بوابة الفجر

التاريخ الأسود لإيران.. مجازر جماعية وإعدامات.. و"خامئني" كلمة السر

خامئني
خامئني

تعتبر إيران، من أكثر دول العالم التي تقبل على إعدام مواطنيها وبخاصة تصفية المعارضة، إلا أنها ازدادت في الأفعال الإجرامية والوحشية، فضلًا عن تزايد الإعدامات، فحسب الإحصائيات والتقارير، فإن تاريخ إيران حافل بالمجازر الجماعية، حيث أعدم النظام الإيراني نحو 30 ألف معارض سياسي إيراني دون محاكمة عادلة عام 1988، إلى أن وصلت حالات قضايا الإعدام خلال النصف الأول من عام 2015 إلى نحو 753 حالة شبه مؤكدة، وتخطى العدد الأضعاف، مع نهاية عام 2016.

 

فتوى سرية لـ"الخميني"

البداية، حينما أصدر المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية، آية الشيطان الخميني، فتوى سرية قبل تنفيذ عمليات الإعدامات بوقت قصير، لإضفاء الشرعية على عمليات الإعدام، جاء فيها أن أعضاء "مجاهدي خلق" يحاربون الله، واليساريون مرتدون عن الإسلام، وأن "أعضاء منظمة مجاهدي خلق لا يعتقدون بالإسلام وإنما يتظاهرون به، وبالتالي نظرًا لشنّ منظمتهم الحرب العسكرية على الحدود الشمالية والغربية والجنوبية لإيران، ولتعاونهم مع صدام في الحرب، والتجسس ضد إيران، ولصلتهم مع القوى الغربية للمطالبة بالاستقلال؛ فإن جميع أعضاء منظمة مجاهدي خلق الذين ما زالوا يدعمون خلق ومواقفها فهم مشمولون باعتبارهم مقاتلين أعداء، ونحتاج إلى تنفيذ أحكام الإعدام بشأنهم".

 

إعدام 30 ألف معارض سياسي

واستنادًا على فتواه، في 22 أغسطس 1988، أعدم النظام الإيراني نحو 30 ألف معارض سياسي إيراني دون محاكمة عادلة، استنادًا إلى فتوى مرجعهم الهالك آية الشيطان الخميني، التي كانت بمنزلة الضوء الأخضر لارتكاب جريمة وصفها مراقبو حقوق الإنسان الدوليون بأنها الأشد بشاعة وسوءاً منذ الحرب العالمية الثانية.

 

وترجع الحادثة إلى مطلع 1988، حيث استمرت نحو خمسة أشهر متواصلة، تم خلالها إعدام آلاف السجناء السياسيين، وهو ما ترتب عليه اندلاع أعمال عنف وشغب في ربوع إيران، برغم محاولات النظام أن تمر الإعدامات في سرية تامة، مع إنكارها المستمر، وخلق أسباب لتبرير إقدام النظام على الإعدامات بحق السجناء السياسيين، غير أن منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية رفضت تبريرات النظام، وعلى رأس تلك المنظمات "العفو الدولية" التي أكدت رسمياً اختفاء أكثر من 4482 سجينًا.

 

جماعات المعارضة الإيرانية أشارت إلى أن عدد السجناء الذين تم إعدامهم أكبر بكثير مما ذكرته منظمة العفو الدولية، في إشارة إلى أن النظام الإيراني أعدم ما بين 8 آلاف إلى 30 ألف سجين سياسي.

 

ادعاءات النظام الإيراني

ورغم ذلك، دائمًا ما يسعى النظام الإيراني، إلى تبرير المجازر وإعدامات المعارضة، وهنا بررت الإعدامات بحق المعارضة السياسية، فحرصت على الترويج لانتمائهم إلى حركة "مجاهدي خلق"، وذيلت ذلك بكونهم إرهابيين، إلا أن هذه التفسيرات لم تلق قبولاً على الصعيدين المحلي والدولي.

 

"إرهابيون" لا سياسيون

النظام الإيراني سارع في تنفيذ حكم الإعدام استنادًا إلى فتوى الخميني الهالك، بالإضافة إلى الإلحاح على وسائل إعلامه بوصف من تم إعدامهم بـ "الإرهابيين" وليس "معارضين سياسيين"، بل واصل إنكاره بعدم وجود سجناء سياسيين لديه.

 

تبرير "الخميني"

"الخميني" في رده على سؤال من عبد الكريم موسوي أردبيلي، رئيس السلطة القضائية آنذاك، عقب إصدار فتواه، قال: "باسمه تعالى، في جميع الحالات المذكورة أعلاه، وبصرف النظر عن الملف، فأي شخص كان يصر على تعاطفه مع المنافقين (مجاهدي خلق) يُحكم عليه بالإعدام.. ‌أبيدوا أعداء الإسلام بسرعة، وبخصوص مثل هذه القضايا عليكم أن تعتمدوا أسلوب تنفيذ الحكم في أسرع وقت، التوقيع: روح الله الموسوي الخميني".

 

نائب "الخميني" يفضحه

في تسجيل صوتي، يسرد المرجع الشيعي حسين منتظري في عام 1988 حقائق هزت السلطات الإيرانية حول الإبادة التي طالت السجناء السياسيين آنذاك، بإعدام 5 آلاف إلى 30 ألفاً من المعارضين.

 

وفي التسجيل الصوتي ومدته 40 دقيقة، خاطب منتظري، الذي كان يشغل منصب نائب الخميني، حاكم الشرع، ومدعي عام إيران، ونائبه وممثل وزارة الأمن في سجن "ايفين"، الذين كان يطلق عليهم "لجنة الموت"، فيصف الإعدامات بأنها أكبر جريمة ترتكب في إيران، محذراً الحاضرين في الجلسة من أن التاريخ سوف يسجل أسماءهم في قائمة المجرمين.

 

وذكرت وسائل إعلام ناطقة بالفارسية، نقلاً عن المعارض الإيراني أحمد منتظري، نجل حسين منتظري، أن وزارة الأمن والاستخبارات طلبت من الموقع الرسمي لوالده حذف الملف الصوتي، وقد أكد في تسجيله الصوتي مخاطباً لجنة الموت: "ما قمتم به أبشع جريمة ترتكب في الجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ تأسيس النظام إلى الآن، والتاريخ سوف يديننا، وسوف يسجل أسماءكم في قائمة المجرمين".

 

ويضيف: "اليوم تقومون بإعدام السجناء دون أن يكونوا مارسوا أي نشاط جديد، وهذا يعني أن جهازنا القضائي مخطئ برمته".

 

روحاني يواصل مسيرة خلفائه

وبحسب موقع هافنغتون بوست الناطق بالفرنسية، فإنه قد نشر تقريرًا، حول استمرار إعدامات إيران المسيسة والجائرة، فقال: إن "الفترة السوداء في صيف سنة 1988 ستبقى شاهدة على بشاعة هذه الجرائم التي تتم في الساحات العامة، والتي تستهدف إضافة إلى الرجال، الأطفال والنساء.

 

وقبل قيام النظام الحالي، وعلى امتداد تاريخ إيران كانت رؤية امرأة مغطاة بالشادور الأسود ومعلقة على عمود في ساحة عامة أمرًا نادرًا جدًا، ولكن هذا الأمر تكرر كثيراً في السنوات الماضية". وأكد التقرير أن "حوالي ألفي حكم بالإعدام صدرت منذ قدوم حسن روحاني للحكم، ورغم ذلك لا يزال البعض يصفونه بأنه معتدل وإصلاحي".

 

تكرار الإعدام الجماعي

وفي يونيو 2013، صادق البرلمان الكندي على لائحة تعتبر الإعدام الجماعي للسجناء السياسيين في إيران في صيف 1988 "جريمة ضد الإنسانية"، منددًا بهذه الجريمة، وبالتالي كانت كندا هي الدولة الأولى عالميًا تعتبر الإعدامات التي نفذت في ثمانينات القرن الماضي في إيران "جريمة ضد الإنسانية".

 

وواكب ذكرى إعدامات 1988، قيام النظام الإيراني بحملة إعدامات بحق المعارضين السياسيين، حيث بلغ عددهم نحو 29 حالة خلال عام 2016.

 

منظمات حقوقية تندد بالمجازر

ووفق منظمات حقوق الإنسان الدولية، فإن إيران تعتبر من بين أكثر البلدان تنفيذًا لحكم الإعدام في العالم، حيث تقوم السلطات المركزية سنويًا بإعدام مئات السجناء بحجة تنفيذ حكم الله وتحقيق العدالة، ويزداد الوضع سوءً عندما يتعلق الأمر بسجناء الرأي الذين يعانون بسبب مواقفهم المعارضة لولاية الفقيه.

 

ورغم تنديد المجتمع الدولي بالممارسات التعسفية للنظام الإيراني، فإنه يواصل نهج سياسة الترهيب والتخويف ضد المواطنين بمختلف أعمارهم.