«الفجر» تنفرد بحكايات البطولة الحقيقية من الملفات الرسمية «سمير الإسكندرانى».. قصة بطل

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر


نشأ فى منزل متوسط لوالد يعمل فى الموبيليات بحى عابدين

ساهم فى تقديم كنوز من المعلومات لوطنه

عاش سمير الإسكندرانى حياة مليئة بالأحداث ما بين عالم الجاسوسية، والفن، والوطنية، فلم يكن غريبا على هذا الإنسان العاشق للفنون أن يناضل من أجل وطنه، ويضع حياته فداء لترابه، وفى السطور التالية نستعرض مشوار حياته وإحدى القصص البطولية له.

كان سمير الإسكندرانى - من مواليد ١٩٣٨- طالبا بكلية الفنون الجميلة بالزمالك، مجيدا ومتحدثا للغة الإنجليزية والفرنسية والإيطالية ونشأ فى منزل متوسط لوالد يعمل بالموبيليات فى حى عابدين.

التحق خلال دراسته عام 1955 بمدرسة ليلية إيطالية بالقاهرة، فحصل على المركز الأول فى الامتحان السنوى، ونال رحلة دراسية لمدة شهر بجامعة بيروجيا بإيطاليا، وسافر إلى إيطاليا فى 15 يوليو سنة ١٩٥٨ وأقام فى بلدة بيروجيا القريبة من روما والموجود بها الكلية الخاصة بتدريس اللغة الإيطالية لغير الإيطاليين.

بدأت قصته البطولية عندما ذهب بنفسه إلى المخابرات العامة يطلب لقاء أحد المسئولين بالجهاز الوطنى ويصبح من بين أبطال الجهاز الشاهد على فترة مهمة من تاريخ مصر، وساهم فى تقديم كنوز من المعلومات إلى وطنه، كما ساعد فى رصد مكان اتصال الجاسوس الهولندى مويس جود سوارد به، حتى تم القبض عليه وكشف أعضاء شبكة تجسسية كاملة داخل مصر.

ففى إحدى الليالى وسمير الإسكندرانى يراقص فتاة بأحد بارات الجامعة قابله شخص يدعى «سليم» والذى أبدى إعجابه بسمير بدرجة كبيرة وبرقصته مع الفتاة، إلى جانب إجادته للغة الإنجليزية، وأبدى اهتمامه به منذ الوهلة الأولى وطلب لقاءه بعد ذلك عدة مرات للتعرف عليه أكثر.

كان « سليم» عميلا لجهاز الموساد الإسرائيلى فى ذلك الوقت وأراد تجنيد سمير الإسكندرانى، وفى مقابلات أخرى لاحقة سأله «سليم» عن أهدافه من ناحية التعليم، فأجابه سمير بأن والده صاحب معرض موبيليات وأنه يرجو أن يسافر إلى السويد حيث الفن الرفيع فى هذه الصناعة، وللدراسة أيضاً، ولكنه لا يتوقع تحقيق ذلك لحالة والده المادية، فسأله عن رأيه فيما لو تمكن من تحقيق رغبته عن طريق القيام بأعمال ترجمة تستغرق منه ثلاث ساعات يومياً نظير 80 ألف ليرة، فرحب سمير بذلك.

وبعث «سليم» سمير الإسكندرانى لعميل آخر أخبره بأن أهدافه هى إعادة الأموال التى صادرها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر من اليهود الذين طردهم، لعدم شرعية هذا الإجراء ثم توقف عن الكلام، وذكر له بأن تنظيمهم لا يضم إلا الرجال، وأن سمير لايزال صغيراً، وأعطاه نموذج بيانات شخصية وذكر له أنه سيعرضه على تنظيمه ليقدر صلاحيته.

علاوة على إخلاص «الإسكندرانى» ووطنيته وولائه واستعداده للتضحية بمستقبله فى سبيل نجاح العملية، لمست المخابرات المصرية ميله الطبيعى وحبه للمغامرة واستعداده لمواجهة ما قد يتعرض له من صعاب ومشاكل، وكانت هذه العملية مهمة للغاية لمصر لأنها أول تجربة من نوعها لإدارة مقاومة الجاسوسية فى مجال تشغيل العملاء المزدوجين بالنشاط الإسرائيلى، مع تطبيق مبادئ المخابرات فى مجال العمليات السرية على موضوع حى فى الميدان.

وكان الهدف الأساسى أبعد من إيقاع عدد من الجواسيس فقط، ولكن المخابرات المصرية كانت تخطط للتتعرف على الوسائل المختلفة التى يتبعها العدو فى تشغيل عملائه، واستنتاج نوايا العدو المستقبلية من خلال احتياجاته المختلفة، فضلا عن كشف وسائل الاتصال مع المخابرات الإسرائيلية بالخارج، والوصول إلى مصادر ووسائل تمويل العمليات السرية التى يقوم بها العدو داخل البلد، مع كشف العملاء الجدد لمخابرات العدو بالطبع، وكان من الضرورى لتحقيق هذه الأهداف كسب ثقة المخابرات الإسرائيلية فى العميل المزدوج. وفىأكتوبر 1958 نفذ سمير الإسكندرانى أول تعليمات المخابرات الإسرائيلية بإرسال بطاقة بريدية تفيد بوصوله إلى البلاد وبدء تنفيذ العمل، وفى بداية نوفمبر 1958 أرسل خطاباً سرياً أكد فيه أنه التحق بالعمل فى القسم الإيطالى بالإذاعة، وأنه تأخر فى إرساله الخطاب لتعرضه لبعض المضايقات بالمنزل ولمرضه لمدة أسبوع، وأشار فى الخطاب إلى أن العميل المزدوج للموساد استطاع الحصول على بعض المعلومات المطلوبة.وساهم عمله مع المخابرات المصرية بعد ذلك فى رصد مكان اتصال الجاسوس الهولندى مويس جود سوارد به، حتى تم القبض عليه وكشف أعضاء شبكة تجسسية كاملة داخل مصر ليصبح صيدا ثمينا لمصر فى ذلك الوقت.