الفجر تحقق فى بيزنس «القاعات» غير المرخصة

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر


أبرزها فى «منيل شيحة» و«سقارة» و«المنصورية» أغا خان وأصحابها لا يعترفون بالإجراءات الاحترازية

فى طريق غير ممهد لا يسمح فيه بمرور أكثر من سيارة، وعلى بعد أكثر من 10 كيلومترات من منطقة الهرم الأثرية ستجد نفسك فى منطقة «فلل سقارة»، بمجرد أن تطأ قدمك هناك ستجد نفسك أمام عشرات الأفراح التى تقام فى هذا المكان، بديلا عن إقامتها فى قاعات الأفراح الباهظة.

بعد رحلة دامت لأكثر من عشرة أيام تمكن أحمد يحيى الشاب الثلاثينى، من الاستقرار على اختيار قاعة لإقامة فرحة، مقابل 15 ألف جنيه لمدة ساعتين، يتحدث يحيى مع مدير القاعة حول الشروط التى تضعها القاعة وحول الأعداد، وأيضاً الإجراءات الوقائية الخاصة المتبعة لمواجهة جائحة كورونا.

يقول يحيى «الرجل لا يهمه أكثر من الأموال التى سيحصل عليها، إنما الإجراءات أو الالتزام بأى شيء لايؤخذ فى الحسبان».

على جانبى الطريق ستجد لافتات كبيرة لقاعات الأفراح الموجودة فى المنطقة، لا أحد هنا يراعى الإجراءات الاحترازية التى نبهت إليها الحكومة، وعندما تسألهم عن هذه الإجراءات، يكون الرد واحداً «صحتك مسئوليتك مش مسئوليتنا».

وضعت وزارتا السياحة والصحة ما يقرب من خمسة عشر شرطاً ونصيحة لتشغيل المنشآت السياحية لاستقبال الأفراح والمناسبات الاجتماعية المختلفة، وكان أبرزها إقامة الأفراح بالمناطق المفتوحة بالفندق الحدائق وحول حمامات السباحة، إضافة إلى استمرار التعقيم للأماكن التى سيقام بها الفرح والحفلات.

علاوة على حضور 300 فرد بالفرح (المعازيم) على أن يتسع المكان الذى يقام فيه الحفل لضعف هذا العدد، قياس درجة الحرارة لجميع الحاضرين بالفرح أثناء دخولهم المنشأة، منع أى شخص درجة حرارته مرتفعة عن المعدل الطبيعى من الحضور، تعقيم الداخلين لحضور الفرح أو المناسبة المقررة، منع دخول أى فرد بدون الكمامة حفاظًا على الصحة العامة، وجود معقمات وأدوات تطهير بصورة مكثفة داخل المكان المقام به الفرح، إلزام العاملين بارتداء الكمامة والقفاز أثناء وجودهم بالفندق وحتى انتهاء الفرح.

دخلنا إلى إحدى قاعات الأفراح الموجودة داخل منطقة سقارة، لا وجود هنا لأى إجراءات احترازية لمواجهة فيروس كورونا، الجميع يتعامل مع الأمر بدون أى إجراءات احترازية أو اتباع التعليمات، العاملون داخل القاعة لا يرتدون الكمامات، المعازيم أيضاً لا يرتدون الكمامات، الطاولات ملاصقة بعضها البعض، ولايوجد هنالك أى تباعد اجتماعى يذكر.

بالتحدث مع أحد المسئولين داخل هذه القاعات حول الإجراءات الاحترازية قال لنا «كورونا متجيش على مؤمن يا مؤمن قدم أنت المشيئة وربنا يسترها متخفش».

يضيف المسئول عن القاعة قائلاً «القاعة دى تمنها 15 ألف جنيه فى الساعتين لو السعة بتاعتها بتكفى 100 فرد، لما أنا أجى أقول للعريس لا ده على 50 بس هيجى يقولى يفتح الله، فى غيرك، سوق القاعات دلوقتى مضروب أنا خسارتى بسبب كورونا أكتر من مليون جنيه حتى الآن، أنا بدفع من شهر 2 فلوس العمال اللى عندى وفى المقابل لسه بنقول يا هادى أهو الشهر ده».

يوضح المسئول «للأسف محدش يعودنا على اللى حصل ومحدش يسألنى على شغلنا ولا إجراءات ولاشيء، النقطة الثانية الزبون اليومين دول ما هو مرمى 24 ساعة فى الشارع وهيجى عندى أقول لا ألبس كمامة ولا حتى أقف أقيس الحرارة هو داخل مستوصف الرحمة، وبعدين ربنا هو اللى بيستر».

لم يتغير الحديث كثيراً من مسئول القاعة مع زملائه الآخرين الجميع هنا يرى أن الإجراءات الاحترازية هى والعدم سواء.

تشن الحكومة حملة مكبرة على مستوى المحافظات للسيطرة على قاعات الأفراح، فى محافظة الجيزة أغلقت أكثر من 13 قاعة أفراح تدار بدون ترخيص بطريق المريوطية شبرامنت وتم مصادرة محتوياتها وإيداعها بمخازن المدينة، الأمر ذاته تكرر مع محافظة القاهرة ومحافظات الدلتا.

على ضفاف نهر النيل حيث يمكن للعريس والعروسة إنزال قدميهما إلى النيل أو الاستحمام به إذا أرادوا، هنا وعلى مساحة كبيرة من الأرض الزراعية قرر مجموعة من الأشخاص تأسيس قاعة للأفراح، أعمدة الإنارة المبهرجة والأصوات الصاخبة حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالى هى السمة الرئيسية لهذه القرية الريفية الهادئة فى جنوب الجيزة.

رغم الشكاوى الكثيرة من أهالى المنطقة للمسئولين من الضوضاء والأزمة المرورية التى تسببها الأفراح إلا أنهم لم يجدوا رداً.

هنا وفى إحدى القاعات استقبلنا أحد متعهدى الأفراح فى المنطقة الموازية لمنطقة المعادى وبالقرب من منطقة المنيب، داخل مكتبه الفاخر المطلع على النيل لمعرفة تفاصيل الفرح والميزانية المحددة له، فى البداية أبديت تخوفاً من الإجراءات الوقائية ورفض إدخال «المعازيم» بدون كمامات فكان الرد قاطعاً نافياً «معندناش الحاجات ده يا بيه».

أبديت له تخوفاً من أن تشن الشرطة حملة خاصة وأننى كنت شاهداً على حملة لإزالة إحدى قاعات الأفراح بسبب عدم وجود التراخيص فكان الرد أيضاً قاطعاً «يا بيه كلها ماشية بالحب ومحدش معاه تراخيص».

يسترسل الرجل قائلاً «هنا الكل ماشى بالحب يعنى مفيش حد يجيلك ولو جه حد يتراضى ويشرب شايه ويمشى، وبعدين ده منشأة خاصة يعنى محدش ليه عندنا حاجة نعمل فرح نعمل طهور طالما جوه ملكى محدش ليه دعوة بيا».

تتراوح أسعار إيجار القاعة هنا ما بين 10 آلاف و25 ألف جنيه، رغم ذلك يشتكى أصحاب القاعات من تراجع إيراداتهم، فيقول الرجل «للأسف السوق لم من بدرى بقا كل واحد معاه قرشين يفتح قاعة وكلها بقت بتعمل أفراح، كله بيضرب فى كله ويضرب فى الأسعار عشان يحلق على الزباين، وجت 2020 وقفلتها ضبة ومفتاح مبقاش فى أفراح خالص والحالة فى الحضيض».

تراجع كبير حدث فى عدد عقود الزواج بمصر، بلغت نسبته 30.1%، تزامنًا مع إغلاق قاعات الأفراح والنوادى، ضمن إجراءات الحكومة الاحترازية للحد من انتشار فيروس كورونا، وفقًا لتقرير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عن مارس الماضى، حيث بلغت عقود الزواج خلال مارس الماضى 45 ألف عقد مقابل 64.4 ألف عقد خلال الشهر نفسه من العام السابق عليه.

تختلف أسعار القاعات من منطقة إلى أخرى، ومن مكان مفتوح إلى آخر مغلق أو القاعة مرخصة من عدمه، يقول أيمن مسلم وهو متعهد أفراح كبير بشارع فيصل «السعر بيختلف من مكان لمكان وأنت وفلوسك، يعنى هنا فى شارع فيصل فى قاعات فى شقق يعنى تدخل قاعة بتشيل آخرها 50 واحد وتعمل فرحك بـ3 آلاف جنيه وده للفقراء».

يضيف: «أسعار القاعات المرخصة والملتزمة متقلش عن 30 ألف جنيه وهتلاقى فى تشديدات وحوارات فالناس بتهرب منها وبتروح لغير المرخص، يعنى واحد هيعمل فرحة فى قاعة بتشيل 100 وجاله 150، ولو اتكلمنا فى الإجراءات الاحترازية هيسبنى ويروح لغيرى».

يضيف أيمن «سوق القاعات اضرب من بدرى، مؤخراً بقى فى تفتيش بسبب كورونا، والدنيا بقت متقفلة نسبياً بس ربنا بيدبرها، أنا عن نفسى ماشى فى السليم عندى 4 قاعات مرخصين وبدفع ضرايب، ده غير الفلوس بتاع النور والمياه اللى بتيجى بالآلاف لأنه بتتحاسب على أنك منشأة سياحية ولا تجارية».

تخضع قاعات الأفراح إلى بند ضريبة الملاهى فى الموازنة العامة والتى تشمل أيضًا الأماكن السياحية وغيرالسياحة من مسارح وسينما وغير من الأشكال الترفيهية، وبحسب الموازنة العامة للدولة، تراجعت الحصيلة من ضريبة الملاهى خلال النصف الأول من العام المالى الجارى إلى 52 مليون جنيه مقابل 148 مليون جنيه، بنسبة هبوط 64.9%، وذلك بسبب ازمة فيروس كورونا وإغلاق المنشآت السياحية وقاعات الأفراح.

يشتكى العاملون داخل هذا القطاع من وجود دخلاء تسببوا فى زيادة عدد القاعات غير المرخصة بمصر، علاوة على الرغبة فى الثراء السريع فكيف بدا الأمر هذا ما عرفنا عليه الحاج فتحى مصطفى.

داخل مقهى شعبى بمنطقة السيدة زينب يجلس الحاج فتحى مصطفى ذو السبعين عاماً، والذى عمل لأكثر من 40 عاماً فى مجال الأفراح والفراشة، يقول الحاج فتحى «الأزمة مش فى الناس اللى بيعملوا الأفراح الأزمة فى الزبون اللى عايز فرحه بشكل مخالف للقانون، كل اللى همه هو أن الفلوس تبقى أقل والعدد يبقى بمزاجه إنما إيه التفاصيل مش فارق معاه».

يضيف: « الحكاية من البداية لازم تقسمها لقاعات مرخصة وقاعات غير مرخصة، القاعة المرخصة هى قاعة قانونية تدفع ضرائب ومرافق مياه وكهرباء، لكن غير المرخص لا تدفع أى شيء»، «البيزنس ماشى فى القاعات اللى مش مرخصة، فايجار القاعة المرخصة بيبدأ من 250 ألف لحد 700 فى السنة، إنما اللى غير المرخصة يتراوح ما بين 100 لـ 200 ألف فى السنة».

وهنا –بحسب الحاج فتحي- يذهب العميل إلى الأماكن غير المرخصة لتوفير النفقات خاصة فى ظل الأزمات الطاحنة التى نعيشها حاليا جراء فيروس كورونا.

يضيف «الظاهرة بقا الجديدة بقت القاعات اللى على البحر، يعنى القاعات اللى بتبقى على النيل وده ماشى فى الحوامدية والعياط والبدرشين والمنيب، يجى الفلاح من دول يقولك أنا هقلب حتة الأرض ده قاعة أفراح واجرهالى وليك اللى فيه النصيب، فلما يطلعله 100 ألف فى السنة ده بيبقى هيعمل فرح، الفلوس بتعمى عينه ويقلب على طول وهلما جرا بقى كل شوية ناس تطلع تعمل أرضها قاعة أفراح».

ويوضح «القاعة تجيب أكثر من مليون جنيه فى السنة وانت ورزقك، يعنى أنا قبل كورونا كان عندى حجوزات تعدى الـ 700 ألف جنيه دلوقتى عليا ما يزيد عن 2 مليون جنيه بسبب إيجارات وصنايعية وكهرباء وماية».