محمد عبد الوهاب يكتب: النقل الذكي مستقبل مصر

مقالات الرأي

محمد عبد الوهاب -
محمد عبد الوهاب - المستشار المالي والمحلل الاقتصادي


 

إن الدور الذي يلعبه قطاع النقل على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والعمراني لكل دولة لا يمكن تغافله أو التغاضي عنه، فالنمو والازدهار اللذان يتحققان في هذا القطاع يمتد تأثيره ليشمل جميع القطاعات الأخرى، وبالتالي هناك ارتباط قوي بين النمو الذي يحصل في هذا القطاع وبين نمو النشاط الاقتصادي للبلد بمجمله، وينعكس هذا كله في المساهمة الكبيرة التي يقدمها هذا القطاع في نمو الناتج المحلي الإجمالي وفي زيادة العوائد المالية للدولة سواء كان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر، وتتجلى مساهمة قطاع النقل في التنمية الاقتصادية في أنه يساعد بشكل فعال في ربط مناطق الإنتاج بمناطق الاستهلاك وفي تأمين انتقال الأفراد ونقل المواد الخام والبضائع من مناطق الاستثمار وإليها.

 

 كما أنه يعتبر عاملاً مساعداً في استغلال الموارد الطبيعية ، التي غالباً ما يتركز وجودها في مناطق نائية وقليلة الكثافة السكانيةظ، ولا يمكن بأي حال من الأحوال التقليل من أهمية قطاع النقل في تشغيل الأيدي العاملة وتوفير فرص العمل لشريحة كبيرة من السكان سواء كان ذلك في مجال النقل ذاته أو في مجالات أخرى ترتبط به أو تتأثر بتطوره؛ وبالتالي يجب الاعتراف بمساهمة هذا القطاع في استيعاب الأعداد المتزايدة من السكان الداخلين في قوة العمل وبالتالي في حل مشكلة البطالة وما ينجم عنها من آفات اجتماعية عديدة.

 

هذا بالإضافة إلى إن صناعة النقل هي الدعامة الرئيسية التي ترتكز عليها البرامج التنموية للدولة، نظراً لما لهذه الصناعة من دور كبير وتأثير واضح في تطور الشعوب في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حيث ان تقدم الدول يمكن قياسه بتقدم وسائل ونظم النقل فيها، وتتجلى مساهمات قطاع النقل في النمو الاقتصادي والاجتماعي لأي دولة في الأمور التالية:

 

·        اختيار أماكن توطين الصناعات التي توفر للاقتصاد أكبر الفوائد المتمثلة في خفض نفقات الإنتاج والنقل والتوزيع

·        اكتشاف الثروات الطبيعية واستغلالها في أفضل الظروف

·        توسيع مساحة الأراضي المستغلة زراعيا

·        نمو المدن والمراكز الحضرية وازدهارها

·        تحقيق التوازن في عرض السلع والطلب عليها في مختلف الأسواق المحلية والخارجية

·        تحقيق التكامل الاقتصادي بين مناطق الدولة واندماجها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي

 

ويُعد نقل الركاب والبضائع من المهام الرئيسية للنقل  وقد كان لتقدم النقل أثر كبير في انخفاض تكلفة المنتج النهائي التي تُعتبر تكلفة النقل من أهم العناصر المؤثرة عليها، وتشير بعض الدراسات الاقتصادية التي أجريت بهذا الشأن إلى أن تكاليف النقل تمثل في المتوسط 20% تقريباً من التكلفة النهائية لأي منتج، ومن هنا تأتي أهمية دراسة اقتصاديات النقل التي ترمي إلى تخفيض تكلفة عنصر النقل ومن ثم تكلفة المنتج النهائي، إذ إن تخفيض تكلفة النقل بنسبة 10% مثلاً يؤدي إلى انخفاض تكلفة المنتج النهائي بنسبة 2% تقريباً، وهذه النسبة قابلة للزيادة مستقبلاً، ومن المعلوم أن من أكثر المشروعات إنتاجية في العالم هي مشاريع شق الطرق ورصفها نظراً لما تحققه من وفورات اقتصادية، وعليه فإن أي مبلغ يتم إنفاقه على إنشاء ورصف وتوسيع شبكة الطرق والكباري له مردود مباشر وسريع على تخفيض تكلفة النقل ومن ثم النمو الاقتصادي.

 

ولقد اكتسبت الطرق أهمية خاصة من خلال الدور المهم الذي تلعبه في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، فضلاً عن أنها تُعتبر من أهم الهياكل الأساسية التي تعتمد عليها خطة الدولة في التنمية المستدامه 2030، وقد ساهمت هذه الطرق مع تحسن وسائل النقل في تسهيل عملية الحركة والانتقال، وخفض تكاليف النقل، والتقليل من نسبة الحوادث المرورية والحد من خطورتها والذي يؤدي بدوره إلى تقليل الإصابات والخسائر المادية الناتجة من جراء تلك الحوادث، ومن هنا جاء الاهتمام البالغ الذي أولته الحكومه لهذا القطاع  بتوجيهات مباشرة من القياده السياسية وحققت مصر فى هذا المجال انجازات كبيرة  حيث رصدت الحكومة ما يقارب من تريليون جنيه مصرى بهدف الانفاق على تحسين وانشاء شبكة طرق قوية تربط مختلف محافظات الدولة المصرية حيث كان المشروع القومى  لانشاء 7000كم  بتكلفه تقدر ب175 مليار جنيه تم الانتهاء تقريبا من 4500 كم، وجارى العمل  لاستكمال باقى المشروع  وانشاء حوالى 21 محور على النيل بتكلفه 30 مليار جنيه وانشاء 600 كوبرى ونفق بتكلفه 85 مليار جنيه  هذا الى جانب صيانة 5000كم بتكلفة 150 مليار جنيه ومما لا يخفى على أحد التقدم الكبير الذى احرزته مصر فى هذا المجال حيث انتقلت من المرتبة 118 على مستوى العالم الى المرتبه الـ 28  ومن المرتبة 28 على مستوى افريقيا إلى المرتبة الثانية هذا كله كان نتيجة تخطيط  ومجهود 6 سنوات من العمل المتتابع بهدف تحقيق خطة التنمية المستدامة 2030.

 

 شبكة الطرق فى مصر وفق اخر تقرير للجهاز المركزى للتعبئه العامة والاحصاء تساهم فى نقل 20 مليون رحلة ركاب يوميا  حيث تساهم بنسبة 93% من رحلات الركاب بوسائل النقل المختلفه و97% من اجمالى البضائع المنقولة ولهذا جاء اهتمام القيادة السياسية بضرورة انشاء نظام النقل الذكى الذى هو دمج لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات فى انظمه النقل واللوجيستيات  بهدف رفع الكفاءة والسلامة وتحقيق أعلى معدلات الرضا لدى مستخدمين الطرق مع الاهتمام بخفض الأثر البيئى الناتج عن استخدام وسائل النقل المختلفة المقدرة بنحو 9.9 مليون مركبة حسب أخر أحصاء  أن استخدام منظومة النقل الذكى يعظم الاستفاده من شبكة الطرق الموجودة من حيث السيولة المرورية وبالتالى ينعكس ذلك على تكلفة النقل  وخفض الدعم البترولى  وإعاده توجيهه إلى احتياجات اخرى.

 

وإن خفض نسبة الحوادث بما يقارب الـ 40% لهو اثر عظيم من اثار استخدام النقل الذكى حيث ان اخر تقرير لمنظمة الصحة العالمية أكد ان حوادث النقل تكبد الاقتصاد القومى خسائر تقدر ب 3%من الناتج القومى للدولة،  وبالنظر الى الاحصائيات المحليه نجد انه فى عام 2017 قدرت الخسائر الناتجة عن الحوادث فى مصر ب28.9 مليار جنيه  وعدد السيارات التالفة بحوالى 17200 سيارة فى حين قدرت عدد الوفيات فى 2018 ب13000 انخفضت فى 2019 الى 12000 و2020 الى 7000 حالة وفاة وهذا اكبر دليل على نجاح منظومة النقل والطرق الجديدة ومن المتوقع تحسن الاداء بشكل أكبر عند تطبيق منظومة النقل الذكى  وهذه رسالة إلى كل من هاجم اهتمام الدولة بانشاء شبكة الطرق  حيث بدأت الدوله موسم الحصاد الذي سيساهم بشكل كبير جدا فى معدلات نمو الاقتصاد القومى عند استكمال الربط بالمناطق الصناعيه على مستوى الجمهورية واستكمال تجهيز الموانئ والمطارات  والانتهاء من تطوير شبكة السكك الحديدية بما سيكون له بالغ الاثر  فى رفع معدلات الانتاج وخفض تكلفة النقل والحفاظ على الوقت  مما سيشجع المستثمرين الأجانب على دخول سوق الصناعة المصرية لتكون مصر هى الفهد الافريقى القادم

فمصر قادرة على النهوض من جديد.

حفظ الله مصر