حمدي نصر يكتب: لماذا تصر تركيا على قرع طبول الحرب؟

ركن القراء

حمدي نصر
حمدي نصر


في تصرح لوزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو بأن انسحاب الجيش الليبي من سرت والجفرة وتسليمهما لحكومة الوفاق هو شرط أساسي لوقف إطلاق النار وبدء المحادثات وأن بلاده ستدعم قوات الوفاق في حال قررت شن هجوم عسكري في تلك المناطق.

وجاء ذلك التصريح بعد المناورة العسكرية التي قام بها الجيش المصرى على الحدود الغربية والتصريح الذي أعلن فيه الرئيس السيسي أن خط الجفرة سرت هو خط أحمر وأمن قومي لمصر.

فلماذا تسعى الإدارة التركية لتأجيج الصراع في ليبيا وإشعال نيران الحرب بالمنطقة؟

الحقيقة أن الرئيس التركي لا يطمح فقط إلى ثروات ليبيا أو المنطقة العربية وحسب بل يمتد إلى الدخول إلى القارة الإفريقية  من بوابة ليبيا وهو يحاول جاهداً لإعادة بناء المجد الامبراطورى للدولة العثمانية على أنقاض الدول المفككة والضعيفة ولا أدل على ذلك من قيامه بالتنقيب على الساحل الليبي لمجرد الاتفاق مع حكومة السراج منتهية الصلاحية والتي لم تعد تمثل الشعب الليبي بعد انتهاء المدة المتفق عليها لوجودها ثم مطالبته الاستيلاء على الهلال النفطي الليبي لوقف الحرب على الجيش الوطني الليبي بمعنى أن يسلم الجيش الوطني الليبي ثروة بلاده النفطية حتى يسلم من الهجوم العسكري عليه.

 وقد طلبت تركيا  تأسيس قواعد عسكرية بكلأ من تونس والجزائر الأمر الذي رفضته الدولتين رفضا قاطعا ودعا كلا من رئيسي البلدين العربيين إلى المطالبة بمجلس رئاسي من القبائل يمثل وعن حق الشعب الليبي.

إن التفهم الدولي للموقف المصري ومخاوفه من وجود المليشيات المسلحة على أطراف البلاد هو أمر منطقي يتفهمه ويعيه العالم حيث أن ذلك الأمر له مبرراته  فان سيطرت الميليشيات المسلحة المدعومة من الجيش التركي والجماعات المسلحة المنقولة جوا وبحرا إلى ليبيا بالآلاف هو تهديد صريح للأمن القومي المصري مما قد يدفع الجيش المصري للرد على هذا التهديد.

وقد ينظر البعض منا للأمر من زاوية أن هناك تهديداً أخر من الجنوب ولم يتم الرد عليه بنفس القوة أو بنفس الطريقة الحاسمة ولكن الأمر لا يستقيم بمقارنة قضايا مختلفة الأوجه يبعضها فالتهديد على الحدود الملاصقة للأراضي المصرية يمثل تهديدا بوجود عسكري لميلشيات مسلحة تتحمس للفوضى وتغيير أنظمة الحكم بقوة السلاح مما قد يدفعها للهجوم على الأراضي المصرية لو تمكنت من الغرب الليبي فتنشر الفوضى والخراب في أرجاء الدولة المصرية في حين أن التهديد من الجنوب يخضع لمفاوضات ويمكن التصعيد الدبلوماسي إلى مجلس الأمن ومنظمة الوحدة الإفريقية وهناك حلول قد تطرح أو قد تصل إليها مفاوضات سلمية أو غير ذلك من الحلول بأية شكل أخر قد تراه الدولة المصرية وذلك ليس تقليلا من شأن هذا الملف ولكن لكل شأن وجهة نظر وطريقة تعامل تختلف طبقا للمطروح والممكن والمستهدف وكل دولة لها العديد من الملفات التي تنظرها في أن واحد .

إن الدولة المصرية هي أخر الصامدين ويقف إلى جوارها بعض أشقائها ولكن الفتنة المستهدف حدوثها كبيرة وخطيرة فتمزيق سوريا والعراق واليمن وليبيا وغرق الدول العربية في نزاعات داخلية هو المراد وقد تحقق شق منه في بضع سنين وإذا لم تتماسك الدول العربية وتتكاتف لمواجهة ذلك المخطط فستجتمع عليها المفترسات من كل اتجاه وأولهم دول التخوم إيران من جهة وتركيا من جهة أخرى.