رامى رشدى يكتب: رسائل «الطيب» للرئيس الفرنسى والعالم والإسلامي

مقالات الرأي



لم يتطرق للمقاطعة.. رفض الإساءة للإسلام والرسول الكريم.. مؤتمر الوزير الفرنسى من قلب المشيخة كان اعتذارًا.. قطع الطريق على الجماعة اإلرهابية لاستغلال اسمه فى حملاتها المشبوهة

يمكنك ببساطة أن تتوقع مواقف الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، لو قمنا بتحليل مواقفه السابقة فى كل الأزمات التى مربها الأزهر الشريف على مدار سنوات، سنجده غالبا ما يظهر فى مواقف يصفها دراويش الشيخ بأنها حازمة، فى حني يرها أخرون بأنها لا تعبر إلا عنه وأن هناك فجوة ما بين الأزهر — المؤسسة الدينية الأكبر فى العالم السنى، وبين الدولة، وهو ما تروج له جماعة الإخوان الإرهابية التي يمارس أعضاؤها عادتهم القذرة فى محاولة زرع الفتنة، ويصورون لأتباعهم أن هناك خلافا بني الدولة والأزهر.

فى كل المواقف السابقة وآخرها واقعة النيل من الإسلام ومن الرسول الكريم من الرئيس الفرنسى ماكرون، والتى ظهرت بعدها دعوات مقاطعة المنتجات الفرنسية، ركب الإخوان الموجة فى اللعب على أوتار ومشاعر المسلمين لتسيس الواقعة وحصد مكاسب سياسية رخيصة.

1- محاولات الإخوان الارهابية بإشعال النيران فى عمامة الأزهر 

روجت أبواق الإخوان الارهابية لموقف شيخ الأزهر وكلمته فى الاحتفال بالمولد النبوى الشريف فى حضور الرئيس عبد الغتاح السيسى، والتى جاء فيها نصاً؛ ((إننا لا نحتفل اليوم بشخص بل نحتفل بتجلى الإشراق الإلهى على الإنسانية جمعاء، وظهوره فى صورة رسالة إلهية ختمت بها جميع الرسالات))، مشيرا إلى أن انتشار الدين الإسلامى كان تحقيقا لمعجزة من معجزات النبى محمد صلى الله عليه وسلم.

وأضاف شيخ الأزهر، أن بقاء الإسلام وخلوده أمر تولاه الله بنفسه وآراه لنبيه صلى الله عليه وسلم رأى العين وهو يشاهد مشارق الأرض ومغاربها، مضيفا: ((لا نرتاب لحظة فى أن الإسلام والقرآن ومحمدا، مصابيح إلهية ضسء على الأرض طريق الإنسانية وهى تبحث عن سعادتها فى الدنيا والآخرة، وأن هذه المصابيح الثلاثة محفوظة بأمر الله، ولولا النبى محمد لبقيت الإنسانية كما كانت قبل بعثته فى ظلام دامس وضلال مبين إلى يوم القيامة، فهو النور الذى يبدد الله به ظلمات الشكوك والأوهام.

وقال الدكتور الطيب: ((يتوجب علينا تجديد مشاعر احلب والولاء والدفاع عن النبى محمد بأرواحنا، وبكل ما نملك من غال ونفيس، فمحبته صلى الله عليه وسلم فرض عين على كل مسلم..

وأكد شيخ الأزهر أن العالم الإسلامى ومؤسساته الدينية وفى مقدمتها الأزهر الشريف، سارعوا لإدانة حادث القتل البفيض فى باريس، وهو حادث مؤسف ومؤلم، لكن من المؤسف والمؤلم أيضا أن نرى الإساءة للإسلام والمسلمين فى عالمنا، وقد أصبح أداة حلشد الأصوات والمضاربة بها فى الانتخابات.

وأضاف فضيلته أن الرسوم المسيئة لنبينا العظيم عبث وتهريج وانفلات من كل قيود المسئولية والالتزام احللقى والعرف الدولى والقانون العام، وعداء صريح لهذا الدين احلنيف وللنبى صلى الله عليه وسلم.

وقال: نرفض وبقوة وكل دول العالم الإسلامى هذه البناءات، وندعو المجتمع الدولى لإقرار تشريع عالمى يجرم معاداة المسلمين والتفرقة بينهم وبين غيرهم فى احلقوق والواجبات، كما ندعو المسلمين فى الدول الغربية للاندماج الإيجابى الواعى فى هذه المجتمعات.

وأضاف: ((وعلى المسلمين أن يتقيدوا بالتزام الطرق السلمية والقانونية والعقلانية فى مقاومة خطاب الكراهية، واحلصول على حقوقهم المشروعة اقتداء بنبيهم الكرم محمد صلى الله عليه وسلم)).

وبناء عليه شنت أبواق الإخوان الإرهابية هجوما على الإمام الأكبر لأن كلامه لم يخدم عليهم ولا على سياستهم التحريضة، لأنهم كانوا يروجون أن شيخ الأزهر يبارك حملتهم بمقاطعة المنتجات الفرنسية، وسيعلن عن ذلك فى احتفالية وزارة الأوقاف بالمولد النبوى الشريف، وفى حضور الرئيس.

2- البيان الصدمة للإخوان

لكن المقربين من الإمام الأكبر أكدوا أنه على وعى تام بالفخ الإخوانى، وأن الرجل يعلم بأنه على رأس أكبر مؤسسة دينية وسطية تمثل العالم الإسلامى، غير أنها مؤسسة وطنية فى المقام الأول، وأن الأزهر له موقفه الواضح والصريح من حملات النيل من الإسلام وإلصاقه بالإرهاب والنبى الكرم، ولابد من اتخاذ موقف حازم وقوى يعبر عن رأى المؤسسة الدينية فى إطارها الوطنى.

هذا الموقف أغضب جماعة الإخوان الإرهابية وأبواقها وخرجوا مهللين ببروجون بأن الرجل ضغط عليه ليخرج بتلك الكلمات التى لا تفضب لله ورسوله، لكن (<الظيب)) كان له موقف آخر أجهز على كل حملات الإخوان الكاذبة أثناء لقائه مع وزير احل^ارجية الفرنسى لودريان بعد لقاء الأخير مع الرئيس عبد الفتاح السيسى ورئدس وزراء مصر.

3- لقاء المشيخة الصادم

شيخ الأزهر خلال استقباله وزير الخارجية الفرنسي: حديثى بعيد عن الدبلوماسية حينما يأتى احلديث عن الإسلام ونبيه صلوات الله وسلامه عليه، وقال شيخ الأزهر خلال اللقاء إن المسلمين حكاما ومحكومين يعلنون رفضهم القاطع للإرهاب الذى يرفع راية الإسلام، فالإسلام ونبيه والمسلمون براء من الإرهاب، وقد قلت هذا الكلام فى قلب أوروبا، فى لندن وباريس وجنيف وروما وقلته فى الأم المتحدة وآسيا وكل مكان، فالإرهابيون قتلة مجرمون ونحن غير مسئولين عنهم، ولا نقول هذا اعتذارا عن الإسلام لأن الإسلام لم يخطئ ولدس مسئولا عن تصرفات أحد، وأنا وهذه العمامة الأزهرية حملنا الورود فى ساحة الباتاكلان ورفضنا الإرهاب وأرسلنا التعازى فى ضحايا الإرهاب.

وأضاف ((الطيب)) أنه من الضرورى أن يكون المسئولون فى أوروبا قد اقتنعوا وأدركوا بأن هذا الإرهاب لا يمثل الإسلام ولا المسلمين، فالمسلمون هم أول ضحايا الإرهاب وبلادنا ضحية للإرهاب واقتصادنا يتضرر بسبب الإرهاب، وهذا الإرهاب موجود بين أتباع كل دين ونظام.

وحسب مقربون من مكتب الإمام الأكبر فإن هناك رسائل حملها الشيخ للتعبير عن الموقف الإسلامى والعربى والوطنى:

الرسالة الأولى: انتفض الإمام الأكبر فى وجه وزير الحارجية الفرنسى أثناء اللقاء وكان يعلم جيدا أن الوزير الفرنسى جاء للازهر ليحصل على صك الغغران أمام العالم بشكل عام والعالم الإسلامى والعربى بشكل خاص، وأن يعلن عن نقاء الموقف الفرنسى من الإساءة إلى الإسلام والرسول الكرم، وهنا كان لابد من الإعلان صراحة رفض الإساءة إلى الإسلام والرسول الكرم جملة وتفصيلا.

الرسالة الثانية: اللقاء لم يستمر أكثر من ٢٠ دقيقة، حيث استقبل وزير الخارجية الفرنسى على باب مكتبه ومعه عدد من قيادات الأزهر، واستمع الإمام الأكبر لوجهة نظر وزير احل^ارجية الفرنسى فى البداية، ثم أعلن رفضه لم صدر عن الجانب الفرنسى بشكل كان واضحا وجلياً وسط فتور الاستقبال وتعبيوات وجه تشير بوضح لغضب الإمام الأكبر، وكان أثر موقف الطيب واضحا على الوزير الغرنسى.

الرسالة الثالثة: شيخ الأزهر لم يفتح من قريب أو من بعيد فكرة مقاطعة المنتجات الفرنسية، فى رسالة رد واضحة على حملة جماعة الإخوان الإرهابية بالمقاطعة، وأن هناك طرقا وأساليب قانونية ودبلوماسية.

الرسالة الرابعة: عقب اللقاء خرج وزير احل^ارجية الفرنسى لودريان فى مؤتمر صحفى لوسائل الإعلام العربية والعالمية من قلب مشيخة الأزهر استمر لمدة ٤ دقائق شرح فيه الموقف الغرنسى، فى رسالة اعتذار واضحة للعالم العربى والإسلامى من قلب مشيخة الأزهر، وحرص الإمام الأكبر على ألا يكون موجودأ فى المؤتمر، لتكون الرسالة واضحة لا لبس فيها ولا دخل للازهر.

الرسالة احلامسة: التأكيد على قوة ومكانة الأزهر فى مصر والعالم الإسلامى والعربى، ولذلك كان قبلة ومقصدا للوزير الغرنسى، وكان الأزهر و لا ببزال خط الدفاع الأول عن منهج وعقيدة الإسلام الوسطية السمحة منذ عقود فى العالم كله.