بعد جلاء مرتزقة أردوغان.. هل تستعيد ليبيا أمنها واستقرارها؟

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


مرت ليبيا بفترة عصيبة، انعكست على نمط الحياة اليومية للمواطنين، ممن نفد صبرهم، فخرجوا فى تظاهرات كبيرة، فى مدن الغرب الليبى، التى كانت تسيطر عليها حكومة الوفاق الوطنى، ورئيسها فايز السراج، المدعوم من تركيا، احتجاجا على تدنى مستوى المعيشة، وعلى الأزمات التى حلت بهم من انقطاع الكهرباء ونقص المواد البترولية، وتفشى البطالة، وغيرها من أزمات كان لحكومة الوفاق غير الشرعية دخلا مباشرا فيها.

ومما زاد أوجاع الليبيين، تدخلات تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان، دعما للسراج وحكومته، وميليشياته، فى مواجهة الشعب الليبى، وفى مواجهة الجيش الوطنى، والتى وصلت إلى حد إرسال المرتزقة للاقتتال فى الأراضى الليبية، وهو ما كشف النوايا الخبيثة والمخططات الدنيئة للغازى التركى، الذى كان قد أعلن أنه لن يخرج من ليبيا، ومن أجل ذلك فقد استمر لفترات طويلة فى إمداد الميليشيات والمرتزقة بالمال والسلاح، ودعمهم بمرتزقة آخرين، يتم تدريبهم فى المعسكرات التركية، وإرسالهم إلى ليبيا، حتى إن من بين هؤلاء المرتقة أطفال قصر لم يبلغوا الـ18 من عمرهم.

وأمام مظاهرات الشعب الليبى، لم يستطع فايز السراج وحكومته الصمود أمام الغضب الشعبى الذى كان يتزايد يوما تلو الآخر، حتى نجح الشعب الليبى فى فرض كلمته على المشهد السياسى، وعلى المفاوضات التى جرت خلال الفترة الأخيرة، برعاية دول عدة، والتى انتهت بإعلان فايز السراج، استقالته من منصبه، متخليا بقرار الاستقالة عن داعمه الوحيد، رجب طيب أردوغان، وجد الرئيس التركى نفسه وحيدا فى مواجهة الغضب الشعبى فى ليبيا، إلى جانب الانتقادات التى وجهها المجتمع الدولى له بسبب تدخلاته فى الشأن الليبى، ودعمه المستمر للإرهاب الذى يصبو فى النهاية إلى اضطراب ليبيا وعدم استقرار الأوضاع فى بلاد عمر المختار.

جلاء مرتزقة أردوغان عن ليبيا

وأمام كل تلك الضغوط لم يجد الرئيس التركى بدًا من الخروج من أراضى عمر المختار، وسحب مرتزقته من هناك، لا سيما مع التطور الحاصل فى الحوار الليبى - الليبى، الرامى إلى توحيد المؤسسات، وإجراء انتخابات مبكرة، وصولا إلى وحدة استقرار ليبيا.

وأعلن المرصد السورى لحقوق الإنسان، أن دفعة جديدة من المرتزقة التابعين للحكومة التركية، عادوا إلى الأراضى السورية.

وقال المرصد، فى بيان له، يوم السبت الماضى، إن أكثر من 1400 من مقاتلى الفصائل السورية الموالية لأنقرة عادوا إلى سوريا، بعد انتهاء عقودهم فى ليبيا.

وأوضح المرصد، أنه وفقا لإحصائياته، فإن تعداد المجندين الذين ذهبوا إلى الأراضى الليبية حتى الآن، بلغ نحو 18 ألف مرتزق من الجنسية السورية، من بينهم 350 طفلا قاصرا دون سن الـ18، وعاد من مرتزقة الفصائل الموالية لتركيا نحو 8500 إلى سوريا، بعد انتهاء عقودهم، والحصول على مستحقاتهم المالية.

وأكد المرصد أن إجمالى عدد الجهاديين الذين وصلوا إلى ليبيا، بلغ نحو 10 آلاف جهادى، من بينهم 2500 من حملة الجنسية التونسية.

بينما قال اللواء خالد محجوب، مدير إدارة التوجيه المعنوى بالجيش الوطنى الليبى، إنه تم الاتفاق على حل الميلشيات، وجمع الأسلحة فى يد الجيش الليبى، وتوحيد مؤسسات الدولة، وهو ما ضيق الخناق على مرتزقة أردوغان، الذين بدأوا فى مغادرة الأراضى الليبية.

وأوضح محجوب أنهم ليسوا على دراية بسبب مغادرة مرتزقة أردوغان، وما إذا كانت تركيا تحتاج إليهم فى منطقة أخرى، لكن كل ما يهمهم هو أن المرتزقة بدأوا بالفعل فى مغادرة ليبيا.

ليبيا تستعيد أمنها واستقرارها

ويرى محللون أنه بخروج مرتزقة أردوغان من الأراضى الليبية، فإن آمال الشعب الليبى فى استرادا أمنه واستقراره، ستتحقق، إذ إن الحوار الليبى - الليبى، نجح فى جمع أطراف النزاع، والتوصل إلى حلول تقضى بتوحيد المؤسسات الليبية، وحل الميليشيات المسلحة، وإجراء انتخابات مبكرة، وهى أمور حتما ستنعكس على وحدة وأمن واستقرار ليبيا وشعبها.

ويؤكد محللون وسياسيون أن الغازى التركى لم يكن أمامه سوى جر أذيال الهزيمة، والخروج من أراضى عمر المختار التى كانت مطمعا له، لا سيما بعدما أجبر فايز السراج على الاستقالة، وبعد النجاح الذى حققه ولا يزال يحققه الحوار الليبى، وهو ما سيفتح الباب واسعا أمام ليبيا وشعبها لاستعادة الأمن والاستقرار، ولعل أولى خطوات ذلك تتمثل فى السماح باستئناف الطيران من وإلى الحقول والموانئ النفطية لنقل العاملين والمستخدمين فى الشركات النفطية.