كارثة.. أستاذة فى جامعة الإسكندرية تتهم باحثة «بالهرطقة» والكفر لأنها كتبت بحثًا عن الفن القبطي

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر


وكيل بطريركية العباسية: الكنيسة لا تشترط موافقتها على البحث العلمى

يبدو أن التداخل بين التفكير العلمى والبحث الأكاديمى وبين الآراء والمعتقدات الدينية أمر بات من الصعب التخلص منه حتى وسط فئة المتعلمين، ففى واقعة جديدة تعرضت باحثة بكلية السياحة والفنادق بجامعة الإسكندرية لرفض رسالة الدكتوراه الخاصة بها من قبل إحدى المشرفات بدعوى أن الرسالة تتعرض للعقيدة المسيحية حتى وصل الاتهام إلى حد الهرطقة.

ما زاد الأزمة تعقيداً أن الباحثة مسلمة وهو ما وضع الكلية فى موقف حرج خاصة أن القضايا التى تمس العقائد عموما والديانة المسيحية خصوصاً تثير مشاعر المواطنين وتأجج غضب الأقباط، مما دفع مجلس الكلية لعقد جلسة سرية والخروج برفض الرسالة، وهو ما جعل الباحثة تشعر بالاضطهاد نظراً لكونها مسلمة تناقش الفن القبطى بينما مجلس القسم كان قد سبق ووافق على الرسالة بما فيهم دكتورة قبطية.

بدأت المشكلة فى شهر يوليو الماضى حينما عقدت الكلية «سيمنار» عرض رسالة الدكتوراه للباحثة زينب حنفى على بعنوان «الشفاعة فى الفن القبطى» وقد وافق مجلس القسم ومشرفو الرسالة عليها، بينما اعترضت إحدى عضوات القسم وهى الدكتورة ميرى مجدى، حيث رأت أن الباحثة لايجب أن تناقش قضايا تتعلق بالعقيدة بينما هى مسلمة.

وتروى «حنفى» المشكلة قائلة: «تفاجأت بدكتورة ميرى تعترض على رسالتى ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل تطور إلى اتهامى بالهرطقة على العقيدة المسيحية حيث أنها ترفض وجود فكرة الشفاعة فى العقيدة من الأساس وحينما جادلتها قالت حتى وإن كانت موجودة فكيف لها أن تصور أو يعبر عنها فى الفن سواء لوحات أو أيقونات».

وأضافت «حنفى»: «حصلت على رسالة الماجستير فى قسم الإرشاد السياحى وخلال ذلك درست عدة عصور مرت على مصر منها الحديث والمعاصر والقبطى والإسلامى وقد تخصصت فى الماجستير فى الفن القبطى لأننى أحبتته وتم تعيينى بقسم القبطيات بمكتبة الإسكندرية وحينما بدأت فى الدكتوراه بالطبع يجب أن تكون متعلقة بالفن القبطى فهى ليست تهمة كما تدعى على دكتورة ميرى»، وتابعت: «من شروط رسالة الدكتوراه أن تكون فكرة مبتكرة وجديدة لم يتناولها أحد، كما يجب أن تتضمن رأى خاصة للباحث وعليه أن يثبت رأيه خلال بحثه ومنذ فترة التمهيدى ساعدنى فى رسالتى دكتور كارل إينماى من جامعة أمستردام بهولندا وهو بالطبع مسيحى».

وأوضحت «حنفى» أنه: «خلال بحث دام لعام كامل من قراءة فى كتب متخصصة فى الفن والتراث القبطى وحتى اللاهوت والعقيدة ومراجعة العديد من القساوسة المتخصصين والأساقفة حصلت على توصية من حوالى 7 أساقفة حول رسالتى وقد أجمع قسم الإرشاد السياحى خلال سيمينار العرض على قبول الرسالة من بينهم دكتورة إنجى أنور عبد الشهيد وهى مسيحية أيضاً وقد أشادت بالرسالة إلا أن دكتورة ميرى وكانت معها دكتورة لارا ابنة خالتها أغضبتهما الفكرة وأكدت ميرى أنها ترفض وجود الشفاعة وتحول النقاش من جدل علمى إلى نقاش دينى ثم بدأت فى التطاول على ومخاطبتى بشكل لايليق واتهامى بالهرطقة على العقيدة المسيحية وأن اختيارى لموضوع البحث وراؤه نوايا أخرى إلا أننى شعرت بالصدمة والاندهاش ولم أستطع الرد عليها وقررت الصمت بعد أن فشلت محاولاتى فى نقاشها بشكل علمى».

وتابعت: «الأمر تطور إلى أنها أجرت محادثة هاتفية ادعت أنها للبابا تواضروس الثانى وأنها على علاقة وطيدة به ونقلت له فكرة البحث وأنه قد أوصى برفض الرسالة، بالطبع شعرت أن ما حدث ليس حقيقياً لأن البابا ليس متفرغاً لموضوع أقل من أنه يفرغ وقته لمناقشة جدواه من عدمه، وفى هذه الأثناء كانت دكتورة عبير عطية العميدة متواجدة فأجبت على ادعاءت ميرى بأن البابا إذا كان له أى موقف من الرسالة عليه أن يخاطبنا بشكل رسمى وليس من خلال مهاتفتك فى مكالمة شخصية كما ترددين، وحاولت الدكتورة إنجى مناقشتها حتى بشكل دينى وعقائدى واستخدمت بعض الآيات من الكتاب المقدس ولكن باءت محاولاتها بالفشل، وقتها سجلت تحفظى خلال جلسة السيمنار بتشكيكها فى أمانتى العلمية وكذلك اتهاماتها لى بالهرطقة».

وتستكمل «حنفى» قضيتها قائلة: «هذا الموقف دفعنى لمراجعة رسالتى وقراءة بعض المراجع وحتى كتب اللاهوت لأننى أصبت ببعض التشكك فى إنتاجى العلمى ولكن كل ما توصلت إليه أكد صحة بحثى وراجعت بعض الأساقفة وقد دعموا الرسالة وحصلت من 3 منهم على خطاب توصية من بينهم أسقف بالقاهرة وتقدمت بالخطابات لمجلس الكلية».

وأوضحت: «لم تتوقف ميرى عند هذا الحد بل تقدمت بشكوى فى لجنة الدراسات العليا بالكلية تتهمنى بتقديم رسالة دكتوراه تتعرض للعقيدة المسيحية وأننى لست معنية بهذا النقاش نظراً لكونى مسلمة، وبدأت فى تهديدهم باسم البابا وتأكيد أنه رافض البحث ويطلب منهم منعه من الظهور للنور، كما توجهت إلى مقر عملى ونقلت لهم المشكلة محاولة الضغط على بكافة السبل إلا أن رؤسائى فى مكتبة الإسكندرية لم يعيروا لكلامها انتباها، تحركت شكواها بلجنة الدراسات العليا للكلية، وهنا عقد مجلس الكلية جلسة سرية لا نعلم ممن تشكلت أو كيفية تشكيلها ولم نخطر بها وخرج علينا بقرار شفهى غير مكتوب بأن البحث فى غير التخصص وعلى الباحثة أن تختار موضوعاً آخر».

وفى حزن ومرارة شديدة تقول «حنفى»: «حاولت مناقشة العميدة ولكنها رفضت سماعى وطلبت الحصول على خطاب يتضمن القرار وليس شفاهياً ولكن دون جدوى كما أن مجلس الكلية لم يخطر مجلس قسم الإرشاد بهذه الجلسة أو يناقشه فى القرار الذى توصلوا إليه إلا أن هذا أيضاً لم يحدث، ومنذ يوليو الماضى وحتى الآن نحو 3 أشهر أو أكثر لم تتحرك مشكلتى وهو ما جعلنى أشعر بالاضطهاد والتنكيل».

وواصلت «حنفى» قائلة: «متمسكة بحقى فى رسالة الدكتوراه ومؤمنة بها ومستعدة للتواصل مع أى قيادة كنسية وعلى ثقة أن البابا لا يدرى بكل ما يحدث ولا أتصور أن البابا بنفسه يقف فى وجه رسالة دكتوراه ويفرغ وقته لمنع الرسالة».

«الفجر» تواصلت مع دكتورة ميرى مجدى لنقل وجهة نظرها إلا أنها رفضت الرد على أى سؤال مفضلة الالتزام بالصمت، كما أكدت دكتورة إنجى أن مجلس الكلية قرر منع أى من أعضاء هيئة التدريس التحدث عن الأمور الداخلية للكلية فى الصحافة.

من جهته أكد القمص سرجيوس سرجيوس وكيل البطريركية الكبرى بالعباسية، أن الكنيسة لاتتطوع ولا تشترط موافقتها على أى بحث علمى أو دراسة أكاديمية حتى وإن كانت تناقش أمراً يخص الشأن المسيحى أو الفن والتراث أو التاريخ القبطى ولكن هذا أمر يعود للمشرف على الرسالة إذا طلب مراجعة الكنيسة فى بعض الأمور للتأكد منها فقط ولكن ليس بهدف قبول البحث أو رفضه، وفى هذه الحالة تحيل الكنيسة الأمر لمعهد الدراسات القبطية بقصد مساعدة الباحث وتقديم الدعم له أو تصحيح بعض النقاط إذا تضمنت أخطاء والرأى هنا استشارى وليس فرضاً على الباحث.