د. نصار عبدالله يكتب: هل حقا قتل الإخوان أسمهان؟

مقالات الرأي




فى مثل هذا الأسبوع من شهر يوليو عام 1944، وبالقرب من مدينة طلخا فوجئ سائق السيارة التى كانت تقل المطربة أسمهان وإلى جانبها صديقتها مارى قلادة واللتين كانتا متوجهتين إلى مصيف رأس البر لقضاء فترة من الاستجمام بعد تصوير معظم مشاهد فيلم: «غرام وانتقام»، فوجىء سائق السيارة بأعمال حفر فى الطريق، حيث كان أحد ملاك الأراضى الزراعية المجاورة يقوم بإنشاء «سحارة» لتوصيل المياه من الترعة إلى أرضه، وكان من الطبيعى أن يحاول السائق تفادى أعمال الإنحراف بالانعطاف الحاد ثم الارتداد لكن السيارة سقطت فى ترعة الساحل (التى مازالت موجودة إلى الآن)، بينما تمكن السائق من القفز منها والنجاة بحياته تاركا الصديقتين تموتان غرقا، وحين أعلن الخبر كان من الصعب على عشاق فنها وعلى جماهير المستمعين عموما أن يصدقوا أن صاحبة الصوت النادر الجميل قد اختفت من حياتهم إلى الأبد وهى فى ريعان شبابها لم تتجاوز الثانية والثلاثين عاما، ولم يعد بوسعها أن تقدم لهم بعد الآن المزيد من العطاء رغم أنهم كانوا يتحرقون شوقا إلى المزيد من هذا الصوت الذى قلما يجود الزمان بمثله، وعلى الفور امتدت أصابع الناس بالاتهام إلى كل اتجاه يمكن ولو نظريا أن يكون له دور فى مصرع أسمهان، ومما زاد الاتهامات قوة أن السائق الذى كان يمكن أن يكشف شيئا من ملابسات وتفاصيل ما حدث قد اختفى تماما، ولم يعد هناك من مصدر يقول لنا شيئا سوى بعض الأهالى الذين شاهدوا سقوط السيارة دون أن يعلموا أنها كانت تقل الفنانة وصديقتها، ومن بين الذين امتدت إليهم أصابع الاتهام زوجها المخرج أحمد سالم الذى كان يشك فى وجود علاقة غرامية حميمة بينها وبين رئيس الديوان الملكى أحمد حسنين إلى حد أنه أطلق عليه الرصاص ذات مرة محاولا قتله !! ومن بين الذين امتدت إليهم أصابع الاتهام كذلك الملكة نازلى التى كانت عشيقة لأحمد حسنين وكان من الطبيعى أن تنظر إلى أسمهان باعتبارها «ضرة» فى عشق أحمد حسنين، كذلك فمن بين الذين حامت حولهم الشكوك زوجها السابق الأمير الدرزى حسن الأطرش الذى أقنعته بأن يطلقها لكى تستطيع أن تفكر فيه بهدوء ودون ضغط من رباط الزوجية وبعد ذلك تعود إليه بملء إرادتها لكنها غدرت به وتزوجت أحمد سالم! غير أن أقوى أصابع الاتهام هى التى كانت تمتد إلى المخابرات البريطانية التى سبق أن كلفتها ببعض المهام التى قامت بها خير قيام، ومن بين تلك المهام إقناع طليقها حسن الأطرش بحشد الدروز إلى جانب الحلفاء فى الحرب ضد دول المحور، لكنها أثناء قيامها بذلك الدور اتصل بها عملاء لدول المحور، وأقنعوها بأنها تستطيع أن تجنى أموالا أكثر إذا تعاملت معهم فلم تتردد فى الموافقة وفى لعب دور العميل المزدوج الذى يوافى كلا من الغريمين بأخبار الآخر وأسراره، وفى هذه الجزئية بالذات كشف الإخوانى المنشق ثروت الخرباوى فى حديث نشرته جريدة الأهرام فى ذكرى وفاتها الحادية والسبعين أن قتلها قد تم لحساب المخابرات البريطانية بتكليف مباشر من حسن البنا إلى سائق سيارتها (الذى كان فى الحقيقة واحدا من أعضاء الجماعة الإرهابية) وطبقا لما ذكره الخرباوى فإن حسن البنا لم يصارح السائق بالدافع الحقيقى لقتل أسمهان، ولكنه أقنعه بأنها درزية كافرة تثير الفتنة بين الناس بما تمارسه من الغناء والطرب، وأن قتل الدروز الكفار عموما حتى لو لم يكنوا مطربين واجب شرعى على كل مؤمن فما بالنا بهذه التى تشرب الخمر وترتكب الموبقات علنا! وعندما تردد السائق لأنها فى صحبة صديقة لا ذنب لها أوضح له الإمام بأن هذه الصديقة نصرانية كافرة فى صحبة درزية كافرة ولا جناح عليه إن هو قتلهما معا تنفيذا لتكليف إمامه الذى هو أدرى منه بما يعز الإسلام وينفع المسلمين، ويكفى أن الدروز يخالفون شرع الله عندما يحظرون تعدد الزوجات ويفرضون على كل زوج مناصفة الآخر فى ملكيته!!، فإن طلب أى من الزوجين الطلاق دون موجب شرعى كان للآخر الحق فى نصف ملكيته!! (وهو ما يخالف أحكام الشريعة الإسلامية المعتبرة عند باقى الفرق والطوائف الإسلامية، وبوجه خاص عند أهل السنة والجماعة) أما صاحبتها مارى قلادة فيكفى أنها نصرانية فى صحبة درزية.