصريحاته تؤكد أن ملف تنمية الصادرات ومعالجة أسباب انخفاض معدلاتها على رأس أولويات الوزارة، وأنه ستتم مراجعة منظومة دعم الصادرات لتكون أكثر فاعلية لخدمة وتنمية قطاع التصدير ما يؤدى لرفع القدرة التنافسية للقطاع وفتح مزيد من الأسواق أمام المنتجات المصرية، ورغم اتخاذ قرار تحرير سعر الصرف، والذى حقق منه المصدرون أكبر فائدة ممكنة إلا أن الصادرات لم تشهد النمو المفترض.

العجيب فى الأمر أن مبرر الوزير فى ذلك، أن المنتجات المحلية التى كان يتم تصديرها، تم توجيهها لتلبية احتياجات السوق المصرى، وهو أمر غير حقيقى، لأن أبسط مثال على ذلك أنه رغم قرار الحكومة بفرض رسوم تصدير بنسبة 100% على صادرات الأسماك، إلا أن حركة التصدير استمرت نظراً للأرباح الهائلة التى يحققها التجار بعد التعويم.

من ناحية أخرى فإن الوزير أعلن أنه يستهدف الوصول بدعم الصادرات البالغ بالموازنة حالياً 2.6 مليار جنيه لـ6 مليارات جنيه، وتقدمه الحكومة لرجال الأعمال، ما يمثل إهداراً للمال العام ويجب إلغاؤه، لكن رجال البيزنس يستخدمون فكرة أنهم يزيدون الحصيلة الدولارية كوسيلة للضغط على الحكومة.


2- قرارات لصالح لوبى الصناعات كثيفة الطاقة

رغم تقصير المصدرين فى الاستفادة من فرصة تعويم الجنيه لزيادة الصادرات، إلا أن الوزير واصل إصدار قراراته الداعمة لهم وفى نوفمبر الماضى قرر قابيل دعم تكاليف شحن الصادرات لأسواق العراق وليبيا بنسبة 50%، وكان المبرر هو المساهمة فى زيادة صادرات السوقين بنسبة 25%.

وعلى الصعيد نفسه وافق قابيل على تحمل 50% من تكاليف نقل صادرات الأسمنت استجابة لاقتراح الاتحاد المصرى للتشييد ومواد البناء، وكان المبرر هو زيادة تلك الصادرات للأسواق الإفريقية فى إطار اتجاه الدولة لتعزيز العلاقات مع دول القارة السمراء.

وكان رجال الاعمال العاملون فى مجال الأسمنت تقدموا للحكومة بمقترحات لدعم الصادرات، مستندين لارتفاع أسعار الطاقة وتحديداً الغاز الطبيعى والكهرباء ومن ثم ارتفاع تكلفة الإنتاج، رغم الأرباح الخيالية التى يحققونها من السوق.

والمثير أن هؤلاء كانوا يدعون أن صادرات الأسمنت خلال العام الجارى سجلت صفرا، فى حين أن الأرقام الرسمية لهيئة الرقابة على الصادرات والواردات تقول إن صادرات الأسمنت سجلت 72 مليون دولار حتى سبتمبر الماضى.

ومن ضمن القرارات الغريبة التى أثارت الجدل، قرار قابيل فى أغسطس الماضى بفرض رسم إغراق على ألواح الصاج والذى يصب فى مصلحة كبار منتجى الحديد والصلب، رغم التحذيرات الشديدة من أصحاب الحرف والمستوردين بأن القرار سيتسبب فى رفع الأسعار وإغلاق عدد من المحال والورش، كما أنه سيؤثر على الصناعات المغذية، وهو ما انعكس على أسعار السيارات بالفعل.

والعجيب أن غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، رفضت القرار وتقدمت بمذكرات للوزير، قالت فيها إن قراره يؤثر سلباً على الصناعة الوطنية التى تحتاج لتوافر ألواح الصاج، وأن القرار يؤدى لارتفاع جنونى فى أسعار الأجهزة الكهربائية.

وواصل قابيل قراراته التى دائماً مايبررها بحجة دعم وحماية الصناعة الوطنية، وأنه يصدر القرار بناء على تحقيقات رسمية يقوم بها جهاز مكافحة الإغراق، وذلك فى سبتمبر الماضى بعد أن تلقى شكوى من وليد هلال، عضو المجلس التصديرى للكمياويات وصاحب مصنع الهلال والنجمة للبلاستيك، يفيد بأن منتجات الميلامين والبلاستيك تحقق خسائر فادحة نتيجة المنافسة مع المستورد.

وهو ما نتج عنه قرار بفرض رسوم إغراق من 14 لـ15% على الصوانى الميلامين والمنتجات البلاستيكية القادمة من الصين وماليزيا لمدة 5 سنوات بحجة حماية المنتج المحلى.

وجاءت آخر القرارات لصالح كبار منتجى الحديد خلال الشهر الجارى والخاصة بفرض رسوم إغراق على واردات حديد التسليح من دول الصين وتركيا وأوكرانيا لمدة 5 سنوات أيضاً، وهو القرار الذى جاء بعد شكاوى من المنتجين والمصنعين المحليين خاصة غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات، رغم أنه من المعروف أن المستفيدين هم شركات حديد عز وأحمد أبو هشيمة والجارحى فى الوقت الذى يحتاج فيه السوق للمنتجات المستوردة لتحقيق الاكتفاء الذاتى.

وتسبب الإعلان عن تنفيذ القرار لفترة مؤقتة قبل صدوره بشكل نهائى لارتفاع سعر الحديد ليقترب من 11 ألف جنيه للطن، وترك المستهلك فريسة لكبار المحتكرين مع ارتفاع سعر المستورد، وهناك توقعات ببلوغ السعر 15 ألف جنيه خلال الفترة المقبلة، الأمر الذى برره قابيل بارتفاع سعر البليت عالمياً.


3- اقتراح لقابيل يتسبب فى خسائر 2 مليار دولار لإيجاس

قبل أن تعلن الحكومة فى مارس 2016 عن قرارها بتخفيض سعر الغاز لمصانع الحديد والصلب، كان الوزير قابيل أحد أهم من ساهموا فى صدور القرار الذى لم تتمكن الحكومة من تنفيذه بسبب رفض الشركة القابضة للغازات الطبيعية «إيجاس» له، وربطته بتحقيق الاكتفاء الذاتى من الغاز الطبيعى والاتجاه لوقف الدعم لترشيد الاستهلاك.

وتستهلك الصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة وهى الحديد والأسمنت والسيراميك والأسمدة حوالى ثلث إنتاج مصر من الغاز الطبيعى، وحسب التقرير السنوى لشركة إيجاس بلغ إجمالى استهلاك الصناعة من الغاز خلال العام المالى 2015/2016 نحو 379 مليار قدم مكعب سنوياً، نصيب الحديد والصلب 45 مليار قدم مكعب، والأسمدة 104 مليار قدم مكعب، والأسمنت 31 مليار قدم مكعب.

وتقول تقديرات الخبراء إن تخفيض سعر الغاز لمصانع الحديد يكلف الدولة ما يتراوح بين 500 مليون دولار وأكثر من مليار دولار سنوياً، حيث تقدر تكلفة استيراد الحكومة للغاز من الخارج 12 دولارا لكل مليون وحدة حرارية فى وقت يتم بيعه لقطاع الصناعة بـ7 دولارات قبل التخفيض، ولكن الوزير يفخر بأنه يحارب أى قرار لتقليل الدعم الذى يحصل عليه أصحاب تلك المصانع وتتحمله الموازنة.

ويستخدم منتجو الحديد فكرة أن أقصى سعر للغاز هو 3 دولارات، وأن الدول المصدرة لمصر وهى الصين وتركيا وأوكرانيا تعتمد على الفحم ما يزيد حدة المنافسة فى السوق العالمى، لكن إذا تم تخفيض سعر الغاز ستنخفض التكاليف ويتراجع سعر الحديد وتزداد الصادرات.

والجديد فى الملف أن تنظيمات رجال الأعمال تضغط على الحكومة، حالياً، لتخفيض سعر الغاز، للصناعة بكاملها وليس لمصانع الحديد والصلب فقط، مبررة ذلك بارتفاع أسعار الخامات والإنتاج وتراجع المبيعات، حيث يطالب أصحاب مصانع الطوب والسيراميك والزجاج والأسمدة بالاستفادة من التخفيض، الأمر الذى يؤدى لخسارة شركة «إيجاس» حوالى 2 مليار دولار سنوياً تمثل الفارق بين السعرين.

ودخل البرلمان على الخط من خلال لجنة الصناعة والتى تقدمت لها شعبة السيراميك بغرفة مواد البناء باتحاد الصناعات، بدراسة حول التحديات التى تواجهها مطالبة بتخفيض سعر الغاز لها.

ومن ناحية أخرى أبدى الوزير استياءه من بنود قانون التأمين الصحى الجديد خلال مشاركته فى اجتماع للجنة الصناعة بمجلس النواب الأسابيع الماضية، والتى تحمل مصانع الأسمنت والحديد والرخام رسوماً على قيمة كل طن لتمويل النظام.


4- إعفاء المصانع من الضريبة العقارية

ويعتبر قابيل من أبرز المؤيدين لمقترح إلغاء الضرائب العقارية المفروضة على المصانع، وذلك بناء على طلبات من جانب الصناع المحليين والذين يبررون ذلك بمعاناتهم من الأوضاع الاقتصادية الصعبة والركود.

وتضغط لجنة الصناعة بمجلس النواب على الحكومة لتنفيذ المقترح، ووصل الأمر للإعلان عن مشروع قانون لذلك، وهو ما ترفضه وزارة المالية وتؤكد أنه ليس لديها أى توجه فى هذا الإطار فى ظل تراجع حصيلة الضرائب العقارية بشكل عام والرغبة فى توسيع قاعدة المجتمع الضريبى وزيادة إيرادات الموازنة.


5- استراتيجية صناعة السيارات لصالح 4 شركات

شهدت الاستراتيجية التى أعدتها وزارة التجارة والصناعة لتعميق صناعة السيارات حالة تعثر مفاجئ منذ مارس الماضى، وتوقفت مناقشاتها فى لجنة الصناعة بالبرلمان، وكان السبب الرئيسى هو اعتراض مصنعى السيارات على البنود الموجودة فى القانون والمتعلقة بالتصدير وتحديد كميات الإنتاج.

ويتحدد وفقاً لهذه البنود الإعفاءات المقررة وهى أكبر من طاقة الطلب بالسوق وبذلك تستفيد كبرى الشركات ورجال الأعمال فقط من القانون وهم غبور ونيسان وجنرال موتورز وبافاريا.

وبالاضافة إلى ذلك كانت إحدى أهم مشكلات الاستراتيجية أن القانون يزيد من نسبة الضريبة على الشركة المصنعة المستفيدة من الحوافز المنصوص عليها، وبالتالى سيتم تحميلها على المواطن فى النهاية ما يرفع أسعار السيارات فى السوق.

ولذلك اضطر قابيل فى النهاية وخوفاً من الطعن بعدم دستورية تلك الضريبة لسحب الاستراتيجية لأنه لايجوز فرض ضريبة بحد ذاتها ويجب أن تورد لموازنة الدولة ولكنها فى القانون تذهب لصندوق تنمية السيارات.