إيمان كمال تكتب: كيف لا نصبح جلادين؟

مقالات الرأي



كيف لا نصبح جلادين؟ هو السؤال الذى خطر ببالى وأنا أفكر فى كيفية استقبال الفعاليات والمهرجانات التى ستقام فى مصر خلال الأشهر المقبلة فى عام 2020 بعد أشهر من جمود الأنشطة الفنية والثقافية وتوقف المهرجانات ليس فى مصر وحدها ولكن على مستوى العالم تأثرا بانتشار فيروس كورونا ومحاولات الحد من انتشاره.

ومع عودة الحياة تدريجيا إلى طبيعتها مؤخرا بدأت بعض المهرجانات بالفعل الاستعداد للانطلاق خلال الفترات المقبلة، والبداية من خلال مهرجان الجونة السينمائى الذى يستعد للدورة الرابعة فى الثالث والعشرين من أكتوبر المقبل، وبعدها تشهد مدينة الإسكندرية فعاليات الدورة الـ36 لمهرجان الإسكندرية لدول حوض البحر المتوسط، وفى نوفمبر أيضا موعد الدورة الـ42 من مهرجان القاهرة السينمائى وفعاليات وأحداث فنية مختلفة يحاول صناعها التغلب على الأزمات وإحياء الأنشطة الفنية من جديد فى أضيق الحدود وأقل الخسائر.

وأنا أفكر فى حال القائمين على التجهيز لتلك المهرجانات من هم خلف السجادة الحمراء التى تخطف الحدث إعلاميًا، وكيف يجهزون للأفلام والتكريمات والمراسلات والكتب والنشرات المختلفة وما يتكبدونه من عمل شاق لأشهر ممتدة لخروج الحدث بأفضل صورة ممكنة شعرت بالشفقة حيالهم خاصة أننا أمام دورات من الصعب أن تقارن بالسنوات الماضية، ليس فقط لأن الغالبية يعمل فى ظل التخوف من عودة موجة جديدة وشرسة لكورونا قد تطيح بهذا المجهود الضخم ولكن أيضا لأنه بكل تأكيد حتى صناعة السينما نفسها تأثرت وبشدة من حالة التوقف الحياتية التى عاشها العالم خلال الأشهر الماضية، فمن الصعب التنبؤ بمستوى الأفلام أو عدد الحضور وإقامة فعاليات مختلفة على هامش المهرجانات كما هو المعتاد كل عام وإن كان بالفعل الجميع يعمل للحصول على أفضل النتائج الممكنة.

وفى الوقت الذى يفكر فيه صناع المهرجانات فى الإجراءات الاحترازية التى تضمن سلامة الحضور أعلم جيدا أن الانتقادات القاسية ستنهال عليهم من كل الجوانب لأن السوشيال ميديا التى أعطت مساحات واسعة للتعبير صنعت «جلادين» لا يفكرون إلا فى حصد مزيد من «اللايكات والشير» ظنا بأنها الوسيلة الأفضل ليكونوا شخصيات مؤثرة فى عالم السوشيال ميديا، فأصبحنا لا نلتمس العذر أحيانا للآخرين أو نفكر فيما وراء الأمور لندرك أبعادًا قد تغير وجهة النظر القاسية لتتحول إلى نقد بناء وهو ما أتمناه بكل تأكيد لأنه لا يوجد مهرجان أو حدث.. بل أقول بأنه لا يوجد أمر فى الحياة كلها خالى من الأخطاء.

أعلم أن كل ما سبق هو سيناريو قد لا يتحقق وبأنه ليس شرطا أن تتعرض الفعاليات المقبلة للانتقاد –لا سمح لله- وبأنه على العكس قد يتحول الأمر لمزيد من الدعم والتباهى بالأفلام الجيدة المعروضة والتنظيم الجيد وإلخ، ولكنى قررت أن استبق فى توجيه النصيحة للجلادين من اعتادوا الاصطياد فى المياه العكرة وتحويل كل حدث جديد وكل فعالية جديدة إلى معركة سلاحهم فيها أحرف الكيبورد، من يتلذذون بإهدار مجهود مئات العاملين الذين راهنوا على عودة السينما مغامرين بأرواحهم مع عودة انتشار الفيروس فى الأسابيع القليلة الماضية، أنصحهم ينظروا للإيجابيات كما يتصيدون السلبيات ظنا بأنهم يستطيعون تغيير العالم وهم جالسون على «الكنبة»، من يعكرون صفو النجاح بآراء وهمية مكتفين بالفرجة على صور المهرجانات دون مشاهدة أو حضور.

وفى النهاية أعلم بأننا جميعا نحلم ونتمنى عودة المهرجانات المصرية بأفضل صورة وننتظر مزيد من الأفلام الجيدة ومزيد من الندوات المؤثرة والمشاريع المثمرة.. وبشكل شخصى لا أنكر بأننى أترقب بشغف كل ما سبق وبأن أجلس أمام الشاشة الكبيرة لأسافر عبر حدود وثقافات وأفكار لا يتوقعها عقلى.