مدير متحف الحضارة يكشف لـ"الفجر" مصير متحف النسيج ومشهد آل طباطبا.. وموعد نقل المومياوات الملكية (حوار)

أخبار مصر

محرر الفجر مع الدكتور
محرر الفجر مع الدكتور أحمد غنيم


يعتبر المتحف القومي للحضارة هو الجناح الثاني من الحلم القومي السياحي الأثري المصري، حيث يعد المتحف المصري الكبير هو الجناح الأول، والقومي للحضارة هو الجناح الثاني، بما يمثل المتحفان من تكامل أثري وتاريخي تتفرد بهما مصر بين دول العالم، وتحول المتحف القومي للحضارة لهيئة مستقلة خاضعة لوزير السياحة والآثار مباشرة، وتولى الدكتور أحمد غنيم أستاذ علم الاقتصاد جامعة القاهرة رئاسة هيئة متحف الحضارة، وكان للفجر هذا الحوار معه لكشف كواليس العمل في المتحف قبيل افتتاحه، فإلى نص الحوار.

د. غنيم كأستاذ اقتصاد لماذا قبلت العمل برئاسة متحف أثري؟
"فعندما جلست مع الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار قلت له لماذا لم تأت بأثري لهذا المنصب؟ وكان رد الدكتور خالد العناني أن المكان تحول لهيئة اقتصادية بموجب القانون 10 لعام 2020 وأنه يحتاج لتغيير الفكر وإحداث انطلاقة اقتصادية في المكان، الأثري موجود وهناك في الهيكل المشكل بالقانون نائب للشئون الأثرية، والأثري له احترامه وتقديره "ومن غيره ما نقدرش نشتغل بالأساس"، ولكن هناك بعد ’خر خاص بالإدارة والتسويق والتخطيط والتعامل مع المستثمرين، وأرى أن هذا المكان ليس مجرد متحف فقط بل هو منارة ثقافية وحضارية".

"وما أقنعني بدرجة 100% لقبول المنصب، هو ما قاله لي الوزير من إنه يريد متخصص في الاقتصاد، وحيث عملت لفترة مستشارًا ثقافيًا لمصر في ألمانيا والنمسا لمدة 4 سنوات فلست غريبًا أيضًا على الشأن الثقافي، وعلى هذا استخرت الله وقبلت المنصب".

كيف بدأت فكرة إنشاء المتحف القومي للحضارة المصرية؟
"فكرة إنشاء متحف الحضارة ترجع لأيام الملك فاروق عام 1939، وبالفعل أنشئ متحف بمنطقة أرض الجزيرة في دار الأوبرا وافتتح عام 1949 ولكن لم يؤد الغرض المستهدف منه في إبراز الدور الريادي للحضارة المصرية، حيث تم تنفيذ العرض علي هيئة لوحات فنية حديثة تعبر عن موضوعات معينة وتطورها في العصور المختلفة ولم يقدم الحضارة المصرية بصورتها الحقيقية وأعيد إحياء الموضوع مرة أخري في السبعينات مع مشروع إنقاذ أثار النوبة"

هل تستطيع أن تصف لنا متحف الحضارة من وجهة نظرك الاقتصادية؟
"عندما جئت للمكان وجدته مشروعًا قوميا لمصر وليس مجرد متحف، ووجدت به قدرًا هائلًا من الطاقة الكامنة والتي لم تستغل بعد، سواء في الأصول البشرية أو الأصول المادية، والأصول البشرية هنا هي العاملين بالمتحف والذين نتيجة تغير الظروف لم يحصلوا علي الفرصة الكاملة لإظهار قدراتهم وما لديهم من إمكانيات"
"والأصول المادية بالفعل "حاجة ما حصلتش" ومبهرة وشعرت أنه هناك نوع من التحدي في هذا المكان أنه لو نهض سأكون قد فعلت شيئًا مفيدًا لبلادي وانتقلت من التنظير الأكاديمي للعمل على أرض الواقع، وحققت شيئا مفيدًا لمصر بغض النظر عن المجال الذي ستتحقق فيه هذه الإفادة".

ماذا عن تشغيل المشروع؟
"المشروع اقترب من الاكتمال، والمرحلة القادمة هي مرحلة التعامل مع المستثمرين والشركات وهذا نوع جديد من الإدارة لم يكن موجودًا من قبل، ومن أبسط الأمور تذاكر وخدمات الزوار والشئون المالية والإدارية وكل هذا يأتي في إطار إنشاء هيكل للمكان بعد ما طرأ على العمل به من تقدم وتطور في السنوات الأخيرة".

"المتحف كان تحت عباءة صندوق النوبة، وتحوله الي هيئة سيخرجه من هذه العباءة الصندوق وسيكون لزامًا إنشاء وتأسيس هيكل لهيئة المتحف، والمشروع يتضمن الكثير من المفردات الأثرية والتسويقية وعلينا أن نديرها بما يحقق صالح الأثار ويتوافق مع الفكر الطموح للمتحف كهيئة اقتصادية والتعامل مع المستثمرين، وعلي كرجل اقتصاد إذا لم أحقق ربحًا فعلى الأقل أجعل الخسارة إن وجدت في أقل معدلاتها".

ما الذي يميز رجل الاقتصاد عن الأثري هنا؟
"الأبعاد للعمل الاقتصادي قد لا يدركها الأثريون جيدًا بحكم أنهم تخصصهم الأثري الدقيق، وأنا كذلك كرجل اقتصاد لا أفهم عملهم، خاصة وأنهم مهرة بالفعل، والمتحف ليس مجرد صالة عرض أو صالتين، بل هو أكبر من ذلك بكثير فهو منارة ثقافية بحق وهو خليط من مكتبة الإسكندرية وحديقة الأزهر ودار الأوبرا إلى جانب كونه متحفًا ولو تم الترويج له في هذا الإطار سيحقق نتائج إيجابية كبيرة".

ما الذي سيحدث بتحول المتحف لهيئة اقتصادية؟
"عندما يصبح هيئة اقتصادية ستتم إعادة هيكلة أوضاع الموظفين والعاملين في المتحف وعمل هيكل إداري يتوافق مع كونه هيئة اقتصادية، وهنا أنا حريص علي متابعة العمل في كل جوانب المتحف لضبط ما يحتاج إليه ودفع العمل دون عقبات ورفع الروح المعنوية للعاملين وهم كفاءة بشرية عالية جدًا في جميع المجالات؟.

هل هناك مقترحات أو أفكار لتشغيل المتحف؟
"منذ توليت المنصب وألتقي بالكثيرين لأستمع للأفكار ومنهم مستثمرين وفنانين ومتخصصين في التراث وأساتذة جامعات، لأن المكان كبير جدا ومن صعوبته هو وصف هويته وتحديد من هو الزائر الذي سيأتي هل الأجنبي أم المصري، ولو المصري فمن أي فئة، وهو ما سيبني عليه كثير من الجوانب خاصة الخدمات، ومن ستقدم لهم كذلك الخدمات الثقافية التي سيقدمها المتحف والأعمار التي ستتلقى هذه الخدمات ومستوي الزوار الاجتماعي وتناسب هذه الخدمات لكل المستويات".

"وضمن الأفكار، نفكر في عمل مسرح الليلة الكبيرة للأطفال ومعرض للفنانين الذين صنعوا العرائس بالتعاون مع إحدى الجامعات المصرية، كما نفكر في جلب فنانة موسيقية لعمل حفل موسيقي يُعرض داخل القاعة وتدمج الثقافة بالفن والبعد الأثري والحضاري، وخاصة عندما تكون آلة عرفها قدماء المصريين وهي الهارب"
"الجزء الخارجي خاصة البحيرة من الأفضل يديره مستثمر تحت إشراف ومتابعة من الآثار، وفي الداخل هناك خدمات سيديرها مستثمر وجزء تحت سلطاتنا وخاصة الجزء الثقافي، بما يجعل المتحف متوازنًا ومناسبًا لجميع المستويات".

ما هي التحديات التي تواجه المتحف قبيل تشغيله؟
"أنا عنيد وأصر دائما علي إنجاز العمل، لذا أتابع كل التفاصيل مع جميع زملائي في المتحف، وحجم التحديات كبير خاصة بعد توقف العمل لفترة طويلة قبل سنوات وكل مشكلة يتم حلها أولًا بأول، وأفضل إنهاء أي مشكلة من جذورها ولا أقبل بالبيروقراطية في العمل ولا أتركها عقبة في طريق الإنجاز".

هل الإدارة تدعمك في عملك أم أن هناك معوقات؟
"الدولة بكل مستوياتها تدعمنا، فالوزير لا يتأخر عن المتحف في أي دعم، ومن وراؤه دعم سياسي مفتوح من الدولة لذا نحن نعمل بكل جدية، بشكل متناغم ولن نتوقف حتى يتم افتتاح المتحف إن شاء الله".

هل هناك منافسة مع المتحف الكبير أم تكامل؟
"ما بيننا وبين المتحف الكبير هو غيرة حسنة فكل منا يسعي لأن يكون كما هو مخطط له، نحن منارة ثقافية وتفردنا في التنوع الحضاري في نوعيات الأثار التي ستعرض بالمتحف من كل العصور التي تعاقبت على مصرنا الحبيبة".

ما هو دور اليونسكو في المتحف القومي للحضارة المصرية؟
"اليونسكو يؤدي مساهمات ومساعدات للمتحف حتي الآن، منها رفع كفاءة العاملين في المتحف، حيث ستبدأ 3 دورات تدريبية لرفع كفاءة العاملين حيث يملك المتحف أصول بشرية في منتهى المهارة، ولكنها تحتاج لرفع المهارات الإدارية، كذلك اليونسكو تساعد في إنشاء موقع إلكتروني محترف، وماكيت على أعلى مستوى".

لماذا افتتاح متحف الحضارة جزئيًا؟
"عندما نتعاقد على شيء ثم يحدث صدمة اقتصادية والمتمثلة في تغيير قيمة العملة عام 2016 والذي أثر على التعاقدات التي تمت مع المتحف، مع الأخذ في الحسبان أن المشروع كان متوقف، فأصبح ما كنا متعاقدين عليه بجنيه، سعره 10 جنيهات، فهنا كان لدينا أحد خيارين إما أن نوقف المشروع أو يتم السير فيه مرحليًا".

"القاعات المتبقية سيتم افتتاحها بمراحل قادمة، فالتفكير هنا براجماتي، بحيث نستفيد بما أيدينا، وليس معنى افتتاح عدد من القاعات سيوقف العمل في بقية المشروع، فالعمل مستمر، في بقية المشروع ولن يشعر الزائر بأي من الأعمال الجارية بعد الافتتاح الجزئي، والذي سيشمل القاعة الرئيسية وقاعات المومياوات الملكية".

ماذا عن موكب نقل المومياوات الملكية؟
"الافتتاح قريبًا جدًا وكذلك الموكب أيضًا، والذي سيمثل ما يوازي مليون دولار دعاية، حيث سيجعل الموكب المتحف محط أنظار العالم كله بما في ذلك الزائر المصري والذي لا يعرف عن المتحف حتى الآن سوى القليل، وسيبدأ هنا التساؤل، ما هو هذا المتحف، وسيبدأ الفضول ناحية المتحف يتحرك، وهو ما سيأتي بالزائر".

بمناسبة الحديث عن معرفة الناس بالمتحف ألا ترى أن المتحف غير معروف؟
"لا أنا ولا الناس كنا نعرف متحف الحضارة، وهذا هو التحدي الكبير الذي يواجهنا، وهو الدعاية للمتحف وتعريف الجميع به، وهو ما بدأناه بالفعل بإمكاناتنا البشرية الموجودة، سواء تغطيات إخبارية، أو تعريف بالقطع الأثرية، انتاج فيديوهات عن المتحف، ولدينا الآن صفحة المتحف على موقع التواصل الاجتماعي أصبحت مستقلة، وسوف تبدأ في العمل بشكل متفرد".

ماذا عن الإدارة الإعلامية في تلك الفترة التي تسبق الافتتاح؟
"الفريق الإعلامي للوزارة في بداية عملي كان لديه توجيه بمساعدتي فيما يخص الجانب الإعلامي، وهو أمر طبيعي في بداية عمل أي فرد، حتي أصبحت متمكن من جوانب العمل ومستوعبها، فأصبحت علاقتي مباشرة مع الإعلاميين والصحفيين، وهي العلاقة الكبيرة فيما قبل أن أتولى العمل بالمتحف، حيث تعاملت معها بعمق عندما عملت مستشارًا لوزيرين في السابق، ودور الإعلام معنا مهم للغاية، حيث يمثل السادة الصحفيين والإعلامين حجر الأساس في التعريف بالمتحف وإيصال محتواه وغرضه إلى الزائر المصري والأجنبي".

مشهد آل طباطبا ما هو مصيره؟
"مشهد آل طباطبا سوف ينقل من مكانه، ولكن إلى أين لا أعرف حقيقة، وغرض النقل هو الحفاظ عليه".

وماذا عن مصير متحف النسيج؟
"متحف النسيج سوف يتم نقله كاملًا إلى المتحف هنا، وسوف يستمر باقيًا في المتحف بشكل نهائي، وسوف يعود سبيل محمد علي في النحاسين أثرًا حيث أن المكان هناك يتعرض لمخاطر إنشائية شديدة، فحفاظًا عليه وعلى القطع الأثرية للمتحف كان لابد من نقلها إلى مكان آمن، ومكان عرض قطع متحف النسيج في الدور العلوي من قاعة العرض المؤقت، وهناك قطع لدي منها مثل كسوة الكعبة والسجاد، فسيتم انتقاء قطع نادرة للعرض".