د. مصطفى السعداوي يكتب: لم ترفع الجلسة بعد

ركن القراء

الدكتور مصطفى السعداوي
الدكتور مصطفى السعداوي


في وقت سابق من العام الماضي أعلنت المحكمة الخاصة بلبنان حكمها بشأن اغتيال السيد رفيق الحريري, وهي أول محكمة جنائية دولية تختص بالنظر في جريمة الإرهاب في زمن السلم، وهي محكمة مختلطة تتمتع بصفات دولية ومحلية، أنشأتها الدولة اللبنانية نتيجة اتفاق مع الأمم المتحدة وتطبق أحكام القانون الجنائي اللبنائي الموضوعي والإجرائي. وقد قدمت المحكمة جهداً في استظهار حقيقة الواقعة ملتزماً بذلك بقواعد الشرعية الجنائية .. إلا أنه يؤخذ عليها قانوناً الآتي:

لا يقبل من المحكمة الدولية أن تقول إن الجريمة الإرهابية وقت لهدف سياسي, فالغرض الإرهابي يكفي وحده ولا عبره بالهدف أو الباعث للجريمة.

التشريع اللبناني يعرف الاشتراك في الجريمة الإرهابية والمشاركة للجماعة الإرهابية في تحقيق أهدافها.. ويكفي للمسائلة المشاركة دون الاشتراك.. وتلتزم المحكمة بتطبيق قانون العقوبات اللبنائي وكذلك أحكام قانون الإرهاب اللبناني.

يكفي لمسائلة الجاني عن جرائم الإرهاب تسهيل عمل الإرهابي, والتفكير أو التحضير للعمل الإرهابي جريمة قائمة بذاتها.

أما موطئ الأهمية الجريمة التي لم يسأل صاحبها وهي نشر بيانات واخبار كاذبة عن العمل الإرهابي بقصد مساعدة الجناة علي الفلات من العقاب..جريمة ارهابية تنعقد بشأنها المسئولية الجنائية.. وهو ما ثبت مشاركة قناة الجزيرة فيه. وهو أمراً كان يوجب علي قاضي الإجراءات التمهيدية إعداد لائحة الاتهام بشأنه. 

ونشير هنا إلى أن تحقيقات المدعي العام لا تنتهي مع تصديق القرار الاتهامي، إنما تستمر حتى نهاية المحاكمة وتقدم جميع الأدلة الجديدة إلى الغرفة التي تتولى المحاكمة في حينه....هناك جريمة اسمها تمويل الإرهاب أو العمل الإرهابي كان من الواجب مسائلة المسئولين عليها؟؟!! من مول العمل الإرهابي والجريمة تحكمها القواعد العامة في التجريم والعقابي لكونها من صور الجرائم الواقعة ضد الانسانية.

واخيراً....لا يقبل من المحكمة أن تصف الجريمة الإرهابية بأنها وقعت لدوافع سياسية منعا للخلط بين الجريمة السياسية والجريمة الإرهابية.

لا يجوز للمحكمة تفسير الدليل بما يخرجه عن غايته.. ولا يقبل من المحكمة أن توجهه الدليل لغير وجهته بدافع الشك ويجوز لها الاستعانة بقرائن الاثبات متي غاب الدليل المباشر ( مبدأ مستقر وثابت).

تناقض الحكم فيما يتعلق بمسئولية حزب الله عندما تحدث عن أدلة تظهر أن السيد نصرالله ورفيق الحريري كانا على علاقة طيبة خلال الأشهر السابقة للاغتيال.. ولم يقدم تبريراً لقيام عضو لحزب الله بتنفيذ الجريمة.

الحكم ليس نهائي ويجوز الطعن عليه أمام غرفة استئناف تضم خمسة قضاة، بينهم قاضيان لبنانيان علي نحو ما نظم ميثاق عمل المحكمة. وتبدأ إجراءات الاستئناف بتبادل المذكرات الخطية بين الفريقين، ويعقب ذلك جلسة أمام غرفة الاستئناف التي تدرس شروط قبول الأدلة وفق المعايير الآتية:
- إذا كانت الأدلة جديدة ولم تكن متاحة خلال المحاكمة أمام غرفة الدرجة الأولى.
- إذا كانت ذات صلة وثيقة بالموضوع وموثوقة.
- إذا كانت تشكّل عاملاً حاسماً في التوصل إلى قرار.
تتّبع غرفة الاستئناف الإجراءات نفسها كغرفة الدرجة الأولى في المحاكمة والمذاكرة وتصدر قرارها في جلسة علنية. ويمكن للقضاة تصديق قرار غرفة الدرجة الأولى أو العقوبة المقرّرة، كما يمكنهم الغاء العقوبة وإعادة النظر فيهما. كما يجوز لهم إذا قضت مصلحة العدالة، ذلك اتخاذ القرار بإعادة محاكمة المتهم أمام غرفة الدرجة الأولى مجدداً.

ويكون قرار غرفة الاستئناف نهائياً غير قابل لأي طريق من طرق الطعن، باستثناء إعادة المحاكمة إذا تم اكتشاف أدلة جديدة حاسمة لم تكن معروفة وقت المحاكمة، ويجوز للفريقين طلب إعادة النظر في قرار الإدانة أو التبرئة أو فرض العقوبة.

أعتقد أن واجبا علي السيد سعد الحريري أن يضع باقة من الزهور علي قبر والده متعهداً بإستكمال الطريق لتطبيق صحيح القانون. علي أن يدفع الجناة ثمن جريمتهم.