المنتزه.. بعدما كان عشوائية كبرى للمجاملات الوزارية الآن فردوس الله على الأرض

منوعات

بوابة الفجر


 شهيرة النجار

هى سنة استثنائية لأيقونة حدائق العالم «المنتزه» بسحرها، كما أن هذه السنة 2020 سنة استثنائية بالعالم كله، فالصيف الماضى بعد حزمة القرارات بإخلاء كبائن المنتزه بالكامل وهدمها تمهيدًا لعمل مشروع كبير بها، (قرار التطوير كان من المفترض يتم تنفيذه هذا الصيف، لولا أحداث كورونا) وأثناء الهدم» كانت أبواب الحدائق مفتوحة للشعب للاستمتاع بالجمال، لكن جاء هذا الصيف، ولأول مرة فى تاريخ هذه البقعة، شواطئ وحدائق قصر المنتزه لا يحجبها أى شىء، فأينما ترمى بصرك ترى البحر وخلفه الأشجار العتيقة وآثار قصر المنتزه والسلاملك والفنار، ليجئ قرار غلق المنتزه أمام الجمهور، فتتحول النجيلة الخضراء لـ»خضراء بحق» وتشعر عزيزى القارئ وأنت تتجول بها وحدك بدون أحد كأنك الملك فاروق أو سلطان ملكت الدنيا وما عليها، حتى أن المواطن الذى أنعم الله عليه بأنه عضو داخل نادى الرياضات البحرية فى قلب خليج المنتزه الذى يحده من كل جانب قصور المنتزه وفندق فلسطين والأشجار، يشعر بحق أنها سنة استثنائية، فلأول مرة تكون كل الشواطئ حوله له وليس محدد المكان، حتى إنه كان يواجه نادى الرياضات شاطئ فينسيا بالكباريه الشهير الذى شهد حقبة كبيرة من تاريخ مصر وليس الإسكندرية فقط، وكان به كافيتريا تحولت آخر عشر سنوات لبلاج بالتكت للعامة، ما جعل كثيرين من رواد الكبائن بالشواطئ المجاورة ونادى الرياضات يحجمون عن النزول بسبب التصرفات غير اللائقة من الغالبية المترددة بنظام اليوم الواحد، الآن لم يبق شىء حتى إنه من عجائب الدنيا أن المياه تنحصر وسط البحر ما بين شاطئ فينسيا ونادى الرياضات وقت الغروب فتقف وسط البحر تحوطك يمينك وعن يسارك المياه كأنما شق الله البحر لك لتعبره كما شق الله البحر لموسى لينجو من فرعون وزبانيته، ولى صورة التقطتها هذا الأسبوع واقفة وسط البحر فى هذه اللحظة النادرة وفى السنة النادرة لتكون خير تعبير عن ذلك، وهى ليست للاستعراض الجسمانى النسائى وإنما دليل لمنظر لم نره من قبل لحدائق وشواطئ المنتزه التى لم يرها مواطن مصرى من قبل باستثناء العائلة الملكية حتى قبل 1952 لأنها كانت ملكهم ولا يوجد بها كبائن وكانت مغلقة عليهم وعلى خدمهم وأصحابهم، وتم فتحها للشعب عام 1953 ومنذ ذلك التاريخ تم بناء الكبائن التى تم تأجيرها خطوة بخطوة لكل وزارة تتولى مصر حتى أيام محمد مرسى (المعزول) والمتبقى من الأماكن كان يطرح للشعب، ولكن ليس أى شعب بل كبار القوم أيضاً وعندما كانت تولى وزارة جديدة ويوجد بها مسئول يريد كابينة ولا يجدون له مكانًا يتم بناء كابينة له بين الشوارع أو الحدائق المتبقية على الشواطئ لمجاملة المسئول، وهكذا حكومة وراء حكومة حتى أصبحت رؤية المياه مستحيلة بل ممنوع الاقتراب من الكبائن، الآن لا توجد كبائن ولا يوجد أحد والبحر والخضرة والآثار والأشجار لأول مرة فى التاريخ تتباهى بالإبداع وقدرة الخالق سبحانه وتعالى، صحيح الحسرة والألم يعتصرون كثيرين من مستأجرى الكبائن الذين خرجوا منها، ولكن فى الحقيقة، ومازلت عند رأيى، أرى أن غالبيتهم كان لديه قصور وفيللات بالساحل ورغم ذلك كانوا متمسكين بكبائن المنتزه، بالبلدى «لا كانوا بيرحموا ولا بيتركوها لمن ليس له مكان ومتنفس ولا منهم ذهبوا لقصورهم بالساحل» البعض كان يذهب يوم فى السنة والبعض الآخر ربما لم يفتح كابينته أعوامًا، والبعض كان يؤجر من الباطن اليوم بـ«2000» فى شهرى يوليو وأغسطس (بيزنس)، والبعض كان يعتبر وجود كابينة بالمنتزه على ذمته نوعًا من الوجاهة الاجتماعية حتى ولو لم يستخدمها، رغم امتلاكه ليخوت وقصور فى طول مصر وعرضها، والبعض تنازل من الباطن وذهب للساحل الشمالى يشترى بأموال التنازل فيللات، الآن وبعدما خرج الجميع بلا استثناء أصبحوا يتجمعون فى قصورهم فى هسيندا ومراسى والجديد سيدى حنيش، وأصبحت مجتمعات المنتزه خاصة لأهل إسكندرية؛ رأس الحكمة وسيدى حنيش فيللات كانت مشتراة بالعشرة ملايين للواحدة ولكن لا يظهرون ذلك والبعض لديه قصور تصل لثلاثة آلاف متر، صيف هذا العام جعلهم يلاغوا بعض عبر السوشيال ميديا «يا فلان سيدى حنيش عاملة عندكم إيه، أحلى ولا مراسى»، وطبعًا لا وجود لمارينا.