سادة المعارك.. كيف نجح سلاح المشاة في عبور خط بارليف المنيع؟

تقارير وحوارات

أرشيفية
أرشيفية


"نبدأ القصة معاه.. نادوا اسمه سلاح مشاة".. هكذا تبدأ حياة المقاتل المصرى فى سلاح المشاة، حين يتردد على مكتب التجنيد التابع له مقدما أوراقه، وعندما يحين وقت سماع السلاح، ينادى على اسمه أنه من بين الأسود التى انضمت إلى صفوف الأبطال، الملقبين بـ"سادة المعارك".

ولسلاح المشاة، دور عظيم فى الحروب، فقد كان لهم الدور الأكبر فى تحقيق نصر أكتوبر عام 1973، عندما كانوا أسودا اقتحموا مانع قناة السويس الصعب، واجتاحوا خط بارليف المنيع، ثم اشتبكوا مع العدو الإسرائيلى، الذى فر أمامهم، لا يريد الواحد منهم إلا أن ينجو بحياته من بين براثن تلك الأسود المصرية، التى جاءت تزأر لاسترداد الأرض المغتصبة، ومحو عار هزيمة يونيو 1967.

سلاح المشاة

إدارة المشاة بالقوات المسلحة المصرية، وتعرف أيضا باسم سلاح المشاة، وشعارها "قوة، عزم، نصر".

تمتد جذور سلاح المشاة بالجيش المصرى إلى 3 آلاف عام قبل الميلاد، وصولا إلى العصر الحديث، حين أعاد محمد على باشا، تشكيل هذا السلاح عام 1823، ومنذ ذلك التاريخ، استمر دور رجال المشاة فى جميع الحروب التى خاضتها مصر، إلى أن تحقق نصر أكتوبر.

ويتميز أفراد سلاح المشاة بالتميز التدريبى والتسليحى، واللياقة البدنية العالية، وكذلك القدرة على اجتياز الموانع الترابية بمهارة فائقة، والعمل الجماعى المتناغم.

ويطلق مصطلح المشاة على مجموعة من الجنود المسلحين بأسلحة خفيفة والمدربين خصيصا للقتال على البر، وباستعمال وسائط أخرى للتنقل فى بعض الأحيان، مثل: الشاحنات، والمركبات، وناقلات الجنود المدرعة "مشاة آلية"، أو مركبات القتال المدرعة "مشاة ميكانيكية"، أو السفن "مشاة البحرية"، كما يمكن إدخالهم مباشرة إلى القتال عن طريق الإنزال البرمائى، أو عن طريق الهجوم الجوى بالمظلات، أو عن طريق المروحيات.

ويشهد التاريخ، أنه غالبا ما يكون لسلاح المشاة النصيب الأكبر من الشهداء والمصابين، خلال الحروب، إذ يكمن دورهم الرئيسى فى تدمير العدو تحت أى ظرف.

ومن بين أبرز القادة العسكريين الذين تولوا إدارة سلاح المشاة، اللواء أركان حرب محمد نجيب، الذى شغل فيما بعد منصب رئيس الجمهورية.

دور المشاة فى حرب أكتوبر

عقب هزيمة 1967، التى لم تتح للجنود المصريين المواجهة الحقيقية مع قوات عدوهم الإسرائيلى، فاحتلت الأراضى المصرية، واعتقد الساسة الإسرائيليون أن مصر باتت جثة هامدة، وأن الحرب قد انتهت، كانت قوات المشاة، كغيرها من قوات الجيش، تقوم بالتدريب الشاق على جبهة القناة، وفى عمق الدولة، وعلى أرض مشابهة لمسرح الحرب المقبلة، وقد أجرت العديد من المشروعات التدريبية على جميع المستويات، وحتى مستوى الفرقة المشاة، والتجارب المكثفة، على اقتحام الموانع المائية، والساتر الترابى، وتدمير النقاط القوية والحصينة، بالإضافة إلى الرماية الليلية والنهارية المستمرة، بالذخيرة الحية، بكفاءة عالية.

وبينما قال وزير الدفاع الإسرائيلى، موشيه ديان، أمام أعضاء الكنيست والحكومة، فى شهر يوليو من عام 1973، إن القوات المصرية لكى تعبر قناة السويس وتقتحم خط بارليف، يلزمها سلاحى المهندسين الروسى والأمريكى معا، كان الجيش المصرى يجرى التجارب العديدة للقوات، من أجل عبور قناة السويس، واقتحام خط بارليف، ثم كان ابتكار أحد الضباط المصريين، بتنفيذ الفتحات الشاطئية فى خط بارليف بواسطة مدافع المياه، وتم التدريب الشاق عليها على أرض مشابهة لمسرح العمليات فى العمق.

وفى اجتماع الأول من أكتوبر 1973، قال ديان: "بعد عيد الغفران، سوف أقوم بتأديب المصريين والسوريين، وسيكون الدرس الذى سأعطيه لهم قاسيا"، بينما قالت رئيسة الوزراء الإسرائيلية، جولدا مائير لديان، فى صباح يوم الخامس من أكتوبر: "لقد آن الأوان كى نؤدب العرب"، ولم يكن أحدهما يدرى أن قوات الجيش المصرى، فى هذه اللحظة، كانت قد وصلت إلى أعلى درجات الكفاءة والاستعداد، تنتظر إشارة الأخذ بالثأر لشهدائها، وتحرير الأرض المحتلة.

وبالفعل، عندما حانت لحظة الصفر، بدأ الطيران فى ضرب أهداف العدو فى عمق سيناء، ثم بدأ 1500 مدفع، فى عمل تمهيد نيرانى متتالٍ على خط بارليف، وحان دور أسود المعارك، من جنود قوات المشاة، الذين حملوا 750 قارب مطاطى، ونزلوا إلى قناة السويس، قبل أن تفرغ المدفعية من ضرباتها، وقبل ذلك بيوم استطاعت أفراد من قوات الصاعقة عبور قناة السويس سباحة، والوصول إلى مخازن النابالم وتعطيلها.

وبدأ هجوم قوات المشاة المصرية، حينما عبروا القناة، واقتحموا خط بارليف، ورفعوا العلم المصرى عليه، بعد أن كانت إسرائيل تقول عنه إنه لا يقهر، ثم بدأت الهجمات المصرية على العدو الإسرائيلى، الذى كان جنوده يفرون وينسحبون من المعركة الضارية، فكانت الغلبة لجنود المشاة المصريين، الذين أقاموا رؤوس جسور على الضفة الشرقية من القناة، بعد أن أفقدوا العدو توازنه فى 6 ساعات.

وتصدى جنود المشاة لغارات الطيران الإسرائيلى المنخفضة، التى كانت تظن أنها تستطيع إرهابهم، لكنهم ردوا على تلك الغارات بشجاعة فريدة، فأسقطوا 4 طائرات بالأسلحة الخفيفة، واحتلوا أكبر مساحة من الأرض داخل سيناء، كما واصلوا فتح ثغرات، تقدموا من خلالها إلى عمق سيناء.