الخطوط الحمراء.. سياسة فرنسية لتحجيم أطماع أردوغان بالمتوسط

عربي ودولي

بوابة الفجر




"أي مشروع أو خطة، سياسية أو اقتصادية، محكوم عليه بالفشل إذا استُبعدت تركيا منه.. كلمات مشحونة باستفزازات وتهديدات وجهها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في مايو الماضي، إلى أوروبا وخصوصا اليونان، في ظل تصاعد التوتر في شرق المتوسط التي يعتبرها منطقة نفوذه الخاصة.

أما فرنسا التي ترقب عن كثب التصعيد التركي، فترى أن أنقرة تجاوزت "الخطوط الحمراء" بعد دخولها في المياه الإقليمية القبرصية، وعبثها شرق المتوسط، وباتت بذلك تهدد السيادة الأوروبية، ما دفع برئيسها إيمانويل ماكرون إلى توعد أنقرة.

مواقف متلونة ومتضاربة تتبناها تركيا على خلفية أنشطتها التوسعية شرق المتوسط، رفعت منسوب التوتر مع اليونان، ومعه احتمالات حدوث مواجهة عسكرية بالمنطقة، خصوصا في ظل تشبث أنقرة بنهج الاستفزاز والتصعيد رغم التحذيرات الأوروبية وتنديد المجتمع الدولي.

غير أن باريس التي يبدو أنها ضاقت ذرعا بالممارسات التركية، اختارت تجربة جميع الخيارات مع أنقرة، حيث حدد لها ماكرون خطوطا حمراء في شرق المتوسط، تماما كما فعل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، حين وضع لها ذات الخطوط في ليبيا.

وقبل أيام، قال الرئيس الفرنسي، إنه اتخذ موقفا صارما هذا الصيف فيما يتعلق بأفعال تركيا في شرق البحر المتوسط بغرض وضع خطوط حمراء، لأن أنقرة تحترم الأفعال وليس الأقوال.

وخلال الأشهر القليلة الماضية، تصاعدت حدة التوتر بين أنقرة وباريس التي تدعم اليونان بمواجهة تخوضها ضد البلد الأول، بسبب حقوق استغلال احتياطات النفط والغاز شرق المتوسط ووامتداد الجرف القاري.

وأضاف ماكرون: "عندما يتعلق الأمر بالسيادة في منطقة شرق المتوسط، يجب أن تكون أقوالي متسقة مع الأفعال، يمكنني أن أبلغكم أن الأتراك لا يدركون ولا يحترمون إلا ذلك، ما فعلته فرنسا هذا الصيف كان مهما، إنها سياسة وضع خط أحمر. لقد طبقتها في سوريا".

ودعا الرئيس الفرنسي التكتل الأوروبي إلى دعم اليونان وقبرص بمواجهة تركيا بملف احتياطيات الغاز الطبيعي، حاثا على فرض المزيد من العقوبات على أنقرة لكبح أطماعها التوسعية بالمنطقة.

واستبطنت التصريحات احتمالا كبيرا بحدوث صدام بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي (الناتو) بسبب أطماع أنقرة شرق المتوسط، ما يطرح بقوة فرضية بلوغ مرحلة المواجهة العسكرية في حال فشل جميع محاولات التهدئة جراء التعنت التركي.

وسط تصاعد التوتر، وفي وقت كان فيه العالم ينتظر جنوحا نحو التهدئة خصوصا من طرف تركيا، صب أردوغان الزيت على النار المشتعلة شرق المتوسط، قائلا: "سيدركون أن تركيا تملك القوة لتمزيق الخرائط والوثائق المجحفة التي تفرض عليها"، في إشارة إلى المناطق المتنازع عليها مع أثينا.

وأضاف أردوغان مهددا، عشية بدء أنقرة مناورات عسكرية في المنطقة: "إما أن يفهموا بلغة السياسة والدبلوماسية، وإما بالتجارب المريرة التي سيعيشونها في الميدان »، مدعيا أن بلاده وشعبها "مستعدان لأي سيناريو والنتائج المترتبة عليه". 

وفي غضون ذلك، أعلن مسؤولون عسكريون أتراك، البدء، أمس الأحد، في تدريبات عسكرية تستمر 5 أيام في شمال قبرص الخاضع للإدارة التركية، ما يفجر المخاوف بشأن استمرار التوتر بالمنطقة، وإمكانية تحول المناورات إلى اشتباكات وشيكة بين أنقرة وأثينا.

والأسبوع الماضي، أجرت فرنسا مناورات عسكرية مع إيطاليا واليونان وقبرص شرق المتوسط، في خطوة اعتبرها مراقبون بمثابة الرد على إرسال أنقرة، في أغسطس/آب الماضي، سفينة للمسح والتنقيب إلى المياه المتنازع عليها.

وللتسويق لنفسها على أساس أن جميع ممارساتها ليست سوى ردود فعل، أعلنت وزارة الدفاع التركية، قبل أسبوع، أن مقاتلاتها اعترضت 6 طائرات يونانية اقتربت من منطقة تنتشر فيها سفينة للمسح الزلزالي تابعة لأنقرة.

وفي 10 أغسطس/آب الماضي، نشرت تركيا سفينة الاستكشاف "عروج ريس" يرافقها أسطول من السفن الحربية في المياه بين قبرص وجزيرتي كاستيلوريزو وكريت اليونانيتين، ما أثار غضب أثينا والاتحاد الأوروبي، وسط تنديد دولي واسع بالعداء التركي المتنامي بالمنطقة.