أسرار وكواليس مواعيد إغلاق المحال التجارية بعد «كورونا»

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر


فشلت الحكومات المتتالية منذ السبعينيات فى تطبيقها

أثار إعلان الحكومة عن استمرار العمل بالمواعيد الحالية لعمل المطاعم والمقاهى والمحلات التجارية بعد انتهاء أزمة كورونا حالة من الجدل الشديد، خاصة مع تأكيد مجلس الوزراء على وجود دراسة شاملة بهذا الشأن. يعود القرار المثير إلى سبعينيات القرن الماضى فى عهد الرئيس السادات، وكان يقضى بغلق المحلات والمقاهى فى التاسعة مساء، لكن القرار لم يطبق بحزم ما أدى لاستمرار العمل حتى ساعات متأخرة من الليل.

فى عهد الرئيس مبارك وتحديداً فى النصف الثانى من 2010، تجددت الفكرة بعد تقدم اتحاد الغرف التجارية باقتراح يهدف لتنظيم الشارع التجارى والقضاء على الفوضى، وكان من المقرر العمل بالمقترح فى يناير 2011 لكن ثورة يناير عطلت التطبيق.

وظهرت الفكرة مجدداً بالإغلاق فى العاشرة مساء خلال فترة حكم الإخوان عام 2012 فى إطار محاولات ترشيد استهلاك الكهرباء، لكن حكومة الإخوان واجهت وقتها رفضاً عنيفاً من المواطنين.

وأجرى اتحاد الغرف التجارية دراسة ميدانية حينها، كشفت رفض 87% من المستهلكين للقرار وموافقة 63% من التجار رغبة فى توفير جزء من تكلفة العمالة وفواتير الكهرباء والمياه والخدمات.

وترى حكومة «مدبولى» عدم وجود أى جدوى اقتصادية من السماح للمواطنين بالجلوس على المقاهى بعد العاشرة مساء، معلنة أنها ستتيح للمطاعم تقديم خدمات التيك أواى دون التقيد بمواعيد الإغلاق.

وترجع بدايات قرار الحكومة إلى أكثر من عامين، عندما اقترح عدد من نواب البرلمان تحديد مواعيد لإغلاق المحال التجارية على غرار الدول الأوروبية ولما له من آثار اقتصادية إيجابية، وخلال أبريل الماضى، أصدرت لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب تقريراً يحمل توصيات للحكومة عن تداعيات فيروس كورونا، منها العمل على دراسة آليات القضاء على الاقتصاد الفوضوى والإبقاء على منافع الإغلاق المبكر للمحلات مع اتخاذ الإجراءات الاحترازية، وسبق هذه التوصية تقديم مقترح من لجنة الطاقة والبيئة خلال 2017 بإصدار تشريع قانونى يقضى بإغلاق المحلات فى العاشرة مساء لتوفير الكهرباء، وذلك بعد مطالبة وزارة البيئة لمحافظتى القاهرة والجيزة بإلزم المحلات التجارية بالإغلاق فى العاشرة لتقليل الضوضاء، خاصة فى الأماكن السكنية، وهى الدعوات التى أيدتها لجنة الشئون الاقتصادية مؤخراً.

وبدأت التحركات الحكومية تنفيذ القرار فى مايو الماضى، حين أعلنت وزارة التنمية المحلية أنها تدرس مع المحافظات كيفية الاستفادة من تجربة كورونا وحظر التجوال فى تحديد مواعيد جديدة لفتح وإغلاق المحلات العامة منعاً للفوضى، وإتاحة الفرصة للعاملين فى جمع المخلفات والقمامة للقيام بعملهم، وإعادة تأهيل ورصف الطرق والمنشآت.

وصدرت اللائحة التنفيذية لقانون المحال العامة رقم 154 لسنة 2019 فى مارس الماضى، بعد إقرار مجلس النواب القانون فى يوليو 2019، وتسمح اللائحة للحكومة بتحديد مواعيد فتح وإغلاق المحلات وفق اشتراطات النشاط والمساحة والمنطقة، مع تدوين المواعيد فى رخصة التشغيل.

ومع بداية يونيو الماضى أعلنت وزارة الكهرباء عن المرحلة السابعة من تعريفة الاستهلاك للقطاع المنزلى والصناعى والزراعى للعام المالى 2020/2021، والتى يتم تطبيقها بداية من يوليو الحالى.

وكشفت الوزارة عن أسعار بيع الطاقة الكهربائية خلال 5 أعوام مالية مقبلة «2024/2025»، وقررت تأجيل خطة رفع الدعم نهائياً عن الكهرباء لمدة 3 سنوات إضافية بسبب الظروف الاقتصادية الناتجة عن فيروس كورونا، والتى كان من المقرر أن تنفذ فى الموازنة الجديدة بقيمة دعم «صفر».

وتتحمل وزارة المالية نتيجة لذلك عبئاً مالياً قدره 26.7 مليار جنيه، فى حين يتكلف خفض سعر استهلاك الكهرباء بمقدر 10 قروش لدعم قطاع الصناعة فى أزمة كورونا 22 مليار جنيه.

يضاف إلى ذلك أنه تم تثبيت سعر بيع الغاز الطبيعى لمحطات إنتاج الكهرباء بمقدار 3 دولارات لكل مليون وحدة حرارية، حتى لا يتحمل المستهلك أى أعباء إضافية، وهو ما يمثل تكلفة على الموازنة بقيمة 29.9 مليار جنيه، وبالتالى يبلغ إجمالى ما تتحمله الموازنة خلال 5 سنوات قادمة حوالى 78.6 مليار جنيه.

وحسب أحدث بيانات وزارة الكهرباء، يبلغ استهلاك المحلات التجارية 5%، أما المرافق ومياه الشرب والصرف الصحى فيبلغ استهلاكها 4.2%، وتستهلك الإنارة العامة 3.1%، بما يشكل 12.5% من استهلاك الكهرباء فى مصر.

ولتقدير حجم الوفر الناتج عن القرار بحسبة بسيطة، فإن الموازنة تتحمل فى دعم الكهرباء خلال السنة الواحدة ما يقرب من 16 مليار جنيه، ويبلغ دعم المواد البترولية فى الموازنة الجديدة 28 مليار جنيه، وبافتراض ثبات هذه القيمة خلال السنوات المقبلة، يصل دعم الطاقة إلى 44 مليار جنيه سنويا.

ووفقا لدراسة سابقة أعدتها وزارة البترول، فإن قرار إغلاق المحلات فى العاشرة مساء يوفر نحو 17% من دعم الطاقة فى مصر، ما يعنى نحو 7.5 مليار جنيه سنوياً.

من جانبه أرسل اتحاد الغرف التجارية خطابات رسمية لكل الغرف على مستوى الجمهورية، لفتح حوار مجتمعى مع منتسبيها وممثلى الأنشطة المختلفة، حول مقترحات مواعيد إغلاق المحال التجارية عقب انتهاء أزمة كورونا بناء على خطاب من مجلس الوزراء للاتحاد، على أن تقوم الغرف وعددها 27 مسجل بها 4 ملايين سجل تجارى، برفع نتائج الحوار لمجلس إدارة الاتحاد لتجميعها وتنقيتها ومناقشتها، ورفع التصور النهائى للجهات المعنية.

وطالب التجار بتحقيق المساواة بين محلات النشاط الواحد، ومراعاة طبيعة عمل كل نشاط وكل محافظة، والفصول والمواسم والإجازات الرسمية، مع تشديد الرقابة على تطبيق النظام الجديد بعد الاتفاق عليه، بما يحقق المنافسة العادلة سواء فى الشوارع أو المولات.

ووضعت الغرفة التجارية بكفر الشيخ عدة ملاحظات لاتخاذها فى الحسبان، منها تأثير إلغاء ورديات للعمالة القائمة التى يبلغ عددها فى قطاع المطاعم والمقاهى حوالى 3.5 مليون عامل، نتيجة لإقرار المواعيد الجديدة، بجانب تأثيرها على الموارد السيادية للدولة، مثل الضرائب والتأمينات، وعلى التكلفة الثابتة للمحلات مما قد يؤدى لرفع الأسعار على المستهلك.

وأعلنت 4 غرف تجارية مقترحاتها خلال الأيام القليلة الماضية، منها الفيوم التى رأت أن يكون غلق المحلات فى الساعة 9 مساء شتاء، و 10 مساء صيفاً، و10 مساء فى الشتاء و12 صيفاً للمطاعم والمقاهى.

ورأت غرفة بورسعيد أن يتم إغلاق جميع المنشآت 10 مساء شتاء و 11 مساء صيفاً، مع استمرار عمل المطاعم والكافيهات حتى 12 مساء، أما غرفة المنيا فأشارت إلى أن الموعد الأمثل هو 10 مساء، ووافقت غرفة الشرقية على إغلاق المحلات فى التاسعة شتاء و10 صيفاً.