طارق الشناوي يكتب: لطفي لبيب (ثاني أكسيد المنجنيز)!!

الفجر الفني

بوابة الفجر


كثيرة جدًا الشائعات التى تلاحق المشاهير، سواء كانوا تحت الضوء أو اختاروا بمحض إرادتهم الظل، أو فرض عليهم المرض الانتظار.. الفنان الكبير الرائع لطفى لبيب خذلته قواه الجسدية بعد إصابته الأخيرة، وباتت قدرته على الحركة محدودة، إلا أن روحه المشاغبة تتجاوز كل الحدود، إنه كعادته متقد الذهن حاضر البديهة، لا ينتظر أن يقف أمام الكاميرا لمجرد التواجد أو للحصول على أجر وحالته على حد قوله (مستورة الحمدلله)، ولكن الرجل يؤرقه كل هذه الشائعات التى صارت فى السنوات الأخيرة تلاحقه مشيرة إلى تدهور حالته الصحية.


لطفى دائمًا يتمتع ببشاشة تنطق بها عيناه، ووجه فى حالة ترحيب بكل من يقابله، أتذكر فى المرات القليلة التى أسعدنى الحظ بلقائه لمحات لا تنسى فى التعقيب على كل ما يجرى فى الحياة وحتى على نفسه، فهو صاحب عبارة «كل النساء جميلات، إلا ما كتبه الله لنا».. وعندما تسأله عن الدور الذى يؤديه الآن، يقول: ألعب دور «ثانى أكسيد المنجنيز»، على أساس أن هذا العنصر يلعب دورا مساعدا فى التفاعلات الكيميائية، وأغلب الأدوار التى يؤديها «لبيب» سواء فى السينما أو التليفزيون أو المسرح تنتمى إلى طبيعية ثانى أكسيد المنجنيز.. هذا هو رأيه وليس رأيى أنا!!.

«لطفى لبيب» ينتمى إلى قبيلة خاصة فى الحياة الفنية، هؤلاء الذين يبدأون حياتهم فى أدوار صغيرة ثم ينتقلون إلى الأدوار الرئيسية، إلا أنهم فى العادة لا يصلون إلى مصاف نجوم الصف الأول الذين يتصدرون (الأفيش)، مثل حسن حسنى ولطفى لبيب وبيومى فؤاد وعزت أبوعوف وأحمد راتب وصلاح عبدالله ورياض الخولى وأحمد خليل وخيرية أحمد ورجاء الجداوى.. وهم من أطلق عليهم لطفى تعبير (نجوم خط الوسط)، هم لا يحرزون الهدف الذى يصفق له الجمهور، ولكنهم يهيئون الكرة للنجم حتى يحرز هو الهدف، ورغم اختلافهم فى الأداء وتباين مستواهم بين عمل فنى وآخر ستجد أن كلًا منهم لديه رصيد ضخم، فلسفتهم عادة فى الحياة أنك اليوم ربما تكون مطلوبًا وبإلحاح لكن الغد غير مأمون العواقب، وكأنهم يرددون مع «عمر الخيام» فى رباعياته التى غنتها أم كلثوم (غد بظهر الغيب واليوم لى/ وكم يخيب الظن فى المقبل) ولأنهم يخافون من الغد.. فإنهم يمسكون بكل الأدوار التى تأتى إليهم، وتتبدد أحيانا مواهبهم بسبب كثرة تفاعلها مع العدد الضخم من الشخصيات، لا أتصور أن الفنان يستطيع أن يعيش فى نفس الوقت كل هذه الشخصيات، دائمًا يحتاج المبدع إلى مساحات من الفراغ الزمنى لا ينشغل فيها إلا بدور واحد يصحو عليه وينام عليه، تجد مع هؤلاء الموهوبين لمحات تعبيرية لا تُنسى مثل «لطفى لبيب» الذى أعجبنى فى تقمصه دور مريض الزهايمر فى سيت كوم «تامر وشوقية»، كما حقق نجاحا طاغيا فى دور السفير الإسرائيلى فى فيلم (السفارة فى العمارة)، لم يتمكن الوسط الفنى كالعادة من استثمار موهبته إلا قليلا. المخرج شريف عرفة ستجده فى مقدمة القلائل، الذى يمنحون فى أفلامهم مساحات للطفى لبيب، «ثانى أكسيد المنجنيز» من حقه علينا أن نبعد عنه أى تفاعل ضار مع الشائعات!!.