«الفجر» تخترق عالم محترفات تجميع الأصوات الانتخابية

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر


ربات بيوت يتحكمن فى انتخابات القرى والأحياء الشعبية.. والاتفاق معهن ضمان نجاح المرشح

يسعى كل مرشح فى الانتخابات البرلمانية لضمان أكبر عدد من الأصوات، وهناك طرق لتحقيق ذلك بخلاف التقليدية التى تعتمد على الدعاية والتنافس وفق برنامج انتخابى، بالإضافة للجولات الميدانية بين أهالى الدائرة. ومن هذه الطرق المبتكرة شراء الأصوات أو تفتيتها من خلال تنافس مرشح ثالث يلعب هذا الدور بهدف نجاح المرشح الأساسى الذى يسعى للحصول على أصوات الدائرة ، وتعتمد حملة كل مرشح على سماسرة لتحصيل الأصوات، منهم سماسرة لمجمل الأصوات وهم الرجال الأكثر تأثيراً على شباب الدائرة.

هؤلاء لم نستهدفهم فى تحقيقنا، بل استهدفنا سماسرة الأصوات النسائية، وهى الظاهرة التى رصدنا انتشارها فى عدد من الدوائر منذ فتح باب الترشح، وأبطالها هم «ربات البيوت»بالقرى والأحياء الشعبية.

تشبه سمسارة الانتخابات شخصية «خالتى فرنسا» الشهيرة إلى حد كبير، ولابد أن يتفق على شهرتها أعضاء الحملة الانتخابية للمرشح، وأن تكون من النوع الخدوم الذى يسعى دائما لخدمة الجيران، وأن تكون شخصية اجتماعية تمتلك العديد من الصداقات ولها سطوة وتأثير على أصدقائها.

ذاع صيت «أم محمود» فى دائرة طوخ بالقليوبية، ويشاع عنها أنها إذا اتفقت مع مرشح فسيضمن أصوات جميع ربات البيوت فى الدائرة، ونالت هذه الشهرة منذ اعتماد أحد المرشحين عليها للفوز بمقعد فى برلمان 2010، أما عملها الأساسى فهى صاحبة محل للدواجن.

ووصلت شهرة أم محمود لكافة البلدان المجاورة لدائرة طوخ، وحتى بعد ضم الدوائر حاول مرشحون خارج مدينتها التواصل معها لكن مصادرنا قالت إنها اتفقت على دعم «ج.م » أحد المرشحين.

وفى الدقهلية وتحديداً بدائرة طلخا تشتهر سيدة أربعينية تدعى «سيدة» وأخرى خمسينية تدعى «أم عبده» بسيطرتهما على الدائرة، ويذاع عنهما امتداد شبكات علاقاتهما بنساء القرى المجاورة، والتى تعد الكتل التصويتية التى يركز عليها المرشحون.

ولذلك تتنافس السيدتان على التعاقد مع المرشحين من خلال استعراض قوتهما وسط التجمعات النسائية، وتكوين فرق مندوبات للذهاب لمقر المرشحين وعرض خدماتهن، ويعمل الفريق على خلق انطباع بأن بمجرد الاتفاق معهن فإن هذا ضمان لمئات الآلاف من الأصوات.

أما فى محافظة البحيرة فيوجد عدد كبير جداً من هذه النوعية من النساء ولكن بطريقة مختلفة و«شيك» إلى حد ما، فهن فتيات أعمارهن تتراوح مابين ٢٢ و٣٥ سنة، ويعملن فى العمل العام ضمن أنشطة الأحزاب السياسية، مثل حزب مستقبل وطن، وتقوم الأحزاب باستخدامهن وتشغيلهن فى العمل التطوعى والخدمى حتى يتمكنوا من تكوين قاعدة وأرضية كبيرة بين النساء لاستخدامهن فى التصويت الانتخابى.

يبدأ عمل الفتيات قبل الانتخابات بفترة كبيرة إلى حد ما، وبعض الأحزاب تنظم «ايفينتات» لتوزيع بعض الأدوات المدرسية أو الكمامات والكحول على نساء القرية أو المدينة فى المحافظة، ويتبادلون معهم أرقام تليفوناتهم للتواصل معهن فيما بعد، والفئة التى يتم استهدافها هى نساء الطبقة المتوسطة.

وبذلك تكون هذه الفتيات قدمن للنساء بعض الخدمات اللاتى يحتاجونها، وفى المقابل عندما يأتى موعد الانتخابات فإن عليهن رد الجميل، وأى مرشح يريد أن يضمن أصوات النساء فى الدائرة، وبالتالى يعتمد على فكرة استخدام الفتيات لأنهن يستطعن دخول المنازل، وإقناع النساء ، كما يذهبن لتوزيع «اللحمة» على سبيل المثال.

والكثير من الفتيات يعملن فى بعض الهيئات الحكومية مثل مديرية الشباب والرياضة، ومراكز الشباب.

فى منطقة الدرب الأحمر وعابدين والسيدة زينب والمناطق الشعبية بوسط البلد، تتراوح أعمار النساء العاملات فى الانتخابات ما بين ٤٠ إلى ٦٠ سنة، ومنهن من تكون صاحبة كوافير حريمى، أو تعمل فى تجارة الملابس الجاهزة، أو الأدوات المنزلية بالتقسيط المريح، ومن خلال عملهن تتوطد علاقتهن بنساء المنطقة ويقدمن بعض الخدمات، مثل توفير وظيفة لابن إحداهن، أو حل بعض المشاكل، كما يحضرن كافة المناسبات الاجتماعية لنساء المنطقة ويدخلن المنازل بكل سهولة.

عند بداية السباق الانتخابى تستطيع نساء الانتخابات حشد سيدات وربات البيوت فى المنطقة لحضور المؤتمرات الانتخابية، وعند التصويت يأخذن نصف ثمن الصوت منهن، فإذا كان سعر الصوت على سبيل المثال ١٠٠ جنيه يأخذن ٥٠ جنيهاً.

وفى الجيزة والمنيب يمكنك تقسيم المناطق الأكثر كتلة فى التصويت بامتداد شارع البحر الأعظم، ولا يوجد فى ميدان الجيزة نشاط كبير لما يسمى نساء الأصوات، وبالانتقال إلى المنيب تبدأ المناطق الشعبية التى يستهدفها المرشحون فهناك تتركز الأصوات المستهدفة.

أشهر وأول دائرة ظهرت فيها سمسرة أصوات الناخبين دائرة بندر ومركز الفيوم، وبالتحديد الدائرة الأولى التى يمكن من خلالها حصد أصوات السيدات المعيلات، والفتيات بالأحياء الفقيرة، ولأن كل حى له مسئول يستطيع تحضير ناخبات لا يستطيع مرشح بمفرده تحضيرهن، فالأمر فى الفيوم له طبيعة خاصة وأشخاص معينة تقف مع الناخب على العهد والوعد، وتستطيع أن تضمن أصوات مئات النساء، وأغلب تلك السيدات مسجلات خطر يتم استغلالهن بطرق معينة، منها تفريق الناخبات، وإفساد اللجان والحشد لحساب مرشح على حساب آخر، أو بتوجيه أصواتهن بطرق مدفوعة الأجر، وهو ما انتهجه رجال الأعمال المرشحون حالياً.

أول تلك الأحياء حى «الصوفى» و«الشيخ حسن» و«السلخانة»، الثلاث مناطق تضم بسطاء لا يحركهن إلا صوت «كراتين» السلع، وفى ذلك يتنافس سيدات تلك الأماكن الثلاثة من خلال سيدات معروفات ذاع اسمهن لدى الناخبين.

أول تلك السيدات وأشهرهن «بهيجة» وشهرتها «أم محمود» 55 سنة، تعتبر معلمة تستطيع أن تجمع مئات السيدات من خلال قاعدة علاقات تصنعها وتلتزم بها، مع توفير احتياجات من يوفى بعهده معها مقابل أن تحصل السيدة والفتاة على وجبة متنوعة من الأرز والسكر والزيت، وهناك ناخبون يحصلون منها على 50 جنيهاً مقابل الحضور للمتعهد أمام لجنة الانتخابات، فهو من يقوم بتوفير رقمها الانتخابى، وبعد الخروج من اللجنة تحصل الناخبة على هديتها فى هدوء، أو تتوجه لمنزل الحاجه «بهيجة» لتحصل على المبلغ المتفق عليه.

وهناك أخريات دورهن يقتصر على جمع البطاقات وتتعهد الحاجة «زينب مصطفى» بائعة بشادر الفيوم بأن تسلم المرشح عدد أصوات عن منطقة «الفواخير» و«دارماد» و«الحواتم» ببندر الفيوم، وذلك بناء على اتفاق مع المرشح الذى يستطيع أن يوجه مبلغ من 50 ألف جنيه، وحتى 200 ألف جنيه للحصول على أصوات أحياء ليس له فيها أحد، وتحصل المتعهدة على نسبة عن كل صوت تصل إلى 50 جنيهاً وأحياناً 100 جنيه، وقد يصل سعر الصوت فى المدينة ببندر الفيوم إلى 200 جنيه.

أما مركز يوسف الصديق وأبشواى الدائرة التى تمتلئ بالإخوان فقد نشط فيها سماسرة الانتخابات منذ عدة أعوام، وهناك فتيات مدربات وسيدات دورهن فعال يستطعن حصد وحشد جميع فتيات وسيدات العائلات وربات البيوت من خلال كشوف لديهن، وكان الإخوان يستعينون بهؤلاء السيدات وفق اتقاق مسبق بالدفع، ويتم الاتفاق على توفير سيارات أجرة وعدد من وسائل المواصلات الصغيرة مثل «التوكتوك» و«التروسيكل» لجمع الناخبين من المنازل وبمقابل كيلو لحمة أو مبلغ 50 جنيهاً للصوت، وحالياً يتم الاستعانة بتلك السيدات للوصول لرضا الفائزين وتحقيق مصالحهم، بجانب أن كل عدد توفره سمسارة الانتخابات تحصل على 10 آلاف جنيه مقابل كل 100 صوت.

وفى مركز سنورس بالفيوم الذى يتبع دائرة طامية وسنورس، هناك سيدات مختصة بجمع تلك الأصوات وتسليم عددهن لمندوب المرشح أمام اللجان، وفى سنورس توجد «أم كريم» والحاجه «سحر عبدالمعبود».

نفس السيناريو يتم على يد سيدات من نوع خاص فى منيا الحيط وأبوجندير والتى يصل عدد الأصوات فيها إلى 40 ألف صوت، وهناك صراعات من نوع خاص ولذلك هناك تسعيرة للأصوات تتم على يد سيدات تلك القرى، فسعر كل 500 صوت يصل إلى 15 ألف جنيه.