حسام مجدي يكتب: خدعة جماهيرية مكهربة

الفجر الرياضي

حسام مجدي
حسام مجدي



حديثنا اليوم ليس فقط عن الأزمة التي اشتلعت بين الجميع، وكان السبب فيها محمود عبد المنعم "كهربا" نجم النادي الأهلي، ولكنها عن خطأ يقع فيه الجماهير منذ فترة قريبة، ولكن اتاح لنا نجم المادر الأحمر الفرصة لنشرح عليه كيفية معالجة هذا الأمر.

كهربا الذي تشاجر أمس الأربعاء، مع زملائه بالفريق ثم تحدث معه مدير الكرة فتشاجر معه هو الأخر ووجه السباب هنا وهناك، ليلقي بالوقود الذي أشعل النيران داخل الجزيرة والتي لم يستطع أحد إخمادها سريعا فخرجت من الجدران إلى الشارع المصري كله، ولكن هل يعلم أحد أنه ليس هو المخطئ؟.

لماذا لم يكن كهربا المخطئ في الأزمة الأخيرة؟

لم يكن كهربا هو المخطئ في هذه الأزمة، بل أن جماهير الأهلي هي التي يقع على عاتقها الخطأ بأكمله ومن بعدها يأتي الخطأ من جانب مجلس الإدارة وفي النهاية اللاعب.

شهد شهر يناير الماضي إعلان النادي الأهلي عن صفقة الموسم من وجهة نظر مشجعينه، وهي التعاقد مع كهربا وخطفه من الغريم التقليدي الزمالك، ليشتعل الشارع المصري بين سعادة عارمة للجماهير الحمراء وغضب مختبأ بداخل الجماهير البيضاء، وتمجيد كبير لإدارة النادي ونجاحها في توجيه ضربة قوية كهذه لمنافسهم المباشر.

وكعادة كهربا قام بإستغلال هذا الأمر لإستفزاز جماهير الزمالك قليلا ليكسب ود مشجعين الأهلي، وبالفعل حدث ذلك وظل اللاعب في حالة كبيرة من التفاخر بدعم الجماهير له وإعتباره أفضل مكسب للفريق منذ فترات طويلة والنجم الأوحد الذي سينقذ النادي.

وجاء يوم مباراة القمة بين القطبين في كأس السوبر المصري، وجاءت اللحظة التي ينتظرها الجميع وهي نزول "الفولت" لأرض الملعب، والذي لم يكن له أي داعي أو فائدة إلا أنه تسبب في مشاجرات قوية بين اللاعبين في الدقائق الأخيرة، وكان الرد من جانب اتحاد الكرة بعقوبات مغلظه على الجميع، وبالطبع كان لنجمنا نصيب منها فقد تم إيقافه لمدة 10 مباريات متتالية في الدوري المصري دون أن يستفد منه ناديه طوال هذه الفترة في أي شيء.

ولم يلتفت الجمهور الأحمر إلى ما حدث وظلوا يدعموا كهربا دون داعي وبدون حتى أن يكون قدم للفريق ما يثبت أنه جاء لصناعة الفارق، وطوال هذه المدة تنتشر أنباء عن أنه على خلاف مع أحد اللاعبين أو الجهاز الفني أو غير ملتزم وتواصل الجماهير دعمه بطريقة "عمياء"، لا يعرف أحد سببها مثلما كان يقول أولياء أمورنا لأساتذتنا "كسر وأحنا نجبس".

ليأتي يوم الأربعاء 2/9/2020 ويدب خلاف قوي داخل جدران القلعة الحمراء ولأنه محبوب الجماهير ضرب بالجميع عرض الحائط وسب أي فرد يضع يده عليه فقط، ولكنه ليس مخطأ تخيل أنك شخصا لك جماهير بالملايين تدعمك دون أي أسباب هل ستتصرف بشكل عادي، وليست الأزمة هنا أيضا بل ظلت الجماهير تكذب كل الأنباء وتهاجم كل من يحكي تفاصيل الشجار حتى خرج علينا النادي الأهلي بالقرار الحاسم، وأصدر بيان رسمي يعلن تغريم كهربا بميلغ صخم جدا "مليون جنية" بسبب ما بدر منه.

ونسي البعض الجانب الإنساني فكان هناك صحفي ومعد برامج معروف خرج ليروي تفاصيل المشاجرة كاملة، كأول من تحدث عنها في مصر ولكنه تفاجئ بسباب غريب له ولعائلته الذين ليس لهم أي ذنب في ذلك سوى أن نجلهم كان "صاحب ضمير" ومهني وحريص على نقل الحدث بصدق، حتى خرج بيان الأهلي ولم يجد من يعتذر له على كل ما تلقاه لمهنيته فقط.

ما المفيد من كل هذه السطور؟ أن الجماهير نسيت أنها جماهير الأهلي وليست جماهير كهربا، حتى انفجر في وجههم، هل في يوم انفجر الأهلي في وجهك رغم دعمك المتواصل له، بالطبع لا، ولن يحدث ذلك، ولكن دعمك لأشخاص بشكل أعمى سيتسبب فيما رأيناه وليس هو وحده بل هناك نماذج كثيرة لا داعي لذكرها، وليس مشجعين المارد فقط، بل مشجعين الزمالك والإسماعيلي وأي نادي داخل مصر.

أخطأت إدارة الأحمر في تعاقدها مع لاعب ليس النادي في حاجة له بهذا التوقيت، وقد نسمع في يوما ما رحيله بالمناسبة، ولكن هل سيرحل الأهلي أو الزمالك أو الإسماعيلي أو طنطا أو سموحة أو أي كيان تشجعه؟

يجب أن يتعلم الناس في مصر الفارق بين دعم لاعب يستحق الدعم ليقدم أفضل ما لديه والدعم الأعمى الذي تكون نهايته إنفجار مؤذي للجميع، ويجب ألا تنسى أنك مشجع للأهلي أو الزمالك أو الإسماعيلي أو الاتحاد، كيانات باقية ولست مشجع "فلان أو فلان"، الذي عندما يشعر بحجمه الزائد سيبدأ في التكبر على كيانك المفضل أول شئ.