تمثال ألف طن وممرات مقببة.. حكايات من معبد الرامسيوم

أخبار مصر

بوابة الفجر


الرامسيوم، أحد أشهر المعابد المصرية القديمة، يقع في البر الغربي بالأقصر، أطلق عليه الإغريق اسم "ممنونيوم" ربما لتشابه تمثال رمسيس الثاني الضخم المقام بداخله بالبطل الأثيوبي الأسطوري ممنون، ويحتمل أن ضخامة تماثيل كل من أمنحوتب الثالث ورمسيس الثاني كانت هي السبب في إطلاق اسم "ممنون" على هذه التماثيل، أما الاسم الحالي وهو الرامسيوم نسبة إلى رمسيس الثاني، وقد خصص هذا المعبد في المقام الأول للإله امون.


ومن ناحيته قال مجدي شاكر كبير أثريين في تصريحات إلى الفجر، أمر بتشييد هذا المعبد الملك رمسيس الثاني، والمعبد مهدم الآن إلى حد كبير، إلا أن إطلاله تدل على أنه قصد به أن يظهر عظمة ومكانة رمسيس الثاني بين الملوك، ويحيط بالمعبد سور ضخم من الطوب اللبن، طوله 270 متر وعرضه 175متر ولكن أغلب هذه المساحة مشغولة بالمخازن والمباني الثانوية، وطول معبد الرامسيوم 180 مترا وعرضه 66 مترا.

وتابع، الصرح الأول هو بناء ضخم عرضه 66 مترًا كانت تزين واجهته أربع ساريات للأعلام، وقد نقش بالنص والصورة على واجهته الداخلية مناظر موقعة قادش الشهيرة التي شاهدنها من قبل على واجهة معبد الأقصر، وهناك سلم يوصل إلى سطح الصرح في الجانب الشمإلي من البرج الشمالي للصرح، ونشاهد على جانبي مدخل الصرح من الداخل بقايا لمناظر رمسيس الثاني في علاقاته المختلفة مع الآلهة والواجهة الخارجية لهذا البيلون مهدمة تمامًا ربما نتيجة زلازل ويحتاج لمشروع عملاق لإعادة تفكيكه وتركيبه. 

ندخل الآن إلى الفناء الأول المهدم لمشاهدة مناظر الصرح الداخلية على البرج الشمالي من اليسار إلى اليمن فنرى مناظر لبعض القلاع ومجموعة من الأسرى الأسيويين ومناظر من معركة قادش ونرى الملك جالس ومعه ضباطه في انتظار عربته الحربية، وهناك أسفل هذه المناظر نقش يمثل ضرب الجواسيس الحيثيين ومعسكر حربى وأخيرا وصول المركبات الحربية المصرية، ويستمر المنظر على البرج الجنوبي فنرى الملك في عربته الحربية وفوقه عربات الحيثيين وهو يحاول مهاجمتهم ومنظر يمثل مدينة قادش داخل أسوارها المتينة، وعلى النصف الأيمن لهذا البرج نشاهد الملك وهو يمسك أعدائه ويقوم بضربهم.

تمثال يزن 1000 طن 

وأضاف شاكر، الفناء الأول مهدم وكان به صفان من الاساطين في الجانب الجنوبي منه كانت بمثابة صفي امام قصر رمسيس الثاني الصغير، كان يوجد في الجانب الشمالي من الفناء الأول المهدم صف من الأعمدة الأوزيرية لم يبق منهم الآن إلا قاعدتين تمثالين للملك رمسيس الثاني، يوجد في مؤخرة هذا الفناء درج يوصل إلى مدخل الصرح الثاني وإلى اليسار منه توجد بقايا التمثال الضخم للملك رمسيس الثاني من الجرانيت وقد صنع من قطعة واحدة وبالرغم من انه سقط وتهشم فإن بقاياه تدل على عظمته السابقة، فقد كان ارتفاعه حوالى تسعة عشر مترا، كما قدر وزنه بحوالي ألف طن تقريبًا، ونشاهد على قاعدته مناظر تمثل الأسرى ويحتمل انه كان هناك تمثال آخر امام البرج الأيمن للصرح الثاني.

وهذه بعض مقاسات لكى نتخيل ضخامة هذا التمثال، يبلغ عرض الوجه ما بين الاذنين 202،5 سم وطول الاذن 105 سم ومحيط الذراع عند الكوع 5،25 مترا وطول إصبع السبابة 105 سم وظفر الاصبع الأوسط 18،5 سم وهنا نتخيل كيف استطاع المصري القديم ان ينقل هذا التمثال الضخم من اسوان عبر النيل لمسافة تصل إلى 216 كيلو مترا ثم سحبه من شاطىء النهر فوق الحقول حتى يضعه فوق قاعدته.


وتابع، الصرح الثاني أصغر قليل من الصرح الأول وتحلى واجهته الداخلية سلسة اخرى من مناظر معركة قادش ويوجد فوق المناظر الحربية مناظر خاصة بالاحتفال بعيد الإله مين وقت الحصاد ومنظر يمثل الكهنة وهم يرسلون اربعة طيور إلى الجهات الأصلية الأربع معلنة نبأ ارتقاء الملك رمسيس الثاني للعرش.

ويشغل الفناء الثاني مسطحا يعلو كثيرا مسطح الفناء الأول وان كان اقل مساحة منه، وهو مهدم ايضا وكانت تحيط به الأورقة من كل جانب وكان يتألف كل من الرواقين الشمالي والجنوبي من صفين من الأساطين البردية، وهناك صف من الأعمدة الأوزورية تمثل رمسيس الثاني في الشرق وصف آخر من الأعمدة الأوزيرية تمثله في الغرب، خلفه صف آخر من الأساطين البردية ذات تيجان على شكل برعم البردى، ولم يبقى من هذه الاعمدة الأوزيرية غير الأربعة في كل صف، وهي اعمدة شاع طرازها في عهد الرعامسة في الأفنية المكشوفة، وكانت تبرز من واجهاتها بارتفاعها تماثيل الملك الحاكم الذى أمر ببناء المعبد في شكل الإله أوزيريس بردائه وشارته ووقفته التقليدية، قدماه جنبا إلى جنب وذراعاه على صدره ويده تقبضان على شارات الحكم. 

يشكل صف الأعمدة الأوزيرية وخلفه صف الاساطين البردية في غرب الفناء الثاني صفة في مقدمة بهو الأساطين الذى نصل إليه بواسطة سلالم وكان يوجد تمثال كبير للملك رمسيس الثاني على كل جانب من جانبي السلم الأوسط لا تزال رأس أحداهما على الارض وهو من الجرانيت الأشهب.

نصل الآن إلى بهو أساطين المعبد وهو في نظامه وتخطيطه صورة مصغرة من بهو اساطين الكرنك ويعتمد سقـفه على 48 اسطونا في ستة صفوف ويقع سقـف البهو على مستويين بحيث يعلو وسطه جانبيه وكان يشغل الفراغ بين الاساطين شبابيك يدخل منها النور. ويتوج الأساطين الإثنى عشرة العالية المصفوفة في صفين تيجان على شكل زهرة بردى يانعة بينما تتوج بقية الاساطين تيجان براعم البردى، ويزين سقف الجزء الأوسط رخم ينشر جناحية بينما يزين سقوف الجانبين نجوم بلون اصفر على قاعدة زرقاء يبلغ ارتفاع اساطين الوسط 10،8 مترا واساطين الجانبين 7،5 مترا ويبلغ طول البهو 30،9 مترا وعرضه 40،8 مترا.

مشاهد ومناظر تحكي التاريخ 

وقال شاكر، نشاهد أهم مناظر بهو الأساطين على الجدار الشرقي فنشاهد الملك في طقسة دينية وهو يجرى ويمسك الدفة (حاب) والمجداف إلى الإلهة موت واله برأس الكبش ثم مجموعة من المناظر تمثل الملك وهو يقدم النبيذ إلى احد الآلهة والدهون العطرة إلى سكر أوزيريس والإلهة سخمت ويقدم الخس للإله آمـون وموت وأخيرا الملك في عربته وهو يهاجم مدينة دابور في الجليل فنشاهد رمسيس الثاني بحجم ضخم وهو يهاجم الاعداء بعربته الحربية وخيوله المندفعة إلى اليسار ونرى منظر على اليمين يمثل مهاجمة وحصار قلعة بواسطة السلالم كما يشارك اولاد رمسيس الثاني في المعركة كل منهم مصحوبا باسمه.

ونشاهد على الجدار الغربي الخلفي المقابل الملك وهو يجرى إلى الإله مين وإلى إحدى الالهات ثم وهو يقدم التحية "نينى" إلى إحدى الإلهات، ويتقبل علامات "الحب سد" من امون وموت وأخيرا اسفل الجدار مجموعة من أبناء رمسيس الثاني. نرى على الجزء الايمن على نفس الجدار الملك في علاقاته الدينية المختلفة مع كل من موت الصعيد ومين وسخمت ويتقبل علامة الحياة من آمــون وخنسو وهناك مجموعة اخرى من ابناء رمسيس الثاني نقشت على أسفل الجدار، وقد زينت اسطح الأساطين بمناظر التعبد والتقدمة التقليدية التي يقوم بها الملك أمام الآلهة والإلهات.

وأضاف، يلى ذلك صالة صغيرة للأساطين يحمل سقـفها الذى يزينه المناظر الفلكية ثمانية أساطين بردية على صفين ذات تيجان بشكل براعم البردى ولهذا تعرف هذه الصالة اصطلاحا "بالحجرة الفلكية" ويزين جدرانها العديد من المناظر الدينية فنشاهد على الجدار الشرقي الموكب المقدس فنرى الكهنة وهم يحملون الزوارق المقدسة وهناك زوارق لكل من أمون وخنسو والملك رمسيس الثاني وعلى نفس الجدار يمينا نرى الموكب المقدس مرة اخرى فنشاهد الكهنة وهو يحملون الزوارق المقدسة وهناك زوارق كل من الملكة احمس نفرتارى ورمسيس الثاني وخنسو وموت.

وتابع شاكر، على الجدار الغربي المقابل نشاهد الإله جحوتي يسجل اسم الملك على اوراق الشجرة المقدسة، ثم مناظر الملك وهو جالس أمام الشجرة المقدسة ومجموعة من الآلهة ؛؛ويعتقد ان هذه الصالة ربما كانت مكتبة المعبد.

يلى هذه الصالة حجرة ذات ثمانية اساطين في صفين، تهدم نصفها وما بقى على جدرانها من مناظر تمثل التقاديم التقليدية وكان يكتنف الصالة الفلكية وهذه الصالة العديد من القاعات والحجرات كانت تحفظ فيها نفائس ومستلزمات المعبد،هذه الحجرات اغلبها مهدم خلف هذه الصالة مهدم تماما بما فيه من قدس الاقداس والجميع على المحور الاساسى للمعبد.

أسقف ذات قباب 

وختم شاكر كلماته قائلًا، تحيط بالمعبد من جهاته الثلاثة دهاليز ومخازن بسقوف مقببة من الطوب اللبن بها بعض العناصر المعمارية الحجرية، وكانت تستخدم اغلب الظن لكى تخزن فيها الحبوب والثياب والجلود وقدور الزيوت والنبيذ والجعة ومنها ما كان يحتوى على صفين من الأساطين ويعتقد انه خاص بالكهنة والموظفين.

وهناك مدرسة الرمسيوم لتعليم النشء مبادئ العلوم الأساسية قد حاول بعض المشتغلين بالآثار ان يقارنوا بين هذا المعبد وبين ما تصوروه عن مخازن الحبوب في عهد سيدنا يوسف لأنه صعب الجزم بأنهما عاشا في نفس الفترة، وترجع شهرة هذا المعبد إلى مخازنه المحيطة به والتي عثر فيها العديد من البرديات والتي من بينها بردية سنوهى.