د.حماد عبدالله يكتب: "جزيرتى" الروضة والزمالك !!

مقالات الرأي

بوابة الفجر



عودة إلى حديث عن الماضى ، والحنين إليه ، وكنت قد كتبت مقالاً بهذا العنوان متحدثاً فيه عن جزيرة منيل الروضة ، حيث عشت بها طفولتى وشبابى ، متذكراً كيف كانت هذه المنطقة السكنية ، وما تحتويها من دور سينما وحدائق وأيضاً طبقتها الوسطى والمحدودة ، والتى هاجرت من مناطق السيدة زينب، والحلمية، وعابدين ،والمنيرة إلى تلك الجزيرة (منيل الروضة) لكى تنشأ أكبر تجمع للطبقة الوسطى فى القاهرة وذلك فى أواخر الخمسينيات وبداية الستينيات ، حتى تكدست الجزيرة بسكانها وأصبح لا مكان فيها لقدم .
وقد إستقبلت على تليفونى إتصالات من بعض الأصدقاء من سكان ومواليد منيل الروضة ، معلقين على ما كتبت ، بل لم أكن أتوقع هذا التفاعل حول ذكريات الشباب فى شارع (منيل الروضة )، (والمانسترلى) ، (والمنيل القديم) من مشاهير سكنوا حى (المنيل) ، أعتذر عن ذكر الأسماء حيث لم أستأذنهم فى ذلك !!
وأتحدث اليوم عن جزيرة أخرى فى مجرى نهر النيل بمنطقة القاهرة أيضاً ، وهى جزيرة الزمالك وتقع شمال جزيرة "منيل الروضة" .
حيث هذه الجزيرة إشتهرت بجغرافيتها ، إنها تقع أمام منطقة "قصر النيل ، روض الفرج " وترتبط بالقاهرة القديمة بكوبرى( أبو العلا) (سابقاً) والذى شيد مكانه كوبرى(15 مايو) وكذلك كوبرى (قصر النيل) ، وإرتبطت الجزيرة بمحافظة الجيزة بكوبرى (بديعة) أو (الجلاء) ، وإمتداد (كوبرى 15 مايو) من الناحية الشمالية.
وإشتهرت الجزيرة بقصر " عمر الخيام" الذى أنشأه "الخديوى إسماعيل" لإقامة الملكة "أوجينى" التى حضرت إفتتاح قناة السويس عام 1868 ، والذى أقيم على بقاياه فندق "الماريوت" وكذلك عاش فى تلك الجزيرة مشاهير المصريين ، مثل "عائشة فهمى" وقصرها على النيل والذى تحول إلى مجمع للفنون تابع (لوزارة الثقافة )، وعاش فى الجزيرة مجتمع الأجانب المتمصريين من يونانيين وإيطاليين وإنجليز وفرنسيين ، وتمتع هذا الحى أيضاً بسكن الفنانين الكبار أمثال السيدة "أم كلثوم ، وعبد الحليم حافظ " وأنشئت فيه العمارات الشهيرة مثل عمارة (ليبون).
ونجد فى التخطيط العمرانى لهذه الجزيرة ، تلك الشوارع المتقاطعة ، والتى خصصت فيها المربعات السكنية للفيلل والقصور ، وبعض العمارات المحترمة (سابقاً) بعكس تخطيط جزيرة "منيل الروضة" ، والتى خططت لإستقبال الطبقات الوسطى والمحدودة الدخل.
ولعل أول عشوائيات فى القاهرة كانت فى تلك الجزيرة بمنطقة (المنيل القديم) وهى المواجهة لمبانى مستشفيات (القصر العينى) !!
بعكس ما نجد فى جزيرة "الزمالك" حيث إنتشرت بين أرجائها الشمالية كليات الفنون الجميلة التى أنشئت عام 1908 ، وكلية (التربية الموسيقية) وكلية (التجارة الخارجية)، كما أخذت بعض النقابات المهنية مكاناً لها على شواطئها مثل (نقابة الموسيقيين) و(القضاة) ، وبعض (الكازينوهات) ، ولعل أشهر الأندية الرياضية والإجتماعية ، قد سكنت هذه الجزيرة مثل (نادى الجزيرة الأرستقراطى) والنادى الأهلى ، وهو أيضاً أنشىء للأرستقراط ، ثم تحول إلى أكبر نادى شعبى فى مصر .
ولعل الحدائق أيضاً فى هذه الجزيرة كان لها (شنة ورنة) مثل حديقة (الأندلس) والتى كان المسرح الذى يغنى فيه كبار نجوم الفن المصريين والعرب وكذلك حديقة الحرية .
ولعل موقع المقر الصيفى للملك "فاروق" على طرف الجزيرة الجنوبى ، كان قد إستغله الضباط الأحرار لقيادة ثورة 1952 ، ومازال حتى اليوم تحت الإنشاء كمتحف وطنى للثورة ، ولعل إتخاذ فندق "سوفيتيل" شيراتون الجزيرة سابقاً مقراً له فى طرف الجزيرة الجنوبى مطلاً على أجمل مناطق القاهرة ونيلها العظيم ، يتباهى بموقعه مع طرف جزيرة "منيل الروضة" الشمال مع فندق "حياة" سابقاً والمريديان سابقاً والمغلق حالياً (للأسف الشديد) !!