عائشة نصار تكتب: بن لادن «سوبر ستار» مدرجات كورونا

مقالات الرأي

بوابة الفجر


حضر مباريات الأرسنال.. وخطط لاغتيال بيكهام وتفخيخ مونديال 1998.. وجماهير روستوك الألمانى وجيريميو البرازيلى أبرز معجبيه

بن لادن يعود للمدرجات من جديد.. مفاجأة صادمة كانت من نصيب جمهور نادى ليدز يونايتد الإنجليزى هذا الأسبوع، والذين فوجئ بزعيم تنظيم القاعدة السابق فى مدرجات ملعب إلاند رودالإنجليزى، بين مشجعى النادى، ليصبح أسامة بن لادن بعد عشر سنوات كاملة من مقتله، هو العنوان الأبرز لنشرات الأخبار الرياضية العالمية هذه المرة، بعيدًا عن الأخبار السياسية وأنباء الهجمات الإرهابية.

وفى محاولة لبث الروح والحيوية للمدرجات الخالية فى ظل وباء كورونا، بادر ليدز بمنح مشجعيه الفرصة للمشاركة فى المباريات التى يغيب عنها الجمهور، وذلك بشكل رمزى، عبر إرسال صورهم لطباعتها على مجسمات كرتونية على مقاعد المشجعين، مقابل 25 جنيهًا إسترلينيًا، للفرد الواحد.

لكن ما لم يكن فى الحسبان هو أن مجهولًا ما سيقوم بإرسال صورة بن لادن لطباعتها، ثم وصولها بعد ذلك لمدرجات النادى بالفعل، وهى الواقعة التى كشفتها تغريدة لأحد المشجعين الذى قام بإرسال صورته وصورة ابنه لطباعتهما ووضعهما إلى جوار بعضهما البعض فى المدرجات، إلا أنه فوجئ بأن الشخص الجالس افتراضيًا إلى جواره، هو أسامة بن لادن شخصيًا، فكتب من حسابه الذى يحمل اسم «أول لوف ليدز» على تويتر: «شكرا ليدز.. أنا بجوار بن لادن!»، فى مفاجأة أسفرت عن موجة من الغضب والاستهجان والسخرية على مواقع التواصل الاجتماعى، بين جمهورالنادي.

للمفاجأة، ليست هذه هى المرة الأولى التى يظهر فيها أسامة بن لادن فى مدرجات كرة القدم، أو يتم الربط فيها بين زعيم القاعدة والساحرة المستديرة، «العشق الممنوع» الذى مارسه «أسامة» مراهقًا، فأقام المباريات ونظم دوريات المناطق والأحياء مع أقرانه فى جدة.. واحتفظ لنفسه فيها دوماً بمركز المهاجم، بفضل سرعته وقامته الفارعة.

فى كتابه «البروج المشيدة.. القاعدة والطريق إلى 11 سبتمبر» يقول لورانس رايت: «مع جنوح أفكاره نحو التشدد توقف أسامة عن ارتداء السروال القصير المعهود وكان يلعب بالسروال الطويل، ويقسم أصدقاءه إلى فرق بأسماء الصحابة»، وكان عادة ما يحصد فريقه «أبو بكر الصديق» المكسب فى تلك المباريات.

وأسامة الذى قضى فترة من مراهقته فى لندن بصحبة أشقائه، عرف عنه ارتباطه الشهير بنادى الـ«أرسنال» الإنجليزى، الذى ظل مشجعًا مخلصًا ومتحمسًا له حتى النهاية، وذلك وفقًا للوثائق الشخصية لبن لادن فى مخبأه الأخير فى مدينة أبوت آباد الباكستانية، والتى تضمنت تسجيلات لمباريات الأرسنال، كان يحتفظ بها «الأب الروحى» للإرهاب العالمى، على الكمبيوتر الخاص.

كما تؤكد روايات كثيرة أن مباريات كرة القدم التى نظمها أسامة بن لادن فى معسكرات القاعدة فى أفغانستان، لم تكن مجرد وسيلة للترفيه فقط، وإنما سعى بن لادن لتوظيف الساحرة المستديرة كإحدى أدواته التنظيمية، يستطيع عن طريقها، تعزيز صداقته مع الآخرين، واكتشاف من يمتلك الصفات القيادية بين عناصره، ومن يستطيع العمل ضمن مجموعة.

كان الصحفى البريطانى آدم روبنسون صاحب الكتاب الشهير « بن لادن .. خلف قناع الإرهاب»، هو أول من كشف عن شغف «أسامة» بالأرسنال، وأن زعيم القاعدة حضر بالفعل مواجهتى ناديه المفضل أمام تورينو وسان جيرمان، فى نهائى كأس الكئوس الأوروبية 1994، وأنه جلس فى مدرج End Clock فى ملعب هايبرى الشهير بلندن.

وأن بطاقة أسامة بن لادن الائتمانية أيضًا قد كشفت شرائه بعض الهدايا التذكارية من متجر النادى، من بينها قميصً للمهاجم إيان رايت، أهداه بن لادن لأحد أبنائه بعد ذلك وفقا لروبنسون.

تداول تلك المعلومات بشأن افتتان أسامة بن لادن بأرسنال، وحضوره مبارياته، خلق علاقة غير متوقعة بينه وبين رابطة مشجعى النادى فى ذلك الوقت، فقاموا عام 2001، بالهتاف باسم أخطر إرهابى فى العالم آنذاك بأغنية تقول كلماتها «أسامة.. أوه أوه.. هو يأتى من طالبان هو يحب أرسنال.. أسامة أوه أوه.. هو يختفى بالقرب من كابول هو يحب أرسنال.. أسامة.. أوه أوه أوه».

ما اضطر النادى الإنجليزى إلى إصدار بيان رسمى، فى أعقاب الواقعة، يعلن فيه أن زعيم القاعدة شخص غير مرغوب فيه، ويمنعه رسمياً من حضور مبارياته مرة أخرى.

لكن ظهور أسامة بن لادن فى الملاعب لم يتوقف عند ذلك ففى عام 2011، قام مشجعو هانزا روستوك الألمانى، برفع صورة أسامة بن لادن فى الملعب وعوقب النادى، بحرمان جماهيره من حضور المباريات لفترة طويلة.

إلا أن نفس الجماهير عادت فى 2016، لرفع لافتة عليها صورة بن لادن، كتب عليها «تأهلنا» احتفالا بالصعود على حساب نادى باولى .

ومن أوروبا إلى أمريكا اللاتينية، ظهر بن لادن أيضًا فى مدرجات الكرة البرازيلية 17 سبتمبر2012، حيث رفع جماهير نادى جيريميو البرازيلى صورته، مكتوبا عليها « نحن مثل هذا الرجل لا ننحنى أبدًا».

ورغم تحول أسامة بن لادن إلى «براند» كروى للجماهير من عدة جنسيات على مايبدو، لم يمنعه كما يؤكد آدم روبنسون فى كتاب آخر له هو «إرهاب فى الملعب» أن زعيم القاعدة وضع خطة لاستهداف كأس العالم 1998، فى المباراة الافتتاحية للمنتخب الإنجليزى أمام تونس، عبر انتحارى يستهدف أولًا حارس المرمى ديفيد سيمان، وتشمل العملية اغتيال النجم آلان شيرار والمدرب جيلين هوديل، وكذلك اللاعبان الصاعدان آنذاك ديفيد بيكهام ومايكل أوين، كما شملت الخطة استهداف المنتخب الأمريكى وتنكر المنفذون فى هيئة عمال بالفندق، محل إقامته، إلا أن المخابرات الفرنسية كشفت العملية قبل تنفيذها.

وهو السيناريو الذى عاد وهدد بتنفيذه داعش بعد ذلك باستهداف كأس العالم 2018، تحت حكم خليفته المزعوم أبوبكر البغدادى، أو إبراهيم عواد البدرى الذى اشتهر فى شبابه هو الآخر بعشقه لكرة القدم، فكون فريقًا فى حى الطوبجى، محل إقامته ببغداد حيث بدأ حياته إماماً لمسجد الحاج زيدان، ثم بعد ذلك أطلق عليه «مارادونا» سجن بوكا، حيث جرى اعتقاله، بعد الغزو الأمريكى للعراق، وعرف البغدادى داخل السجن بموهبته الكروية الفذة.