«حظيرة» الأخوات لـ«تسمين» الجيل الجديد من أطفال الجماعة الإرهابية

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر


النساء يجبرن أبنائهن على مشاهدة قنوات الشرق ومكملين والجزيرة بدلاً من الكارتون

سبعة أعوام مرت على إقصاء الإخوان من الساحة السياسية بمصر، فاختفت القيادات العليا إما بالهروب للخارج أو وراء قضبان السجن حتى انتهى عهد الإخوان نهائياً، ولم يبقى منه سوى الرماد وبعض الأخوات «نساء الجماعة» اللاتى كانت علاقتهن بالإخوان تصل للعضوية بالجماعة، والانتماء الفكرى لها دون الاشتراك فى أى أعمال إجرامية.

«الفجر» قامت بجولة داخل بيوت الأخوات لمعرفة كيف يعشن الحياة بعد انتهاء حكم الإخوان بسبعة أعوام، وكيف يخطلتن بالمجتمع، فنجد منهن من لم تستطع العيش داخل قريتها، وأخذت عائلتها وذهبت للعيش فى مكان أخر هرباً من وصمة الإخوان، ومنهن من تواظب على الاجتماع بباقى أخواتها فى أحد بيوتهن، ومنهن من تستمر فى كتابة منشورات دعم للجماعة والتواصل فى مجموعات على «السوشيال ميديا» مع أخوات أخريات، ومنهن من تواظب على تعليم أبنائها مصطلحات الإخوان والتربية الإخوانية وتتابع قنواتهم من الشرق ومكملين والجزيرة لأطفال لم يتجاوزا الـ10 أعوام بدلاً من مشاهدة الأفلام الكرتونية المناسبة لسنهم، ومنهن من تجبر بناتها على ارتداء الحجاب فى سن مبكر، كما أنهن يدخلهن أبنائهن المدارس الإسلامية التى تحشوعقولهم بأفكار مشوهة.

 فالنساء فى جماعة الإخوان منذ تأسيسها عام 1928 أصبحن عنصرا فعالا فى التنظيم والإقناع وتجميع النساء، وتنظيم المناسبات الاجتماعية والدروس الدينية، بعيداً عن المناصب السياسية، ولا زالت المرأة هى من تنشأ جيل من الأطفال، وتؤثر على طريقته فى التعامل مع المجتمع والأخرين، فالمرأة فى الجماعة تربت بشكل تنظيمى إيدلوجي، فمنهن من تدير لجان إلكترونية لاستهداف وترويج الشائعات وتشويه مؤسسات الدولة، كما يحدث هذه الفترة من بث الشائعات، ومنهن أيضا من ابتعدت بشكل ظاهرى عن السياسة عقب الإطاحة بحكم الإخوان، ولكن تفكيرهن مازال متأثرا بآراء ومعتقدات التنظيم الإرهابي.

وفى أحد المنازل المعروفة بأنها تنتمى لفكر وجماعة الإخوان من الجد للأب ثم الأبناء، نجد نهلة، تلك الزوجة المنتقبة، فى الثلاثينات من عمرها، وزوجة أحد أبناء صديق والدها الإخواني، فهى وزوجها الملتحى تغيرت حياتهما ظاهريا فقط بعدما انتهى حكم الإخوان، وخاصة أن أحد أقاربها ما زال حبيسا فى السجن، فقد قامت بخلع النقاب، وقام زوجها بتخفيف ذقنه خوفاً من أى ملاحقات، مع حرصه على أداء العبادات فى المسجد، مع عدم إبداء أى رأى فى الشأن العام، فبيتهم المكون من 4 غرف ممتلىء ببعض الكتب الدينية من أدب الفقه،وكتب عن حسن البناء وسيد قطب، ولهم 3 أولاد، تحرص والدتهم على تحفيظ القرآن لهم منذ الصغر من خلال محفظ يأتى للبيت، مع إجبار ابنتها على ارتداء الحجاب وهى فى الصف الثانى الابتدائى، وتعليمهم مصطلحات الإخوان، كما أنها شغوفة بمتابعة أخبار الإخوان والمعتقلين من خلال الموقع الرسمى للإخوان، وتصفحه بشكل يومي وما عليه من بوابة الإخوان وبوابة المعتقلين، وأصول التربية الإسلامية، وتكوين النشأ، وروضة الدعاء، والعنف الأسري، ونصائح للمتزوجين، وكيفية بناء أسرة إخوانية وغيرها من المواقع على الانترنت، حيث تغيرت هى وزوجها من حيث المظهر العام فقط إنما بيتهم وحياتهم ما زالت تسير بنفس الفكر التنظيمى للإخوان وخاصة أنها تنشر بوستات عن الظلم السياسي، والمطالبة بالإفراج عن المعتقلين السياسين باعتبارهم أبراياء خاصة وقت انتشار فيروس كورونا.

 وعلى الجانب الأخر نجد حالة صابرين التى لم تتعدى الثلاثين من عمرها، انضمت لجماعة الإخوان منذ زواجها بأحد أعضائهم، وأصبحت منتمية لهم وتحضر الدروس الدينية بأمر من زوجها، حتى شربت تعليمهم وأصبحت ترددها، إلى أن أنتهى حكم الإخوان، فسافر زوجها هرباً عام 2014 إلى السعودية، خشية من القبض عليه، فبعدما أنجب منها طفل، وجعلها ترتدى النقاب، وتستمع لما يسمعه وتحضر دروس الأخوات، أصبحت حياتها ملتفة حولهم، حتى أصداقائها أصبحوا أخوات يعلموها طريقة تربية أبنها التربية الإسلامية فأصبحت حاملة لما يؤمن به زوجها وما يراه صحيح، وسارت على نهجه ومعتقداته وأرائه الإخوانية.

 أما عبير، التى تتجاوز الثلاثين من عمرها، والمعروفة وسط منطقتها بأنتمائها الفكرى للإخوان، الأم لأربعة أبناء، فكانت حريصة على تجميع الأخوات وإعطاء الدروس الدينية لهن بجانب فتحها حضانة إسلامية، وكانت تترك بيتها باستمرار لنشر الدعوى ولا تهتم بأبنائها مما جعل أحد أبنائها يفسد ويدخل السجن فى قضايا سرقة وسطو مسلح، وبعدما تم الإطاحة بحكم الإخوان أغلقت الحضانة خشية من وقوع شىء لها، وخلعت النقاب فترة ثم عادت له مؤخراً، عندما قررت الاهتمام ببيتها، وجدت الأمور قد تغيرت، فأبنائها خارجين سيطرتها هى ووالدهم، يقضون أغلب وقتهم على الهاتف، ومع أصدقائهم، لم تستطع التأثير عليهم فكرياً، فقد انشغلت بإعطاء دروس الدعوى والإجتماع بالأخوات دون الاهتمام بأبنائها الذين هم أولى بالرعاية .

 قصة أخرى من قصص الأخوات تحكيها لنا «عليا» فى أواخر العشرينات من عمرها، دخل زوجها السجن لمدة 6 شهور لانتمائه لجماعة الإخوان، وعقب خروجه من السجن أبتعدت هى وزوجها عن أى أحاديث فى السياسية أو التجمعات الاجتماعية أو العائلية، خوفاً من وصمة الإخوان التى أصبحت لصيقة لهم، حتى عيادته التى كانت مشهورة فى منطقته قل الإقبال عليها ، حتى فكر هو وزوجته الطبيبة فى الخروج من قريتهم والعيش بالمدينة، فزوجته التى كانت لها علاقات اجتماعية متشابكة أصبحت محدودة فى علاقتها بالأخرين، فقررا الذهاب إلى منزل جديد هربا من وصمة انتمائهم لجماعة الإخوان، ويحتوى بيتهم على مكتبة إسلامية تضم كتب أبن تيمية وكتب حسن البنا وكتب الفقه ، بجانب محركات بحث اليوتيوب لديهما التى تمحورت حول أدعية، ومقاطع فيديو لمحمد حسان ومحمد يعقوب، فهم لا يعبرون عن انتمائهم للإخوان أمام أحد فى مسكنهم بل يعيشون مع أنفسهم، وفقا لأرائهم وتفكيرهم ناقمين على الوضع السياسى الحالي.

وفيما يتعلق بالطبيبة البيطرية رنا، والمعروفة بإلتزامها وانتمائها للإخوان فى منطقتها، وزوجها الإخواني، لم ترتدى النقاب منذ البداية ولكنها كانت ترتدى الزى الإسلامي، كانت معروفة بعملها مع الجمعيات الخيرية وتجميع الإخوات من البيوت، وتشجيهم لانتخاب الإخوان فكانت تذهب للبيوت فى منطقتها، وتجمعهم فى الانتخابات والدعاية والدروس الدينية، والآن بعد الإطاحة بحكم الإخوان أبتعدت عن أى عمل عام، حتى أصبحت منطوية على نفسها وتربية أبنائها وعملها، تقضى وقتها ما بين عملها وأولاها وأهلها والذهاب للتسوق، ولكن حنينها للعمل العام ما زال يجرى بداخلها، فعمرها الذى يتجاوز 35 سنة كان ملىء بالخبرات الكثيرة فى عمليات الإقناع والتسويق والآن تربى ولديها الأثنين الأكبر 7 سنوات والثانى 4 سنوات على الفكر الإسلامى، مع حرصها على تحفيظهما القرآن بنفسها، ومع القنوات الدينية التى تستمع لها باستمرار والقنوات الإخبارية الإخوانية التى تسمعها هى وأبنائها ، حتى حفظوا أسماء مذيعين قنوات الشرق ومكملين والجزيرة بدلاً من مشاهدة الكارتون المناسب لسنهم.

ومن الكتب المفضلة لديها كتاب “فى رياض الجنة”،مقسم كل جزء منها لعدة أقسام تضم القرآن والتفسير والحديث والفقه والعقيدة، مع سلسلة كتب عن الرشاد فى تربية الأبناء، وكتاب عن التربية الإيمانية والدعوية للمرأة المسلمة، وكتاب الأصول العشرين لمؤسس التنظيم حسن البنا، وغيرها من الكتب الدينية.