رحلة البحث عن 640 سيدة أعمال لإنقاذ الشركات من مقصلة البورصة

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر


شركات آل ساويرس والسويدى وطلعت مصطفى يسيطر عليها الرجال

.. والمرأة أقل تمثيلاً فى الشركات الحكومية

وضعت قرارات هيئة الرقابة المالية رقم 123 و124 لسنة 2019، الشركات المقيدة فى البورصة، والشركات العاملة بمجال الأنشطة المالية غيرالمصرفية فى مأزق بعد أن ألزمتهم بضمان تمثيل عنصر نسائى بمجالس الإدارات.  

 القرارات صدرت فى سبتمبر عام 2019 بهدف تحسين ترتيب مصر فى تقرير ممارسة الأعمال الذى يصدره البنك الدولى، وتمثيل المرأة فى مجالس إدارات المؤسسات الاقتصادية، والذى يعتبر أحد أهداف استراتيجية تمكين المرأة، والهادفة لتولى النساء المناصب الإدارية العليا بنسبة 30% بحلول 2030.  

 وبالرغم من أن القرارات جاءت مرنة ومنحت الشركات فترة تمتد لأكثر من عام لتوفيق الأوضاع، حتى نهاية 2020، بالإضافة إلى فرصة أخرى للتنفيذ فى أول انتخابات لمجلس إدارة الشركة، إلا أن الإنذار الصادر عن الهيئة خلال الأيام القليلة الماضية يؤكد عدم الالتزام بخطوة تعيين سيدة بمجالس الإدارات.  

 حيث أكدت الهيئة على الشركات غيرالملتزمة بالتنفيذ قبل يوم 31 ديسمبر، محذرة من الإجراءات التى قد تتخذها تطبيقا للقانون، والتى إما أن تكون بإلغاء القيد أو الترخيص، خاصة بعد أن أطلقت الرقابة المالية أول تطبيق ذكى باسم «تمكين المرأة» خلال يونيو الماضى.  

 ويتيح التطبيق قاعدة بيانات للكوادر النسائية أصحاب الخبرات أمام الشركات لزيادة فرصة الاختيار بينهن، وتغيير نمط تعيين أعضاء مجالس الإدارة من دائرة التوصيات الضيقة بين الشركاء.  

 وفى نفس السياق، يوفر مرصد المرأة فى مجالس الإدارة، والذى تأسس عام 2017، قاعدة بيانات للسيدات، بناء على خبراتهن، والمرشحات المؤهلات للانضمام لمجالس الإدارة، مصنفة وفقا للقطاعات الاقتصادية التى تنتمين إليها، وخلفياتهن التعليمية.  

 وأسس هذا المرصد بواسطة تحالف أطلقته كلية إدارة الأعمال بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وتشارك به وزارات قطاع الأعمال العام، والتخطيط والتنمية الاقتصادية، والبنك المركزى، والبورصة، والرقابة المالية، والمجلس القومى للمرأة، ولجنة سيدات الأعمال بالغرفة التجارية الأمريكية فى مصر، وغيرها من المؤسسات الدولية.  

 لكن رغم هذه التسهيلات، إلا أنه يبدو أن الشركات مازالت ترفع شعار «للرجال فقط» داخل عضوية مجالس إداراتها، فى الوقت الذى لم تلزم فيه القرارات إلا بتعيين عنصر واحد من النساء على الأقل، وهو ما يمنح المرأة مشاركة رمزية، فالأبحاث تقول إن 3 سيدات فى مجلس الإدارة هو الكتلة الحرجة التى تضمن للمرأة التعبير عن رأيها، وتجعل لها صوتا.  

 ولفهم أكثر للأزمة، فالشركات الخاضعة للرقابة المالية فقط هى المطالبة بالتنفيذ، حيث إن الاتحادات القائمة فى مجال الأنشطة المالية غير المصرفية، هى بالفعل ملتزمة، فمجلس إدارة الاتحاد المصرى لشركات التأمين المكون من 13 مقعدا، يضم إلينا بوتاروفا - الرئيس والعضو المنتدب لشركة مت لايف لتأمينات الحياة.  

 ويوجد بمجلس إدارة اتحاد التمويل العقارى المكون من 11 مقعدا، عنصران من النساء: هند فهمى - مدير عام التمويل العقارى ببنك مصر، ومها عبد الرازق- مساعد العضو المنتدب لشركة الأولى للتمويل العقارى.  

 ويعتبر الاتحاد المصرى للتمويل متناهى الصغر هو الأكثر تمثيلا للمرأة، حيث ترأسه سيدة الأعمال منى ذو الفقار، ويضم مجلس إدارته 10 مقاعد، منها 4 عناصر نسائية، وهى إيمان بيبرس - رئيس مجلس إدارة جمعية نهوض وتنمية المرأة، ونيفين بدر الدين - رئيس القطاع المركزى للتمويل متناهى الصغر بجهاز تنمية المشروعات، والنائبة هالة أبوالسعد، والدكتورة سهير المصرى.  

 فى حين يفترض أن تلتزم الشركات المقيدة بالبورصة والشركات العاملة فى الأنشطة المالية غير المصرفية بالقرار، بإجمالى 1132 شركة، تنقسم بين شركات البورصة وشركات بورصة النيل بعدد 244 شركة، وشركات الخدمات المالية بعدد 888 شركة.  

 وحسب نتائج تقرير مرصد المرأة فى مجالس الإدارات لعام 2019، يمكننا تقدير عدد الشركات غير الملتزمة بقرار الرقابة المالية بعدد 640 شركة، وهو ما يشكل تقريبا أكثر من نصف الشركات الخاضعة لإشراف الهيئة، حيث تصل نسبة الشركات التى لا يوجد بها أى سيدة إلى 54% من شركات البورصة بإجمالى 130 شركة، ونسبة 57% من شركات الخدمات المالية بعدد 510 شركات.  

وبنظرة سريعة على شركات المؤشر الرئيسى للبورصة المصرية، وعددها 30 شركة، كما تعد أهم الشركات العاملة بمصر، نجد أن هناك 8 شركات بنسبة 27% من شركات المؤشر، لا يوجد بها أى سيدات فى مجالس إداراتها، ويسيطر عليها الرجال بالكامل، وهى شركات الحديد والصلب، وكريدى اجريكول مصر، وأوراسكوم للاستثمار القابضة، والسويدى اليكتريك، وطلعت مصطفى القابضة، وسيدى كرير للبتروكيماويات، وبايونيرز القابضة، والقابضة المصرية الكويتية.  

 ووفقا لتقرير مرصد المرأة، شهد عام 2019 تراجعا طفيفا فى تمثيل النساء بمجالس إدارات شركات البورصة من 10.2% إلى 10.1%، وحاليا لايضم مجلس إدارة البورصة المصرية المكون من 11 مقعدا أى عنصر نسائى.  

 ويوجد بمجالس إدارات شركات البورصة الملتزمة بقرار الرقابة المالية وعددها 114 شركة، 191 سيدة، موزعة كالتالي: 60 شركة بها سيدة واحدة فى مجلس الإدارة، و37 شركة بها سيدتان، و16 شركة بها 3 سيدات أو اكثر.  

 وتضم مجالس إدارات الشركات الملتزمة العاملة فى مجال الخدمات المالية وعددها 378 شركة، 565 سيدة، تتوزع كالتالي: 245 شركة بها سيدة واحدة فى مجلس الإدارة، و97 شركة بها سيدتان، و37 شركة بها 3 سيدات أو أكثر.  

 ولا تقتصر أزمة عدم تمثيل المرأة فى مجالس إدارات الشركات على القطاع الخاص فقط، فالشركات المقيدة فى البورصة وشركات الخدمات المالية بعضها حكومى، إلا أن تقرير مرصد المرأة كشف أيضا عن تراجع أكبر لتمثيل النساء بمجالس إدارات شركات قطاع الأعمال العام من 8.3% عام 2018 إلى 6.1% فى 2019، بسبب عمليات دمج الشركات ضمن خطة إعادة الهيكلة.  

 وتخلو الشركة القابضة للتأمين وشركاتها التابعة من أى عنصر نسائى فى مجالس إداراتها، وهى الوحيدة فى ذلك من بين 8 شركات قابضة تابعة لوزارة قطاع الأعمال العام، فى حين أعلى تمثيل للمرأة يوجد بالشركة القابضة لصناعة الأدوية، ثم القابضة للنقل البحرى والبرى، وأخيرا السياحة والفنادق.  

 وبعد عمليات الدمج، انخفض عدد الشركات التابعة من 120 إلى 112، فى حين رصد التقرير التمثيل النسائى قبل الدمج، وبلغ 43 سيدة، وهناك 87 شركة تابعة لا يوجد بمجلس إدارتها أى سيدة بنسبة 73%، و26 شركة بها سيدة واحدة، و4 شركات بها سيدتان، و3 شركات بها 3 سيدات أو اكثر.  

 وقدر التقرير عدد السيدات اللاتى يجب تعيينهن فى مجالس إدارات شركات البورصة، والبنوك، وقطاع الأعمال العام، وشركات الخدمات المالية، بـ 113 سيدة سنويا، للوصول للنسبة المستهدفة فى استراتيجية 2030.  

 وأكدت دراسة بعنوان «أثر عضوية المرأة فى مجالس الإدارة بالمؤسسات المصرية»، والصادرة عن مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولى، أن مصر تحتاج إلى إقرار وتطبيق قواعد لحوكمة الشركات، مخصصة لإزالة العقبات التى تمنع دخول النساء إلى سوق العمل والتدرج الوظيفى.  

 وأوصت الدراسة بمزيد من إلقاء الضوء على القيادات النسائية، لرفع مستوى الوعى العام بشأن قدرات المرأة وجدوى تمثيلها فى هذة المناصب، مشيرة إلى أن وجود النساء بمجالس إدارات الشركات، يمكنها من تحقيق أداء أقوى، حيث يساعد على طرح وجهات نظر مختلفة فى عملية صنع القرار، ويحقق ربحية أعلى بنسبة 8%، وقوة مالية أفضل.  

 وأوضحت الدراسة، أن تلك المجالس لا تميل إلى الاستدانة لتمويل التوسع أو التشغيل، وتفضل التمويل بالأسهم، وتسعى لسداد الالتزامات، وتعكس متطلبات السوق بشكل أفضل، وبالتالى احتياجات العملاء والمستثمرين، كما تشجع عمليات البحث والتطوير والابتكار، وهو ما له أهمية خاصة بمصر، حيث تتحكم النساء فى قرارات الشراء فى 85% من الأسر، ما يتيح اتخاذ قرارات مالية أفضل، والعمل بمزيد من الكفاءة والفعالية.  

 ولفتت الدراسة إلى أن أعضاء مجلس الإدارة من النساء، يتميزن بالتفكير الاقتصادى والاستراتيجى، ومهارات حل المشكلات، وقدرة استثنائية على تحديد الصفقات المربحة، وهو ما يمنح فوائد كبيرة للشركات، فى مجالات إدارة المخاطر والتخطيط والمسئولية الاجتماعية.