المستشار سامح المشد يكتب: من قاعدة برنيس العسكرية إلى حسم 2020

مقالات الرأي

بوابة الفجر


عندما يحصل الباحث على وسام رسالة الماجستير أو الدكتوراه فإنه يحصل عليه غالبا مرة في العمر، أما عن نفسي فكنت أحصل عليه كوسام شرف في كل مرة أكون في حضرة صاحب الجلالة الجيش المصري ومناوراته العسكرية التي تضاهي مناورات أكبر جيوش العالم (روسيا – أمريكا)، وعلى رأسها برنيس وحسم. فكان لي عظيم الشرف في حضور (افتتاح قاعدة برنيس في 15 يناير 2020، ومناورة حسم 2020 في 9 يونيو 2020)، وسط كوكبة من الوزراء والمحافظين، وعدد من الدبلوماسيين والسفراء والملحقين العسكريين المعتمدين بمصر العظمى، والشخصيات العامة والإعلاميين.

(حسم وبرنيس)، كانا لهما بالغ الأثر في نفسي لما لهما من خصوصية تمس أمن مصر العظمى، وكذلك خصوصية قوة المقاتل المصري. إن الخط الأحمر الذي وضعه جنرال مصر القائد الأعلى للقوات المسلحة، ليس مجرد خط ترسيم، إنما هو تحدي عسكري مصري لكل أسلحة العالم، وتحدي من مصر العظمى إلى كل قدرات العدو، كذلك عندما تترك مصر العظمى الباب مفتوحاً للمليشيات والأسلحة التركية، ليس ضعفا أو تهاونا، بل هو تفكير وتدبير وتعديل وتقنين وتجييش لآخر حرب في المنطقة، مصر تعلم علم اليقين أنها ناصرة منتصرة، وعندما تكون ضامنا للنصر، فيجب  تحقيق أكثر الأهداف الممكنة لهذا النصر.

مناورة حسم 2020 حسمت أمرها بالفعل، مع محاولات التحرش العسكري التركي بطريقة غير مباشرة، لأنها تجهل مدى قوة الجيش المصري التي تتابعها الدول الحبيبة والصديقة وتفخر بقواتنا، على سبيل المثال وليس الحصر دول حبيبة مثل (السعودية، الإمارات، البحرين، الأردن)، كما تتابعها دول الأعداء مثل إسرائيل، تركيا، قطر، إيران، وحاليا أثيوبيا، وتراقبنا الهيئات والمؤسسات والمنظمات الدولية منذ إفتتاح قاعدة محمد نجيب، (التي لم أشرف بحضور إفتتاحها نظرا لغيابي خارج القطر المصري في بعثة دبلوماسية)، 

مناورة إفتتاح قاعدة برنيس، ومناورة حسم وصولا إلى ضرب قاعدة الوطية، الذي قلب موازين فكر التعامل العسكرى مع مصر، حيث فوجئ كثير من أعدائنا بمدى قوة الجيش المصري بين ليلة وضحاها.  

عندما حسمت مناورة حسم أمرها، فستحسم جميع الدول المنتجة للسلاح أمرها أيضا، حيث أنها تتسابق إلى التقرب من مصر والتودد إلى جيش مصر، والمبادرة بعرض أسلحتهم، لأن مصر أصبحت معيارا لقوة السلاح ومدى تطوره التكنولوجي، لقدرة الجيش المصري على التعامل مع أحدث الأسلحة وأكثرها تقدما في العالم. 

ثق أيها المصري بأن جيشك يصنع تاريخا جديدا فى العسكرية الدولية، وسوف يذكر التاريخ دائما وأبدا في كل عصر أن المقاتل المصري سيخلد في ذاكرة المصريين بفضل ماقدموه من بطوﻻت وإنجازات وتضحيات، كما خلده سيدنا محمد (ص)، عندما قال عن جيش مصر: (إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جندا كثيفا، فذلك الجند خير أجناد الأرض، فقال له أبو بكر: ولم ذلك يا رسول الله؟ قال: لأنهم في رباط إلى يوم القيامة).

من خلال حضوري الشخصي في قاعدة برنيس العسكرية، ومناورة حسم 2020، أحب أن أخرج منها بعدة أسألة على الجانب الموازي لما حدث في برنيس وحسم من مناورات فائقة الروعة. 
ثمة أسألة تطرح نفسها عندما نحب أن نستعرض قوة الجيش المصري أثناء إصطدامه ببعض قوى الشر المعادية التي تظن أنه بإمكانها أن تنال من إصبع هذا الجيش العتيد العنيد.

الأسألة التي تطرح نفسها: ماهي الحرب الإلكترونية بصفة عامة والمصرية بصفة خاصة؟، وما علاقتها بالتشويش الحربي؟، وما مدى تأثيرها على مصائر الحروب برا وبحرا وجوا؟ فمثلا، ما تعرضت له الغواصتان التركيتان، والفرقاطة مراد بك، وطائرات ال C130 الأمريكية، وكذلك الرادارات، ومنظومة التشويش الأرضى، ومنظومات الدفاع الجوى الأرضية الأمريكية، والتي إذا ماانتشرت هذه المعلومات فإنه يؤثر على سمعة ومبيعات شركات السلاح، مثلا شركة (لوكهيد Lockheed AC-130) الأمريكية، عندما تتعرض طائراتها الفانتوم للتشويش على أجهزتها فإنها تكون سهلة الإصطياد، وبالتالى تفقد أمريكا (بلد المنشأ) وسيلة ضغط مهمة ضمن وسائلها الأخرى على الدول التي تهتم بشراء مثل هذه الطائرات، وبالطبع ينطبق ذلك على جميع شركات السلاح الروسية والصينية والفرنسية والألمانية. 

الجيش المصري يمتلك منظومات لأجهزة الحرب الإلكترونية المتقدمة والمتطورة على جميع المستويات البرية والجوية والبحرية حتى الفضائية، حيث يمكنها أن تدير حروبا ومعارك فى أراضي الغير من داخل الأرض المصرية، من خلال الزراع الطولى التي تمتلكها مصر، والتي لم يعلن عنها بعد ولم تكن تعرف لدى العديد من الدول. 

الحرب الإلكترونية اليوم، هي منظومة تكنولوجية أحد أهم المنظومات العسكرية للجيوش إن لم تكن أهمها على الأطلاق، لأنه يمكن لدولة لا تملك سلاحا حديثا ولكنها تملك منظومة إلكترونية حديثة تستطيع من خلالها أن تتفوق على عدوها الذي يمتلك أحدث الأسلحة في العالم، بمعنى أكثر وضوحا، أنه بواسطة أجهزة التشويش من داخل المنظومة الإلكترونية تسطيع أن تحدد جميع الرادارات المتواجدة على جميع المعدات الحربية جوا أو بحرا أو برا، وتصيبها بالعجز بإيقاف إحداثياتها، والذي على أساسه تصبح هذه القطع والطائرات هدفا سهلا لتدميرها وإرباك العدو لدرجة أن هذا العدو من السهولة أن يضرب أهداف نفسه بنفسه. 

مصر دائما تسعى للإعتماد عن نفسها في تسليح جيشها من خلال مصانعها وخبرائها وعلمائها، الكثير من صناعاتنا الحربية مصرية خالصة، وتبقى بعض الصناعات العسكرية بمشاركة بعض الدول الصديقة، والتى تمدك بتكنولوجيا متقدمة، ولكن تتوقف عند مستوى معين، لهذا السبب تأبى مصر إلا أن يكون هناك إستفادة من العقول المصرية العبقرية، ولا مناص من تقديم كافة أنواع الدعم المادي والمعنوي لإنجاح هذا التخطيط المصري الخالص، للوصول لتكنولوجيا مصرية بحتة، وأحب أن أقول أن ذلك متوفر بالفعل في مجالات الدفاع الجوي من صناعة الطائرات، والمدرعات، والرادارات، والقذائف والصواريخ الباليستية.

وإذا عدنا لما يحدث في ليبيا فلا يوجد تكافؤ على الإطلاق فيما يحدث هناك، فالجميع في كفة ومصر في كفة أخرى، لأن مصر تستطيع إنهاء هذه النزاعات والصراعات في زمن قياسي بعدة ضربات مركزة دون حرب شاملة، ولكن يبدو أن مصر العظمى تريد أن ترسم عالماً جديداً من ليبيا، وتقوم بتغيير سياسات دول تجاه دول، كذلك تغيير ترتيب التسليح والجيوش في العالم، وتصبح مصر الآن هدفا رئيسيا لشركات السلاح العالمية، لأن مصر تعد لاعبا رئيسيا على المسرح العسكري، فبتوجيه ضربة ما مثل ضربة قاعدة الوطية في ليبيا، ترفع دولا وتخفض دولا، فبعدما كان يتحكم البعض في قوة الجيش المصري من خلال التسليح والمنحة السنوية وفقا لأجندات واضحة، أصبحت مصر الآن هي المتحكم الأول من خلال رسم تحالفات عالمية جديدة.  
 
عندما تم التشويش على غواصتين تركيتين (صناعة ألمانية) في البحر المتوسط، أدى ذلك إلى إستغاثة تركيا ببلد المنشأ ألمانيا، من أجل إيجاد الغواصتين، مما أدى إلى غضب ألمانيا، وقامت المستشارة الألمانية بتوبيخ أردوغان، بل وصل الأمر إلى تهديده بقطع التعاون العسكري بين ألمانيا وتركيا، وإعتبار أن ما حدث للغواصتين هو إهانة للسلاح الألماني والإساءة لسمعته، جدير بالذكر أن التشويش على غواصة أو قطعة بحرية أو طائرة، من قبل الجيش المصري، ليس للتشويش وفقط، ولكنه إعادة لترتيب جيوش العالم.

كذلك ضرب الدفاعات الجوية والرادارات التركية على الأراضي الليبية (قاعدة الوطية)، حيث أنها صناعة أمريكية، والأحدث في العالم والاكثر تطورا بعد روسيا، تعد إهانة للسلاح الأمريكي، فيعطي ذلك إشارة أن مصر تدير حروبا عالمية من مصر، فهي تستخدم السلاح الروسي لضرب السلاح الألماني، وتستخدم السلاح الفرنسي لضرب السلاح الأمريكي.

مصر نوعت مصادر تسليحها من دول عظمى، ثم أخذت تستخدم هذه الميزة في كيفية إستخدام أسلحتهم بالطريقة التي تراها العبقرية المصرية مناسبة، مع العلم أن ضربة مصرية لمنظومة دفاع دون رصد، ليست مجرد ضربة لقاعدة تركية فقط، بل هو إيذان بإعلان عن قوة عظمى جديدة إسمها مصر العظمى. 

وأخيرا هناك قيمة كبرى أضيفت لصالح السلاح الفرنسي والروسي، في الوقت ذاته قلت قيمة السلاح الألماني والأمريكي، مما يؤدي إلى حصول مصر على خصومات كثيرة في صفقات السلاح القادمة، وبالتالي تتقدم مصر في جميع المواقف السياسية والدبلوماسية والصفقات والإتفاقيات الاقتصادية.