من يقف وراء اتهام أم كلثوم بالشذوذ الجنسى؟

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر


تشريح القفص الصدري لثومة لإثبات شذوذها الجنسي

صورة متداولة بقوة على مواقع مثلية لتأكيد حبها للنساء

لم تظهر قصة سحاقية ثومة إلا بعد وفاتها بسنوات

سأل الفنان السعودى الكبير محمد عبده عن أفضل مطربة عربية، فرد بسرعة أم كلثوم، وعاد المذيع يسأله وأفضل مطرب، فرد بنفس السرعة: أم كلثوم، فالنسبة للملايين من عشاق ثومة، لا يجوز أن تندرج التصنيفات النوعية على كوكب الشرق وأسطورة الغناء العربى، هى الأفضل على الإطلاق وبدون تقسيمات، وأذكر أن رد محمد عبده كان محل جدل أو بالأحرى نميمة، فالبعض رأى أنه فعل الصواب حين أخرج ثومة من نطاق التصنيف، وآخرون أنه فعل ذلك حتى يتجنب ذكر مطرب من الرجال لأنه يرى نفسه الأفضل، وأن كنت أميل إلى أن محمد عبده كان حسن النية عاشق مولع بأم كلثوم، ومن منا لا يفعل؟ فأم كلثوم كانت ولا تزال ظاهرة عابرة للزمان والمكان والنوع والجنس، ولاشك أن هذا التألق فى سماء الدنيا لابد أن يقابله كارهون وراغبون فى الاستفادة من شعبية ثومة الكاسحة، ومن المثير أن أكثر فئة حاولت أن تستفيد من الظاهرة الكلثومية هى المثليون العرب أو على الأقل جانب من مشاهيرهم ونشطائهم، فعلى الرغم من أن الادعاء بأن ثومة سحاقية هو اتهام غادر وقذر من وجهة نظر الكثيرين، فإن بعض من أطلقوا هذه الشائعة كانوا يبحثون عن مكان يعيشون فى ظل أم كلثوم، وليس الإساءة إليها، والمثير أن حكاية سحاقية أم كلثوم لا تكاد تجد لها أبًا شرعيًا أيام ثومة ولا أحد يعرف متى بدأت وعلى ماذا استندت، وحتى ما قيل عن أصل هذه القصة لم يكن صحيحا من الناحية التاريخية.

1- بداية غامضة

كتب بعض المؤرخين الذين تناولوا حياة الست عن قصة أو بالأحرى شائعة الشذوذ الجنسى كانوا لديهم أصل للقصة، ففى بداية انطلاق أم كلثوم خافت سلطانة الطرب منيرة المهدية على مكانتها، فبدأت تشن هجوما على ثومة من خلال بعض أصدقائها من الكتاب، وتحديدا صاحب مجلة المسرح، وقد كتب صاحب المجلة المؤثرة فى عالم الفن آنذاك محمد عبدالحميد حلمى شائعة شخصية على ثومة كادت أن تحطم مستقبلها وتحرمنا من مجد وتراث أم كلثوم، ولكن هذه الشائعة لم يكن لها علاقة بالشذوذ الجنسى من بعيد أو قريب، فالشائعة كانت تدعى أن أم كلثوم وقعت فى حب شاب قبل مجيئها إلى القاهرة، وأنه خان ثقتها واعتدى عليها، وقام والد ثومة برفع دعوى ضده، انتشرت شائعات أخرى لفترة من الزمن، ولكن هذه الشائعات لم تكن متصلة بقصة الشذوذ على الإطلاق، كل هذه الشائعات كانت تدور حول زواج سرى لأم كلثوم، وفى تلك الفترة أطلقت ثومة على نفسها لقب الآنسة، وكانت التكنهات حول لقب الأنسة موجودة على صفحات بعض المجلات، ففى مجلة روز اليوسف كان أحد كتابها يحرر بابا ساخرا للرد على القراء، وذات مرة كتب يقول أرسل القراء فلان وعلان سألونى هل لا تزال أم كلثوم آنسة، وأقول لهم كل من تزوج ثومة أكد أنها آنسة، إذن فكل الجدل الذى ثار حول أم كلثوم كان يؤكد أنها امرأة طبيعية فقط تنكر زواجها.

2- نفى إسرائيلى

طوال حياة أم كلثوم لم ترد تهمة الشذوذ الجنسى فى أى من الكتب الصادرة عنها التى تمكنت من قراءتها، وبالمناسبة أصبحت أقرأ كتابين على الأقل أسبوعيا عن ثومة منذ أن قررت كتابة هذه الحلقات، لكن كتابا وحيدا صدر فى التسعينيات من القرن الماضى تناول قصة الشذوذ كتهمة واجهتها ثومة فى بداية حياتها، ويرجع الكتاب أصل هذه الشائعة إلى تعرض أم كلثوم فى طفولتها لعملية تحرش، وبحسب كتاب أم كلثوم والموساد للكاتب (توحيد مجدى) فإن والد ثومة اصطحبها وهى طفلة إلى أحد المعابد اليهودية لعلاج مرض عينها، وأن رجل الدين أساء إليها وتحرش بها، ولكن الكتاب لم يلق ثقلا من التأكيد نظرا لاعتماد الكتاب على ما وصفه بوثائق إسرائيلية غير موجودة فى أى من المواقع الإسرائيلية أو الدولية الموثوقة، وحتى إسرائيل اكتفت بنفى ما جاء فى الكتاب عبر تقرير صحفى، ولم تقم ضجة ولا اعتراضات كعادتها فى مثل هذه المناسبات.

3- المثليون الجدد

لا يلقى المثليون قبولا ولا ترحبيا أو اعترافا فى معظم الدول العربية، ولكن ذلك لم يمنع نشطاءهم من العمل المتواصل للبحث عن نجوم ومشاهير عرب من المثليين سواء عن حق أو باطل، وليس هناك أكثر شهرة وشعبية من أم كلثوم لمنح المثليين العرب اعترافا وتسامحا، ولذلك أميل بعد البحث المدقق فى هذه القصة الشائكة إلى أن إحياء حكاية مثلية ثومة كان على أيدى المثليين العرب، وقد اعتمد هؤلاء النشطاء المثليون على بعض الحقائق فى حياة ثومة، ولكنهم خلطوها بالكثير من الإيحاءات، وتأكيدا لظنونى فإن مجلة أدرنية تدافع عن المثلية الجنسية نشرت بحثا للتأكيد عن مثلية ثومة، بالإضافة إلى مقالات من مثليين عرب حول نفس القضية.

يؤسس المثليون العرب شذوذ ثومة كما قلت على الحقائق الثابتة فى حياتها، مثل أن أم كلثوم لم تتزوج إلا فى الخمسين من عمرها، ولم تنجب ولم تسع لإنجاب الأطفال، وأنها كانت تغنى فى الكثير من القصائد للحبيبة والمعشوقة الظالمة، وبالطبع الحجة الأخيرة لا تعود إلى أم كلثوم بل إلى شعراء وكتاب قصائدها، ولتأكيد سحاقية ثومة فإن معظم المقالات التى تنشر عن ذلك الموضوع تكون مصحوبة بصورة وحيدة مكررة، صورة أم كلثوم تقبل إحدى السيدات فى فمها، ويبدو أن مروجى هذه الشائعة تناسوا أو بالأحرى تجاهلوا عن عمد أن عادة تقبيل النساء والرجال من الفم كانت عادية وشائعة بل سائدة لسنوات طويلة، وقبل أن يعلن المثليون عن قوتهم ووجودهم، فأصبحت هذه العادة مكروهة بسببهم من ناحية، أو بسبب الخوف من الأمراض من ناحية أخرى.

لم يأل المثليون أو المناصرون لهم جهدا لإثبات سحاقية ثومة، لم يتركوا سلاحا إلا واستخدموه، من بين أكثر الأسلحة مكرا هو سلاح التشريح الجسدى للست، بحسب إحدى المقالات المثيرة فإن أم كلثوم كانت تملك قفصًا صدريًا أو صدر رجل وبالمثل حنجرة، باختصار كان القفص الصدرى لأم كلثوم ذكوريا، وكان التعليل أن أم كلثوم تملك حنجرة وصدر فى منتهى القوة، ولا يمكن أن يكون هذه القدرات أو بالأحرى الأعضاء البشرية لامرأة حقا، وبذلك يصل أصحاب هذا الرأى إلى أن جسد أم كلثوم يحمل صفات أو أجهزة ذكورية وأنثوية معا، ومن الأفكار الأخرى فى اتهام أم كلثوم بالمثلية فكرة فلسفية، فالنسبة للبعض فإن العباقرة والعظماء خاصة فى مجال الإبداع والفنون يجربون كل شىء سعيًا للوصول للكمال، ولذلك اعترف بعض المبدعين الأجانب بأنهم جربوا المثلية لفترة من الوقت، والحقيقة أن هذا الدافع الفلسفى لا يوجد له ظل من الحقيقة فى حياة أو حتى شائعات عن أم كلثوم، فأكبر شائعة واجهتها ثومة لكى تصل إلى السلطنة أو الكمال هو شم الحشيش أو الأفيون وذلك من خلال حرقهما فى شيشة.

الأسبوع القادم سؤال آخر مثير

هل كانت ثومة تحب الشباب الأصغر سنا منها؟!