بوابة الفجر

"الشايع": "إذا كان يوم حار.. ما أشد حر هذا اليوم" حديث منكر

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

نبَّه الدكتور خالد بن عبدالرحمن الشايع، الأمين العام المساعد للهيئة العالمية للتعريف بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ونصرته، ضعف حديث متداوَل عن حرارة الجو، مبينًا ما يغني عنه من الأحاديث الصحيحة عن الرسول عليه الصلاة والسلام.

وقال الشايع في بيان بهذا الخصوص إنه لاحظ تكرار تداول حديث، يُنسب إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وانتشاره بين الناس عبر رسائل الهاتف، وفي مواقع التواصل، وهذا نصه: (إذا كان يوم حار فقال الرجل: لا إله إلا الله ما أشد حر هذا اليوم، اللهم أجرني من حر جهنم. قال الله عز وجل لجهنم: إن عبدًا من عبيدي استجار بي من حرك فإني أشهدك أني قد أجرته).. إلخ.

وأوضح الشايع أن هذا الحديث بهذا السياق لا يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بل هو منكر. وقد خرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة"، والبيهقي في "الأسماء والصفات"، وله ألفاظ مقاربة، وضعَّفه غير واحد من أهل العلم كالسخاوي في "المقاصد"، والعجلوني في "كشف الخفا"، وقال الألباني في "السلسلة الضعيفة": منكر.

وزاد الشايع: "الدعاء الذي فيه والفضل لمن دُعي به جاء في حديث صحيح، يغني عنه كما سأذكره بإذن الله؛ لذا فلا يجوز نشر ذلك الحديث ولا تداوله إلا لبيان ضعفه ونكارته".

وقال: "وهذا من ضرورة الاحتياط لأحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والحذر من نسبة شيء غير صحيح إليه؛ فهذا فيه وعيد شديد كما يدل عليه الحديث المتواتر، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن كذبًا عليَّ ليس ككذبٍ على أحد؛ من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار". رواه البخاري ومسلم.

وبيَّن الشايع أنه يغني عن الحديث المشار إليه في البداية ما رواه أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من سأل الله الجنةَ ثلاث مرات قالت الجنة: اللهم أدخله الجنة. ومن استجار من النار ثلاث مرات قالت النار: اللهم أجره من النار". خرجه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه وصححه ابن حبان والحاكم، وصححه أيضًا الألباني والأرنؤوط.

وقال: "والمؤمن يتذكر ويتدبر في تقلبات أحواله ما يذكِّره بالآخرة، وبالجنة وبالنار؛ ليستقيم على الطاعات. وهذا ما يشير إليه ما ثبت في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (اشتكت النار إلى ربها فقالت: يا رب أكل بعضي بعضًا؛ فأذن لها بنفَسَين: نَفَس في الشتاء، ونَفَس في الصيف، فأشد ما تجدون من الحر من سموم جهنم، وأشد ما تجدون من البرد من زمهرير جهنم)".

وأضاف: "الاستجارة بالله من نار الجحيم هي ديدن عباد الرحمن الأبرار الذين أثنى عليهم في كتابه فقال سبحانه: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا} (الفرقان: 65)؛ فهؤلاء الأبرار مع طاعتهم مشفقون خائفون من عذاب الله؛ فهم يدعون الله تكرارًا في صلواتهم ومختلف أحوالهم أن ينجيهم الله من عذاب النار بأن يجنبهم المعاصي، ويغفر لهم ما اقترفوه منها؛ فإنها سبب العذاب في النار".

وبيَّن أن العلامة ابن رجب - رحمه الله - قال: "وقد جعل الله تعالى ما في الدنيا من شدة الحر والبرد مذكرًا بحر جهنم وبردها، ودليلاً عليها؛ ولهذا تستحب الاستعاذة منها عند وجود ذلك". انتهى.

وأوضح أنه يشرع للمؤمن أن يكثر من دعاء الله بسؤاله الجنة والاستعاذة من النار مطلقًا؛ لعموم دلالة الآية والحديث المتقدم، ويدعو في المواضع التي جاء بها النص كما في آخر الصلاة قبل السلام؛ إذ قال عليه الصلاة والسلام: "إذا فرغ أحدكم من التشهد الآخر فليتعوذ بالله من أربع: من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن شر المسيح الدجال" رواه مسلم.

وقال: "ويجدر بالمؤمن مع شدة الحاجة لتبريد الجو في المساكن ونحوها أن يستشعر أيضًا نعمة الله بتيسير مكيفات الهواء، وأن يتلمس حاجات المحتاجين الذين لا يستطيعون شراء المكيفات وأجهزة التبريد، أو لا يستطيعون دفع فواتير الكهرباء لقلة ذات اليد؛ فهذا من الإحسان المحبوب عند الله الجالب للرزق والتوفيق، كما قال عليه الصلاة والسلام: (هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم)" رواه البخاري. وفي رواية النسائي: "بدعواتهم وصلاتهم وإخلاصهم".

واختتم بقوله: "والله المسؤول أن يوفقنا جميعًا لما يرضيه، وأن يجنبنا معاصيه، ويقينا عذاب الجحيم، وأن يحفظ على بلادنا أمنها وإيمانها وقيادتها واستقرارها ورخاءها. وصلى الله وسلم على نبينا محمد".