أنسى أبو سيف فى حوار لـ«الفجر»: يوسف شاهين وشريف عرفة من أهم صناع السينما فى مصر

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر


الديكور المبهر فى أفلام مثل «حب فى الزنزانة»، و«آخر الرجال المحترمين»، و«الوداع يا بونابرت»، و«الحرافيش»، و«شحاتين ونبلاء»، و«الكيت كات»، وغيرها من الأفلام التى تحمل قيمة فنية مهمة مرتبط باسم مهندس ديكور صاحب بصمة مهمة، فأعماله التى قدمها خلال مشوار ممتد لأكثر من خمسين عاماً تعتبر من علامات السينما المصرية، هو المبدع الكبير أنسى أبو سيف والذى يكرم فى الدورة الرابعة لمهرجان الجونة السينمائى لما قدمه من «إنجاز إبداعى» وفى الحوار التالى لـ«الفجر» يتحدث «أنسى أبو سيف» عن تكريمه ومشواره وبداياته.

■ فى البداية كيف استقبلت خبر تكريمك فى الدورة الرابعة لمهرجان الجونة؟

- بسعادة كبيرة فالجونة مهرجان ليس صغيراً فهو مهرجان مهم وتكريمى فى الجونة هو تقييم أعتز به كثيراً، واستقبلت الخبر بسعادة لأنه أى تكريم فى مجال العمل هو بكل تأكيد دليل على أن الشخص يقدم خطوات جيدة.

■ كيف كان الاتفاق على معرض خاص باسكتشات أعمالك؟

- حينما كلمنى الأستاذ انتشال التميمى من أجل التكريم وشاهد الشغل الخاص بى اقترح عمل المعرض الخاص بالإسكتشات والرسومات الخاصة بأفلامى وبالفعل أخذنا جزءاً منها لأن من الصعب أن يتم استيعابها فى مكان واحد.

■ سأعود للبدايات ومرحلة تخرجك فى المعهد العالى للسينما والتى ارتبطت خلالها على المستوى الشخصى والمهنى بالمخرج شادى عبد السلام وصلاح مرعى، احكيلنا كيف توطدت العلاقة؟

- أثناء دراستى فى الجامعة كان الأستاذ شادى عبدالسلام بيدرسلى واتعرفنا كتلميذ وأستاذ وكنت فى السنة الثانية من المعهد، ووقتها دعانى لمكتبه وبالفعل زرته فى المكتب وأصبحت واحداً من أعضاء المكتب وكان موجوداً أيضا الأستاذ صلاح مرعى وكان الذراع اليمنى لشادى عبد السلام فى هذه الفترة وظلت العلاقة ممتدة حتى رحل عنا.

■ أصولك تعود للجنوب، كيف أثر المكان فى اهتمامك وتأثيره عليك مهنيا فيما بعد؟

- كون لدى مخزوناً كبيراً لأن المنطقة والبلد التى عشت بها لم يكن لها شكل واحد وكنت أتنقل بين الأماكن فكونت مخزوناً لبيت الفلاح المختلف عن بيت العامل وعن بيت الموظف وبيت المهندس وبيت المأمور، فكل الأماكن أثرت فىَّ بالطبع بدون تعمد ولم أكن مدركاً وقتها أهمية المكان، ولكن أصبحت أعرف الفروق بين الأشخاص من خلال أماكنهم، فالأماكن أصبحت لها دلالة على نوعية من يسكنون بها، وهو ما ظهر فى أعمالى فكل شخصية درامية لها المكان الخاص بها.

■ من أواخر الستينيات وحتى اليوم، اسمك كان كلمة السر وراء الكثير من الأعمال الجيدة، احكِ لنا عن قصة دخولك اللوكيشن للمرة الأولى فى عمل احترافى؟

- تجربة فيلم «يوميات نائب فى الأرياف» حين اختارنى المخرج الكبير توفيق صالح بعد تخرجى مباشرة لتصميم ديكور الفيلم، فشعرت برهبة كبيرة أزالها توفيق صالح فهو كان يعلم بأنها تجربتى الأولى حينما وقع اختياره لأشارك فى الفيلم، وكنت قبلها تمرنت مع صلاح مرعى فى فيلم «المومياء» ولكنه كان مختلفاً حيث كنا نصنع إكسسوارات الفيلم، ولكن «يوميات نائب فى الأرياف» كان كله ديكورات، وللحقيقة الذى ساعدنى وقتها العمال فى الاستوديو لأننى تعلمت منهم الكثير فى تلك الفترة، فالتعليم ليس فقط بداخل المعهد لكنه فى الحياة العملية أيضاً فكنت بعرف ارسم لكن ليس معناه أننى بعرف اشتغل، لكن ارتباطى بالعمال كان مهماً فكونت خبرة فالعمال كانوا عاملاً مهماً بالنسبة لى.

■ من بين أكثر من 40 فيلماً تعاملت فيهم مع أهم الفنانين والنجوم فى مصر وأنت واحد منهم أى فيلم قريب لقلبك؟

- كل أفلامى قريبة لقلبى لأنها لم تكن مفروضة بل اخترت إنى أشتغلها بقرارى، وبالتالى ممكن أكون فشلت فى حاجات ونجحت فى أعمال أخرى لكن ليس معنى ذلك بأنها ليست قريبة لقلبى لأن كل فيلم بقدمه هو حقل تجارب بالنسبة لى، وكل تجربة قدمتها نجحت أو فشلت علمت فى حياتى ومسيرتى الفنية وأصبحت خطوة طورتها فى التجربة التى تلتها، فكل فيلم له تجربة فى حياتى أعتز بها.

■ رددت كلمة تجارب فشلت أكثر من مرة فهل هناك أفلام شاركت فيها وشعرت بأنها تجربة فاشلة؟

- بالتأكيد فى أفلام قدمتها فشلت وأفلام نجحت لكن التقييم للنقاد فى النهاية، فكل فيلم بقدمه بشعر أن شغلى فيه ليس كاملاً وبحاول أكون كاملاً فى الأعمال التى أقدمها بعدها، فكل فيلم يعرض علىَّ بقدمه كأنى لسه بتخرج لأنى كل مرة بقدم فيلماً مختلفاً وبعمل حاجة جديدة ودى قيمة التجربة أنه الإنسان يخوض حاجة جديدة ويبقى عندك مخزوناً ورصيداً يضاف للأعمال الجاية.

■ ممكن تفاصيل التعامل مع العمل من البداية إزاى بتخططله والفكرة بتتبلور فى ذهنك إزاى لغاية ما يبقى ديكوراً قائماً فى الواقع؟

- فى البداية بيكون لدى فكرة عن المكان فشغلتى هى المكان الذى يعبر عن الشخصيات التى تعيش به، وهو تعبير درامى لأنه لابد وأن يكون هناك قيمة للدراما، والخطوة الأولى أنى بعمل بحثاً عن نوعية الشخصية اللى بعبر عنها شكلها وخلفيتها وعايشة إزاى، وابدأ فى وضع خطوط وخيوط تعبر عن دا، وبالتالى ببدأ أعمال اسكتشات كثيرة تدور حوالين الشخصية حتى أصل مع المخرج لاتفاق فهو الذى يحدد فى النهاية ولابد أن يقتنع أن المكان صالحاً للشخصية.

■ هل حصل إن وجهة نظرك اتعارضت مع منتج أو مخرج مثلاً بسبب تكاليف ولو حصل خلاف من النوع ده إزاى بيتم حله؟

- فى اختلاف دائما فالنتيجة التى نصل إليها هى نتيجة اختلاف لكى نصل للشكل الذى نتفق عليه أنا والمخرج، فأبحث دائما عن تعبير يوصلنى للمكتوب فى السيناريو، وتعبيرى يخضع لمخزون لدى وثقافتى ودراستى والمخرج أيضا لديه تعبيره فيكون هناك نقاش دائما للوصول لنقط تلاقى.

فمثلا تعبيرى قد يكون المكان فى عصر قديم مثلاً عصر إسلامى قديم حتى لو كان الفيلم عصرى ممكن استخدم تاريخاً قديماً أعبر خلاله عن هوية شخصية تعيش فى عصرنا الحالى لكنها مرتبطة بالقديم وممكن رفض الشخصية للقديم تجعلنى أقدم مكاناً مختلفاً، فى النهاية لابد وأن نتفق على شكل معين.

■ هناك أفلام تحمل توقيعك كمهندس ديكورـ وأفلام أخرى كمنسق مناظر إيه الفرق بين الاثنين؟

- منسق المناظر بيكون للأفلام التى لا تصور بداخل ديكور مصنع فى الاستوديو ولكن الأمر يكون متعباً أكثر، ممكن نصور فى فيللا يومين مثلا إنتاجيا بيكون صعب إننا نبنيها مخصوص بسبب التكلفة، فالمنتج بيتفق مع صاحب المكان على التصوير بمقابل مادى سواء قصر أو فيللا أو قهوة وهنا مصمم المناظر بيحول المكان المبنى الجاهز لشكل يخص الفيلم ويخدمه فتكون محاولات التغيير صعبة، لكن مهندس الديكور هو من يصنع الديكور فى الاستوديو.

وفى رأيى تسمية مهندس ديكور أو منسق مناظر ليست صحيحة، فالأصح هو مهندس المناظر بمعنى أن كل ما داخل هذا الكادر سواء صنعه أو نسقه هو المسئول عنه.

■ احكيلنا عن تجربتك فى تصميم الملابس خاصة أن معظمها فى أفلام تاريخية؟

- الملابس التاريخية هى فى الأغلب التى كانت تطلب منى على أساس دراستى لتاريخ أزياء وتاريخ عمارة، وفى الأفلام الحديثة كنت لفترة قريبة بكون مسئولاً عن الملابس فى الأفلام التى أقدمها خاصة أفلام داوود عبد السيد باستثناء آخر فيلمين له، ولكن مع الوقت ظهرت الستايلست ولكن لو فى فيلم تاريخى يتاح لى الفرصة أنى أعمل خلاله ملابس وأعمل دراسة تاريخية له لا أتردد.

■ صداقة وأعمال مشتركة ومشوار طويل مع المخرج الكبير داوود عبد السيد كلمنا عن تجربتكما سوا؟

- أنا وداوود عبد السيد كنا زملاء فى المعهد ودفعة واحدة وصداقة قوية من قبل أن أعمل معه فى أول أفلامه «الصعاليك»، وكنت مداوم التواجد مع داوود لأنه شخص صاحب قضية ولديه مشروع، فلم نكن سويا نلعب «طاولة» مثلا، ولكنه كان شخصاً غزير المعلومات وأنا كنت ضئيل المعلومات فكانت الجلسة بيننا مليئة بالتفاصيل والثراء.

■ اختلفتوا فى اللوكيشن؟

- الاختلاف بمعنى النقاش لوجهات النظر وهى تؤدى للحصيلة التى تشاهديها فى الفيلم، لكن إذا اختلفت تماما على فيلم أعتذر عن تقديمه.

■ تجربة عملك مع يوسف شاهين أيضا كانت مختلفة، عايزين نتعرف أكثر عليها؟

- يوسف شاهين صاحب مدرسة مختلفة واكتسبت من خلاله خبرة كبيرة وأضاف لى الكثير، وأعتبر أن ميزته هو والمخرج شريف عرفة –كمنتجين- غير أنهما مخرجان بأنه لا يوجد مثلهما فى السينما المصرية فهما لا يبخلان على مصاريف الفيلم أو مشهد حتى لو دفعا من «جيوبهم» .

وبعتبرهما من أهم صناع السينما ميزتهما أنهما بيعرفوا يعملوا فن سينمائى.