بعد صدور حكمين بالحبس والغرامة.. اشتعال معركة الحكومة ضد الاستغلال بالسوق العقارية

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر


حماية المستهلك يفحص 800 شكوى من العملاء

تشهد السوق العقارية حالة من التوتر مع توجه الدولة إلى تنظيمها من خلال إقرار حزمة من القوانين أو القرارات التى كان آخرها قانون التصالح فى مخالفات البناء، ووقف إصدار تراخيص البناء لمدة 6 أشهر.

وتصاعدت هذه الحالة مع بداية أغسطس الماضى، بصدور بيان لجهاز حماية المنافسة يحمل لهجة شديدة ضد الشركات العاملة فى مجال العقارات، وتبعها قرارات أخرى لجهاز حماية المستهلك ضد بعض الشركات.

واستعجل مجلس النواب من خلال لجنة الإسكان خلال فبراير الماضى الحكومة لإرسال مشروع قانون التطوير العقارى، بهدف الوصول لصيغة واضحة تحكم العلاقة بين الشركات والحكومة، من خلال إصدار تراخيص لمزاولة المهنة وتنظيم السوق وحماية العملاء من عمليات النصب.

وبدأت المعركة الحالية بين الشركات العقارية والحكومة حين أصدر جهاز حماية المنافسة التابع لمجلس الوزراء بياناً حذر فيه الشركات من فرض إجراءات وشروط وصفها بالتعسفية ضد عملاء السوق العقارية، وذلك بعد أن تلقى عدداً من الشكاوى بهذا الخصوص خلال الفترة الأخيرة.

ورصدت تلك الشكاوى قيام عدد من شركات التطوير العقارى بممارسات احتكارية تسببت فى أضرار جسيمة للمتعاقدين معها، مستغلين صعوبة قيام المتعاقدين بشراء عقار آخر، أو التحول لتجمعات سكنية أخرى.

وأوضح بيان الجهاز أن من أبرز هذه الممارسات المطالبة بسداد مبالغ مالية تعد نوعاً من التعسف لأنها غير مرتبطة بمحل الاتفاق أو التعاقد الأصلى، بالإضافة لتعليق تقديم خدمة ما على قبول شروط غير مرتبطة بطبيعة الخدمة، وإرغام الساكنين على التعامل مع مورد واحد للخدمات المختلفة رغم وجود موردين آخرين.

وأشار الجهاز إلى أن من هذه الخدمات خدمة الإنترنت الأرضى، وخدمات شحن عدادات الكهرباء، وخدمات الصيانة، ومقابل الحصول على المرافق الأساسية مثل الكهرباء والمياه وخدمات النظافة بشروط مالية وتعاقدية تعسفية.

وأكد الجهاز على أهمية حماية حرية المنافسة فى القطاع العقارى، والتأكد من عدم إتيان أى من العاملين بالسوق بممارسات احتكارية تضر بالمواطن، ما يشجع الاستثمار العقارى ويعود بالنفع على الاقتصاد ككل، وناشد المواطنين بالتقدم بالشكوى ضد أى ممارسات تؤثر على حقهم فى الاختيار، والحصول على أفضل المنتجات.

وهو البيان الذى رفضته غرفة التطوير العقارى باتحاد الصناعات جملة وتفصيلاً، وعلقت قائلة إنه صدر دون الرجوع إليها لأخذ رأيها، وأنها ستخاطب الجهاز لتحديد لقاء عاجل مع مجلس إدارتها لاستيضاح ما تناوله البيان، وفهم طبيعة الملاحظات التى أبداها الجهاز واعتبرها ضارة بالعميل.

وأضافت الغرفة: إنه لا يوجد ممارسات احتكارية، وأن التعاقد مع مورد واحد لتقديم بعض الخدمات مثل الإنترنت الأرضى يرتبط بقيام مورد الخدمة بضخ استثمارات بالملايين فى تنفيذ البنية التحتية لشبكة الألياف الضوئية، ومن الطبيعى أن يكون هو المورد الخاص للخدمة.

أما لجنة التشييد والبناء بجمعية رجال الأعمال المصريين، فقالت فى تعليقها على البيان إن أغلب الخدمات مثل الكهرباء والغاز والتليفون الأرضى وغيرها ترتبط بشركات حكومية هى الوحيدة التى تقدم تلك الخدمات، ويتعاقد معها المطور إجباريا، أما الإنترنت فمن حق المطور أن يتعاقد مع إحدى الشركات لتوفير الخدمة لكنه لا يمنع أحداً من التعاقد مع شركات أخرى.

وأشارت اللجنة إلى أن هناك بعض التجاوزات والممارسات السلبية التى تتم من جانب قلة من الشركات، والتى تمثل تعسفاً ضد العميل، مثل قيام الشركة بتركيب عداد الكهرباء أو المياه فى غرف مغلقة تخضع لسيطرتها، وتقوم هى بتحصيل قيمة الاستهلاك أو الشحن للعميل، بما لا يمكنه من معرفة حقيقة استهلاكه.

كما تقوم بعض الشركات بفرض مبالغ مقطوعة على العميل فى حال رغبته فى تركيب تليفون أرضى أو أطباق دش، على الرغم من توفير الخدمة بمبالغ أقل كثيراً من جانب الشركة الحكومية، أو دون مقابل.

ولم تقف المعركة عند هذا الحد، بل شهدت نهاية أغسطس الماضى صدور أحكاما قضائية ضد شركات عقارية بعينها، أولها حكم من محكمة القاهرة الاقتصادية بحبس مالك ومدير شركة جولف بارك للمنشآت السياحية لمدة سنة مع الشغل وكفالة 20 ألف جنيه.

وهو ما علق عليه جهاز حماية المستهلك قائلاً إن الحكم جاء فى ضوء شكوى واردة من أحد المستهلكين خلال شهر يوليو 2019، والتى تضرر فيها من قيامه بالتعاقد على شراء وحدة عقارية شالية خلال عام 2013، على أن يتم التسليم خلال عامين من تاريخ التعاقد، مع قيامه بسداد ثمن الوحدة المتعاقد عليها إلا إنه لم يتسلمها.

بجانب قيام مالك الشركة برفع سعر الوحدة من تلقاء نفسه، ومطالبة العميل بسداد مبالغ إضافية خلاف المنصوص عليها بالتعاقد، ويعتبر هذا الحكم هو الأول فى قطاع العقارات بعد تعديل قانون حماية المستهلك الأخير، والنص على تضمين حقوق للمستهكلين فى هذا المجال.

وفى اليوم التالى لصدور الحكم قضت نفس المحكمة بتغريم المدير المسئول عن شركة مارينار سدر للاستثمار مبلغ 200 ألف جنيه، وذلك بعد شكوى من أحد العملاء لجهاز حماية المستهلك بتضرره من قيام الشركة بمطالبته بسداد 30 ألف جنيه مقابل رسوم لإجراءات نقل ملكية الوحدة إليه.

وفى نفس السياق يقوم جهاز حماية المستهلك حالياً بدراسة 800 شكوى مقدمة إليه ضد الشركات العقارية، أغلبها يتعلق بتأخر فى التسليم عن الموعد المتفق عليه فى التعاقد، وأخرى تتعلق بمصاريف ورسوم تنازل عن الوحدة، بجانب الإعلانات المضللة.