حكاية أغنية.. "مصر تتحدث عن نفسها" ارتبطت بشدة بأھم حدث سیاسي

الفجر الفني

بوابة الفجر



حكاية أغنية اليوم بالتزامن مع ذكرى ميلاد الموسيقار رياض السنباطي، وواحدة من الأغاني الوطنية "مصر تتحدث عن نفسها"، والتي قامت بغنائها كوكب الشرق أم كلثوم.

على الرغم من أن سیدة القصیدة العربیة أم كلثوم قد تغنت بقصیدة شاعر النیل"حافظ إبراھیم في موسم 1951، التي یقول مطلعھا: وقف الخلق ینظرون جميعًا إلا أن ھذه القصیدة قد ارتبطت بشدة بأھم حدث سیاسي وقع لمصر خلال القرن العشرین ألا وھو قیام ثورة عام 1952.

ویبدو أن اختیار أم كلثوم لھذه الكلمات على الخصوص لم یأت اعتباطًا
في الأفق، بشكل عشوائي، بل ھداھا تفكیرھا وشعورھا الوطني المرھف إلى أن ھناك شیئًا مھمًا وخطیرًا بعد الأحداث الدامیة في حرب فلسطین عام 1948وما لحق بمصر وربما یدبر لھا في الخفاء. خصوصًا والعرب من ھزیمة عسكریة.

في ھذا الوقت العصیب الذي كانت تمر فی مصر بمرحلة تاریخیة ھامة
وخطیرة.. شدت أم كلثوم بكلمات حافظ إبراھیم الذي یتغنى فیھا بمصر وعظمتھا وتاریخھا الطویل والعریق رغم ما في ھذه الكلمات من تحریض صریح على الثورة واستخراج القوة، فقد سمحت سلطات الحكومة الملكیة آنذاك بإذاعتھا.

عندما قامت ثورة 23یولیو عام 1952، اتخذ المسئولون عن الإعلام في مجلس قیادة الثورة من كلمات ھذه القصیدة سلاح إعلامي خطیر للترویج لھا ولأحداثھا. ولكسب المزید من المؤیدین.. إذ ظلت إذاعة القاھرة بعد الاستیلاء علیھا ومنذ اللحظة الأولى لإعلان بیان الثورة الأول، تواصل إذاعة قصیدة حافظ إبراھیم بصوت أم كلثوم، مع كل بیان ثوري یذیعه أحد الضباط.

قام الموسيقار الكبير رياض السنباطي، بتلحين القصيدة وقدم ابداعًا من ابداعاته الموسيقية.

ولأم كلثوم ذكریات جمیلة سجلتھا في أوراقھا الخاصة عن ھذه القصیدة وعن شاعرھا حافظ إبراھیم، ومما قالتھ في ذلك: "مرة طلبوا مني أغنیة وطنیة، وقالوا لي: كلفي ما تشائین من شعراء الأغاني لتنظیم قصیدة في
أسرع وقت لتغنیھا في أقرب فرصة.. فلما عدت إلى البیت تذكرت أنني أحفظ لشاعر النیل حافظ إبراھیم أغنیھا من بین أبیاتھا قصائد رائعة وعكفت على دیوانه وانتقیت قصیدة من دیوانه ورحت اختار أبیاتًا العدیدة، وقبل أن أنام وفي الرابعة صباحًا كنت أدندن باللحن لبیته الرائع: أنا إن قدر الإله مماتي - لا ترى الشرق یرفع الرأس بعدي.

وعندما وقفت أغني القصیدة أحسست أنني وفیت دینا في عنقي لشاعر لم أره ولكن من حقه علي أن أحمل روائعه إلى الجماهير العربية.

وبالفعل وفي عام 1951غنت أم كلثوم قصیدة مصر تتحدث عن نفسھا أمام الإذاعة ولم تسجلھا على اسطوانات كالمعتاد، بل ظل التسجیل الوحید لھذه القصیدة موجودًا بمحطة الإذاعة المصریة، حبیس الأشرطة حیث لم تذع إلا
مرات بعینھا حتى قیام الثورة في عام 1952 إذ ظلت الإذاعة تبثھا على كل موجاتھا بین الحین والحین.

دیوان حافظ إبراھیم صدر في جزءین في موسم 1927 ونشر ھذه القصیدة تحت عنوان مصر، وقد ألقاھا من قبل أن ینشرھا في ھذا الدیوان في حفل عام إقیم تكریمًا للراحل عدلي باشا يكن بعد عودته من أوروبا وأن عدد أبیات قصیدة مصر لحافظ إبراھیم التي تغنت بھا أم كلثوم تحت عنوان: مصر تتحدث عن نفسھا 57 بیتًا في حین غنت منھا كوكب الشرق 17 بیتا فقط.