البهاق.. لا داعى للخوف | حكايات أطفال مع المرض

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر



طفلة تمتنع عن المدرسة.. وأخرى تضع المكياج فى الـ12 من عمرها 

مدرب يرفض طفلًا مريض بهاق.. وأبْ يجبر ابنته على ترك صديقتها

بالرغم من الحملات المتعددة التى تتبناها العديد من مؤسسات الدولة لمواجهة «التنمر»، إلا أن بعض الفئات بمختلف الأعمار فى المجتمع مازالت تُعانى الأمرين، وفى ظل رواج الحديث بين المواطنين عبر مواقع التواصل الاجتماعى خلال الآونة الأخيرة عمن يعانون من الإصابة بأمراض جلدية، تصدر مرضى «البهاق» المشهد على خلفية نجاح مسلسل «إلا أنا» الذى تناول عبر بعض حلقاته تفاصيل حول هؤلاء المرضى وسط انجذاب شديد نحو تلك المشاهد تحت عنوان «لازم أعيش».

وانطلاقًا من هذا المسلسل اتضح أن مرض البهاق لا يتوقف على الفئة التى خصّها المسلسل بالذكر بل هناك فئة «الأطفال» الذين يمثلون حالات خاصة على عكس غالبية المرضى كونهم يعانون من نظرات وغمزات وتلاسن بها البعض ليجدوا أنفسهم أمام محطة جديدة فى حياتهم لا يقوى عمرهم على استيعابها بجانب رحلة العلاج، وسط معاناة من التنمر ضدهم وهو ما يتم مقابلته بالصمت لعدم امتلاك القدرة على فهم طبيعة الأمر لتوضيحه على الأقل.  ورصدت «الفجر» من خلال التواصل مع بعض أهالى أطفال مصابين بـ«البهاق» حكاياتهم وما يواجهونه فى المجتمع.

1«تنمر بالمدرسة»

بدأت «سعاد .أ»، وهى أمْ لطفلة عمرها 8 سنوات، حديثها عن مرض ابنتها والذى وصفته بـ«اللعين» كونه تسبب فى ذهاب طفلتها إلى طبيب النفسى بسبب أصدقائها الذين تنمروا عليها فى المدرسة، معقبًة: «كنت بقولها من 4 سنين أول ما بدأت تفهم وتسأل إنها (حسنة) حلوة ربنا حطها علشان تبقى جميلة، لكن فى المدرسة قالولها إنتى عندك مرض ومش هنلعب معاكى».

وتابعت الأم: «بنتى فضلت نفسيتها تسوء من غير ما تتكلم، ولحسن الحظ إن أزمة كورونا لغت الدراسة، وكمان مش بوديها السنة دى بحجة العدوى لكن فى الحقيقة هى كرهت المدرسة، وبدأت أتابع مع طبيب نفسى، نصحنى بالهدوء وإن الأمر مسألة وقت وسيتم حلها».

وأضافت: «ثقتها فى نفسها أصبحت معدومة تمامًا ملهاش أصدقاء بتكتفى باللعب مع أخيها الأصغر منها، وبعتمد على مدرسين فى المنزل لتعليمها، ومازلت خايفة أخليها تواجه المجتمع بمفردها بدونى لإن مع أول احتكاك مباشر بالناس وللأسف هما أطفال زيها خذلوها وتسببوا فى جرح كبير ليها».

2«طفولة ضائعة»

«ابنى محروم من الخروج والتمرين»، جملة قالتها والدة كريم 12 عامًا وهو مريض «بهاق» منذ 10 سنوات، حيث حاولت علاجه بجميع الطرق الممكنة مع اتباع وصفات أعلنت عنها كل المراكز الطبية التى استطاعت أن تصل إليها وأضاعت طفولته فى التجارب التى أثرت بالسلب على نفسيته إذْ تسببت كثرة الخلطات للعلاج فى رقة جلده واحمراره وصعوبة تعرضه للشمس أو بذل مجهود واحتكاك.

وعقبّت الأم: «بالتالى حُرم ابنى من الذهاب للمدرسة أو التمرينات بسبب تعبه المستمر»، كما ذكرت موقفًا قالت فيها إنها حاولت أن تُلحقه بإحدى أكاديميات تعليم كرة القدم حتى رفضه المدرب بحجة أن هذا لصالحه وقال: «لو وقع هيتعور جامد وممكن الأهالى يخافوا يجيبوا ولادهم أحسن يتعدوا».

3«مستقبل مجهول»

عبرت «بدر» 17 عامًا مريضة «بهاق» عن خوفها من المستقبل سواء فى العمل أو الحياة العاطفية، فهى على العكس من الحالات السابقة لم تواجه التنمر من المجتمع، وكان لديها قبول من صديقاتها فى المدرسة وساعدتها فى ذلك الأخصائية الاجتماعية بالمدرسة، بعد التنسيق بين الأسرة والمدرسة وتعريف الطالبات بأنها غير معدية وساعدها تميزها بالدراسة لتخطى تلك الأزمة.

وأشارت إلى أنها تشعر دائمًا أن صديقاتها أفضل منها لأنهن لديهن علاقات عاطفية، وهى لم تجد شخصًا يُبدى إعجابه بها، وعندما صارحت صديقًا لها بإعجابها به رفض بسبب مرضها ما تسببْ لها فى حالة خوف من المستقبل وعدم قبول أى شخص للزواج منها، أو السماح لها بالعمل فى أى وظيفة مبينًة أنها تحلم بأن تكون طبيبة وهى واثقة أن حلمها لن يتحقق لأن المرضى سيخافون من التعامل معها بكل تأكيد.

4- «مكياج طفلة»

قررت «داليدا» اللجوء للميكاج وهى فى عُمر الـ12 عامًا بسبب موقف تعرضت له من والد صديقتها الذى رآها لأول مرة فى زيارة لابنته وبعدها طلب منها مقاطعتها تمامًا وعدم السماح لها بدخولها المنزل منعًا لتخويف الجيران منهم بالرغم من أنها غير معدية.

وشددّت على أن هذا الموقف كان بمثابة علامة فارقة فى حياتها حيث تقول والدتها «عزة» إنها فوجئت بابنتها تضع المكياج لإخفاء «البُقعة» التى تحيط فمها وعلمت بتفاصيل الموقف وتركتها حتى تهدأ وبدأت معالجة الأمر وتأهيلها للتعامل مع المجتمع كما هى دون التخفى بالرغم من أن الأمر استمر 4 سنوات لتقبله إلا أنها استطاعت مواجهته حاليًا وتخرج بدون مكياج ولها أصدقاء كثيرون مشيرًة إلى أن الأمر متوقف على الإرادة بشكل كبير. من جهته علقّ علاء محمد، طبيب نفسى، بأن العلاج النفسى للأطفال المصابين بـ«البهاق» يحتاج مجهودًا أكبر من البالغين لأنهم يعانون من تنمر كبير بسبب ذهابهم للمدرسة أو النادى أو ممارسة أى نشاط مجتمعى، لأن عادة الأشخاص البالغين لا يرون التنمر بشكل واضح أما فترة الطفولة تجعلهم يواجهون التعليقات السلبية دون خوف. فى السياق ذاته، أكد محمود حسونة المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم، أن الوزارة تقدم العديد من المبادرات الخاصة بالتنمر، مشيرًا إلى أن هناك آلاف المدارس تتبنى محاربة التنمر بأشكال مختلفة سواء عن طريق الندوات أو المسرحيات أو النشاطات المختلفة.

وأوضح «حسونة» أن هناك طفرة واضحة فى محاربة «التنمر» خلال السنوات الماضية لاسيما بعد توجيهات الرئيس، مشيرًا إلى أنه من المتوقع أن تساهم «مادة الأخلاق» فى القضاء على تلك الظاهرة نهائيًا، بينما تسعى المدارس لتوصيل منهجها عن طريق النماذج العملية من المجتمع.