دكتور خالد صلاح يكتب: عين جالوت وسرت والجُفرة

مقالات الرأي

بوابة الفجر



لقد شهد التاريخ العربي والإسلامي على مر العصور كثير من الانتصارات والاخفاقات.
وكانت انتصاراته في تجمعه واتحاده واخفاقاته في فرقته وخلافاته وخيانات البعض من ابناءه ممن يتكلمون بلهجتنا ويتسمون باسماءنا ويسكنون بجوارنا.
وقد أستغل أعداء عروبتنا هؤلاء الخونة فكانت اخفاقتنا في كثير من المعارك الحربية.
وكان التتار من أخطر الأعداء الذي ابُتلي بهم العالم العربي والإسلامي, فقد كان هؤلاء التتريون يحملون حقداً وكراهية للإسلام لدرجة أنهم كانوا يشربون الخمر في جماجم من يقتلوهم من المسلمين.
وقد كانت أطماع التتريون كبيرة أكبر من اجتياحهم العالم الإسلامي والتي تتمثل في إحتلال العالم بأكمله.
وبدأ إجتياح التتار  بقيادة زعيمهم جنكيز خان من الدولة الخوارزمية وقضائهم على خوارزم شاه وابنه جلال الدين بعد معارك طويلة وفر وكر بين الطرفين واستطاع جنكيز خان أن ينتصر على الدولة الخوارزمية بمساعدة سوء تقدير من السلطان جلال الدين ومهاجمته لبعض مناطق المسلمين لعدم مساعدته على قتال التتار, بالاضافة إلى تخاذل وانسحاب بعض قادته مثل انسحاب سيف الدين بغراق وخيانة بعض أهالي هذه البلاد لسلطانهم جلال الدين, وبذلك استطاع التتار القضاء على الدولة الخوارزمية وقتلوا بها خلقاً كثير وأفسدوا كل شيئ انتقاماً من المسلمين.
وبعد ذلك عاد التتار إلى بلادهم ومرض زعيمهم جنكيز خان ثم هلك, وجاء بعده من يحمل نفس أطماعه وحقده على الإسلام حفيده هولاكو فاكمل ما بدأه جده وواصل الزحف على بلاد المسلمين حتى وصل إلى حدود بغداد حيث كان الخليفة العباسي مشغولاً عن أمور الحكم وكثرة الصراعات والمؤمرات الداخلية في حاشيته, وقد خاف الخليفة العباسي على نفسه وعرشه فاراد مهادنة هولاكو وارسل إليه الهدايا ومستسلما ومقدماً بغداد على طبق من ذهب إلى هولاكو.
وكن هولاكوا الذي لا يراعي عهد ولا ميثاق نقض العهد وقتل الخليفة العباسي وأحرق كل شئ في بغداد حتى لم تسلم الكتب منه فالقاها في نهر دجلة , وبذلك قضى على الخلافة العباسية بسبب تخاذل خليفتها وخيانة وزيرها ابن العلقمي لدينه ووطنه ونصر هولاكو التتري على بلده واسلامه.
وصار هولاكو بعد ذلك إلى بلاد الشام ليكمل سلسلة أطماعه وقد سبقته أخباره وأفعاله بأهل بغداد فزرع الخوف في قلوب حكامها قبل شعوبها, واقدم الملك الناصر يوسف صاحب حلب ودمشق في إعلان الخضوع لهولاكو واستجاب له هولاكو تدبيراً لخداعه, فارسل الملك الناصر ابنه محملاً بالهدايا وطالباً من هولاكو نصرته على استعادة الأراضي المصرية من أيدي المماليك؛ ولكن هولاكو رفض طلبه ليس حباً في المصريين بل رفضه التعاون معه لعدم حضوره بنفسه لكي يقتله.
ولما علم الملك الناصر بنية هولاكو فاستنجد بمصر لمساعدته ضد هولاكو وأطماعه.
وتوجه هولاكو إلى حلب وقاومه أهلها في موقعتين حتى استسلموا في عام 1260م, ولما تملك هولاكوا حلب فعل بها ما فعله ببغداد من قتل أهلها وسلب خيراتها ونهب ممتلكاتها وهدم مساجدها.
وبذلك استطاع اجتياح حلب واستعمارها بمساعدة تخاذل حكامها ومساعدة هيثوم الأول ملك أرمينيا وبوهيمند السادس الصليبي أمير أنطاكيا!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
بالطبع بعد اتفاقات بين هولاكو وبوهيمند وهيثوم وتقسيم الغنائم بينهم وتوزيع الحصص والاراضي.
ثم توجه هولاكو إلى دمشق وحماه وسيطر عليها وبذلك فرض التتار سيطرتهم على بلاد الشام جميعا وذلك بمساعدة تخاذل وهروب حكامها مثل الملك المنصور واتفاقات ومعاهدات الدول الأخرى مثل انطاكيا وأرمينيا وكالعادة خيانة بعض أهل الشام مثل الوزير زين الدين الحافظي.
وبسبب ما فعله التتار بأهل الشام وبغداد من الجرائم دفعت أهالي الشام يفرون ويلجأون إلى مصر الحصن الحصين من التتار.
ولم يتبق إلا مصر أمام التتار فتوجهت أطماع هولاكو إلى لها وبعدها كان سيتوجه إلى أوربا, فجهز جيشه للقضاء على مصر وأهلها.
وكانت مصر في ذلك الوقت تعاني من الصراعات الداخلية والتي أنتهت باعتلاء سيف الدين قطز عرش مصر عام 1259 م, وبدأ بالتحضير لمواجهة التتار؛ فقام بترتيب البيت الداخلي لمصر وقمع ثورات الطامعين بالحكم ثم أصدر عفواً عاماً على المماليك الهاربين من مصر بعد مقتل فارس الدين أقطاي وكان من الهاربين بيبرس, ثم طلب من الشيخ العز بن عبد السلام إصدار فتوى تسمح له جمع الضرائب من سكان مصر بعد أن واجهته أزمة اقتصادية عجز من خلالها عن تجهيز الجيش وكان له ما أراد واصدر العز بن عبد السلام الفتوى التي تجيز بجمع الضرائب من العامة ولكن بشرط تنازل الأمراء عن ممتلكاتهم لخزينة الدولة, وواجه السلطان قطز رفض من الامراء ولكنه نفذ بهم ما طلبه الشيخ العز بن عبدالسلام وبذلك استطاع أن يجهز الجيش حتى سار به من منطقة الصالحية شرق مصر حتى وصل إلى سهل عين جالوت جنوب فلسطين وفيها تواجه الجيشان عام 1260م وانتصر المصريون على التتار وطاردوهم حتى أخرجوهم من بلاد الشام كلها.
وبذلك انكسرت شوكة التتار وكانت هذه الهزيمة سبباً في تفرق شملهم وتمزيق ملكهم وانقسام مملكتهم.
وهذا ما ورد في كتاب السلطان سيف الدين قطز ومعركة عين جالوت للمؤلف علي محمد محمد الصلابي.
وما أشبه اليوم بالبارحة فقد تكالبت على الأمة العربية الطامعين في كل مكان وفي كل موطن نجد أعداء العرب والمسلمين يدبرون لنا المؤمرات سواء مع بعضهم البعض أو بالاتفاق مع بعض الخونة لسلب ونهب خيرات الدول العربية.
ففي المملكة العربية السعودية تعاني من مؤمرات واعتداءات إيران ومن حالفهم من الحوثيين وبعض  الخونة.
وفي العراق وسوريا وفلسطين ولبنان وليبيا ولد هولاكو جديد ولكنه هولاكو نسخة تقليد ورديئة وضعيفة ولا يملك شئ من القوة إلا باتفاقاته مع من يكبروه في القوة والقدرات.
وبالرغم من اختلاف المسميات بين هولاكو القديم وهولاكو الحاضر وتشابههم في الأطماع وسلب ونهب خيرات الدول العربية؛ فنراه يتوغل في الأراضي العراقية ويحتل مساحة كبيرة بسوريا ويبتز بعض الخونة ممن ساعدوه وكأننا أمام الملك المنصور الذي طلب من هولاكو استعادة الأراضي المصرية.
وهاهو الآن يسيطر على نصف ليبيا ويحاول إجتياح سرت والجفرة مستعيناً بأموال الخونة وبأيدي المرتزقة والتكفريين, واتفاقياته مع من يكبروه كما اتفق هولاكو مع ملك أرمينا وأمير أنطاكيا.
وعليه أقول سحقاً ولعنة على هولاكو القديم ومن ساعدوه من الخونة وأعداء العرب والمسلمين.
وبئس السمي أنت ياهولاكو الجديد أنت ومن عاونك من الخونة والمرتزقة والتكفيريين والطامعين.
وأن كما كانت نهاية هولاكو القديم  ستكون نهايتك على أيدينا.
    وسيأتي يوماً نجكي ونروي كيف  كانت نهاية هولاكو صغير على يد أطماعه والمصريين.