لائحة قطاع الأعمال الجديدة تضع هشام توفيق فى مأزق

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر


هل ينجح فى احتواء غضب 200 ألف عامل؟

نقابات الشركات ترفض مسودة الوزارة.. والوزير يعقد 3 اجتماعات فى محاولة للحل 

الوزارة: 6 مزايا فى المسودة.. والهدف زيادة الدخل وتحقيق العدالة فى الأجور.. ولا يوجد تخفيض فى العلاوات

تسود الأوساط العمالية بشركات قطاع الأعمال العام حالة من الغضب الشديد بسبب لائحة الموارد البشرية الموحدة الجديدة، والتى طرحتها وزارة قطاع الأعمال مؤخراً للتوافق مع التعديلات الأخيرة للقانون 203 المنظم للقطاع، وأقرها الرئيس السيسى. وتنظم اللائحة التى تتوقع الوزارة الانتهاء منها وبدء تطبيقها خلال شهر ونصف الشهر، أحوال ما يقرب من 200 ألف عامل فى 8 شركات قابضة تتبعها 118 شركة، وستحل محل لائحة شئون العاملين وتختص بالتعيين والوظائف والترقية والتدريب والأجور والبدلات والمزايا ومواعيد العمل والإجازات، وغيرها.

من جانبها أعلن عدد كبير من اللجان النقابية التابعة للشركات رفضها للائحة المقترحة واعتراضها على بنودها، ورأت أنها تنتقص من حقوق ومكتسبات العمال وتتسبب فى تخفيض الأجور والمزايا، ومنها شركات الحاويات الحكومية والشركات التابعة للشركة القابضة للصناعات الكيماوية، وشركة دمياط للغزل والنسيج، وشركة مصر للفنادق، والشركة المصرية لتجارة الأدوية، وشركة النصر لصناعة الكوك، ومجمع الألومنيوم بنجع حمادى، وغيرها.

اللائحة التى تتكون من 92 مادة تسببت فى تعاقب البيانات الرافضة لها من جانب عمال الشركات، ووضعت الوزارة فى مأزق، وهو ما دفع الوزير هشام توفيق لإصدار بيان صحفى مطول بداية أكتوبر الماضى بشأن مشروع اللائحة.

وأشار البيان إلى تداول معلومات غير دقيقة على صفحات التواصل الاجتماعى والمواقع الإلكترونية بشأن اللائحة، وتم الترويج لمغالطات متعلقة بها، وصدرت صورة غير صحيحة للعمال، وأكد على تقدير الوزارة واعتزازها بالعاملين بالشركات.

وأرجعت وزارة قطاع الأعمال فكرة اللائحة الموحدة إلى أهمية وضع نموذج للوائح العمل بالشركات، متضمن قواعد أساسية منظمة لها، تجنبا للاختلافات الجوهرية بين لوائح القطاعات الاقتصادية المختلفة، وبما لا يخل بخصوصية كل قطاع أو صناعة.

ووصف بيان الوزارة مشروع اللائحة الجديدة بالمسودة الأولية للمناقشة، لافتا إلى أنها تهدف لزيادة مستوى الدخل بشركات القطاع التى ينخفض فيها مستوى الدخل عن نظيره بالسوق وباقى القطاعات، إضافة إلى السعى لتحقيق عدالة فى مستوى الأجور، بحيث لا يكون هناك تفاوت كبير بين الشركات، وبما لا يخل بإثابة العاملين بالشركات الرابحة.

وأوضح أن الشركات تقوم بمراجعة المسودة لإبداء الرأى بشأنها، فى إطار حوار لإعداد مسودة نهائية تراعى مصالح العاملين والشركات، بعد أخذ رأى النقابات العامة وعرضها على الجمعيات العامة لاعتمادها، تمهيدا لاتخاذ إجراءات إصدارها، ونفى البيان أن تكون المسودة متضمنة لأى تخفيض فى الأجور الأساسية أو العلاوات، سواء للشركات الرابحة أو الخاسرة.

وعددت الوزارة المزايا التى تشملها اللائحة، منها أنه لأول مرة تضمنت حق الجمعية العامة فى إقرار زيادة استثنائية فى العلاوة الدورية لضبط مستوى الأجور فى بعض الشركات، حسب مستوى الأجور فى السوق.

وأيضا استفادة كافة العاملين بكل الشركات من توفير وسيلة انتقال مناسبة أو صرف بدل نقدى لهم، وأحقيتهم فى صرف منح للمناسبات الاجتماعية فى حدود 4 أشهر (منحة شهر رمضان - منحة عيد الفطر - منحة عيد الأضحى – منحة عيد العمال)، بالإضافة لربط الحوافز والإثابة بالأرباح التى تحققها الشركة من خلال صرف حوافز وإثابة للعاملين بنسبة 16% من أرباح الشركة التابعة كمصروفات تحمل على الشركة، بجانب نسبة العاملين السنوية فى الأرباح المقررة قانوناً بنسبة 10% إلى 12%، تصرف نقداً بالكامل وبدون حد أقصى لعدد الشهور، وفقاً للقانون رقم 185 لعام 2020.

وبالنسبة للشركات الخاسرة، تم اعتبار تقليص خسائرها بمثابة تحسن أداء يصرف عنه حوافز وإثابة تشجيعاً للإدارة والعاملين على تحسين الأداء، وبنفس النسب السابقة، كما تشمل المسودة صرف مكافآت أو علاوة تشجيعية للعاملين الحاصلين على مؤهلات أعلى لتشجيع الارتقاء بالمستوى الفنى والعلمى للعاملين بالشركات.

لكن هذا البيان المطول لم ينجح فى تهدئة غضب عمال الشركات، ما اضطر الوزير فى منتصف الشهر إلى عقد عدة لقاءات مع رؤساء النقابات العامة لمناقشتهم وتلقى ملاحظاتهم، منها نقابات العاملين بالبناء والأخشاب والنقل البرى والكيماويات والصناعات الهندسية والمعدنية، وممثلى اتحاد عمال مصر بمجالس إدارات الشركات القابضة، وبحضور جبالى المراغى - رئيس الاتحاد ورئيس لجنة القوى العاملة بالبرلمان.

وأتت هذه اللقاءات بعد محاولات اعتصام للموظفين العاملين بشركات التأمين، وفيها لجأ الوزير لشرح نموذج رقمى لما سيحصل عليه الموظفون طبقا للائحة الجديدة مقارنة بالحالية، وأكد على عدم تأثر مجمل الدخل بجانب طريقة احتساب بنود الأجور والمزايا، واستعراض فلسفة كل تعديل مقترح.

وبعد ذلك عقد الوزير اجتماعا بممثلى اللجان النقابية بشركات مصر للتأمين ومصر لتأمينات الحياة ومصر لإدارة الأصول العقارية التابعة للشركة القابضة للتأمين، بحضور رئيس الشركة باسل الحينى، لتوضيح بنود اللائحة والإجابة عن الاستفسارات، وطالب أعضاء اللجان بإرسال ملاحظاتهم مكتوبة للوزارة.

ولم تقف محاولات احتواء الموقف عند هذه اللقاءات، بل عقد الوزير للمرة الثالثة لقاءات مع ممثلى اللجان النقابية بشركات مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى وكفر الدوار ودمياط للغزل والنسيج والدلتا لحليج الأقطان التابعة للشركة القابضة للغزل والنسيج، بحضور رئيس الشركة الدكتور أحمد مصطفى، ورؤساء الشركات التابعة.

وأكد الوزير على عدم انتقاص حقوق العاملين بعد تطبيق اللائحة، موضحا أن هناك زيادة فى الأجور بعد زيادة المنح والمناسبات وبدل الانتقال، بجانب منح العاملين مبلغاً كدعم مؤقت أثناء فترة تطوير الشركات إلى حين تحسن أدائها المالى.

وأوضح كمثال أن إجمالى الأجور السنوية للعاملين فى شركتى المحلة وكفر الدوار معًا طبقا للائحة الحالية يبلغ نحو 1.176 مليار جنيه، وسيرتفع إلى نحو 1.288 مليار جنيه عند تطبيق اللائحة الجديدة.

فى المقابل لم تسهم هذه الاجتماعات فى احتواء الأزمة، وعقدت دار الخدمات النقابية والعمالية نقاشاً خلال الأيام القليلة الماضية لمشروع اللائحة، أشارت فيه إلى عدم مشاركة أى من اللجان النقابية والنقابات العامة فى صياغة المشروع أو الإطلاع عليه قبل إطلاقه، وذلك وفقاً لتعديلات قانون قطاع الأعمال الجديدة التى استبعدت المنظمات النقابية فى الشركات من المشاركة فى صياغة اللوائح، وهو ما يخالف عديد من التشريعات المحلية والدولية.

وأكدت على أن مشروع اللائحة ألغى بنود البدلات والحوافز التى وضعتها الحكومات المتعاقبة، وهو اعتراف رسمى من الوزير بأنه لا يطبق الحد الأدنى للأجور الذى أقرته الدولة منذ سنوات، عندما يتحدث عن 600 جنيه أجر أساسى ويقوم بحساب زيادة افتراضية عليه.

وأشار كمال عباس - المنسق العام للدار، إلى أن مشروع اللائحة يمثل اعتداء واضحاً على نصوص قانون العمل رقم 12 لسنة 2003، وقانون التأمينات الاجتماعية الجديد رقم 148 لسنة 2019، وتشريعات أخرى.

وأضاف جمال عثمان - القيادى العمالى بشركة طنطا للكتان، أن المشروع به تضليل كبير فيما يخص بند الأجور، حيث يتحدث عن أن الأجر الوظيفى هو أساس الأجر مضافاً إليه العلاوات غير المضمومة، وضم الأجور النقدية والمزايا العينية التى تم إلغاؤها بموجب اللائحة ذاتها.

وقال رضا محمود عطية - رئيس اللجنة النقابية لشركة النصر للمطروقات، إن المشروع يضع عبء تطوير القطاع كله على كاهل العمال وعلى حساب حقوقهم ومكتسباتهم، لافتا إلى أنه جاء مخالفا للدستور المصرى فى المواد 8 و10 و11 و13 و27 و28 و34 و42 و76 و77 و81، وأيضا قانون المنظمات النقابية 213 لسنة 2017، والمعدل بالقانون 142 لسنة 2019 فى المواد 15 و47، وقانون الطفل فى المادة 72.

ووصف عطية المشروع بأنه مشروع تصفية لقطاع الأعمال العام وتمهيد واضح لتصفية الشركات وتسريح العاملين بها، وأشار سيد إبراهيم حبيب - قيادى عمالى بشركة مصر للغزل بالمحلة الكبرى، إلى أن ربط الأجر بالإنتاجية والأرباح هو ظلم كبير للعمال، لأن مشكلات قطاع الأعمال العام مشكلة إدارة، لافتاً إلى أن العمال ينتجون إذا توافرت لهم المواد الخام، وإذا تعطلت أو غابت نتيجة سياسات الإدارة، فلا يجب تحميل العامل مسئولية ذلك..

واستعرضت دار الخدمات النقابية والعمالية، مجموعة من المخالفات الموجودة فى مشروع اللائحة، أولها تتعلق بفترة اختبار العامل، وتحديد معايير الأداء الفعال، وإغلاق باب التظلمات، والتوسع فى عقوبة الفصل، وتجاهل موافقة العامل على النقل أو الندب، وترك تحديد نسبة العلاوة الدورية لمجلس الإدارة بدلاً من 7% المنصوص عليها فى قانون العمل.

وتقوم النقابات العامة للشركات ودار الخدمات العمالية والنقابية بتجميع ملاحظاتها لإرسالها للوزارة، وفى حالة عدم الاستجابة لها تستعد تلك المنظمات للتعامل القانونى مع مشروع اللائحة فى حالة إقراره.. فهل ينجح هشام توفيق فى احتواء غضب عمال شركاته؟.