بعد نفاذ الأولى وصدور الثانية.. د. رشا سمير تكشف تفاصيل جديدة عن روايتها "للقلب مرسى أخير" (حوار)

الفجر الفني

لروائية رشا سمير
لروائية رشا سمير


حققت "للقلب مرسى أخير" نجاحًا كبيرًا بالتزامن مع تواجد عدد كبير من الجمهور داخل المنازل وبقاء أطول وقت بعيدًا عن إشغالات الحياة في ظل انتشار جائحة كورونا، الأمر الذي دفع دار النشر المصرية اللبنانية المتعاقدة معها د. رشا سمير لطرح الطبعة الثانية من الرواية بعد نفاذ الأولى.

 

وعن تفاصيل الرواية وقرب طرح الطبعة الثانية للرواية التقى "الفجر الفني" بالروائية والكاتبة الكبيرة رشا سمير،، وإلى نص الحوار،،

 

•في البداية نبارك لك على صدور الطبعة الثانية من "للقب مرسى آخير".. كيف ترين نجاح الرواية في ظل الظروف الراهنة من انتشار فيروس كورورنا؟

 

أشكرك شكرًا جزيلًا، وأشكر الله سبحانه وتعالى قبل كل شئ لأنه يمنحني دائمًا نجاح أكبر مما أتمناه أو احلم به عقب صدور أي رواية.

 

وفي الواقع نحن في مجال النشر والرواية اليوم نعتبر الكاتب الذي صدرت له رواية منذ بداية هذا العام تعيس الحظ، لأن فرصة تداولها ونجاحها أصبح الآن أكثر صعوبة، على الرغم من أن الناس لديهم فرصة أكبر للقراءة.. لكن المكتبات والمعارض مما لا شك فيه كان لها دورًا كبيرًا في الترويج للإصدارات الجديدة، وهو ما لم يعد موجودًا اليوم.

 

أما عن نجاح روايتي "للقلب مرسى أخير"، فهذا ما كنت انتظره بشغف من أول يوم، وبعد أسابيع من صدورها في مطلع العام، بدأت ألمس هذا النجاح عبر جروبات القراءة وعلى مواقع التواصل الاجتماعي ومن خلال صفحتي على الفيسبوك، الحمد لله القراء احتفوا بها، وسكنتهم القصة بكل تفاصيلها وأشادوا بها كثيرا مما اعتبره أنا شهادة نجاح للرواية وتكليلا لمجهود بذلته في كتابتها.



•نود أن نذكر القراء بقصة وهدف رواية "للقلب مرسى أخير"؟

"للقلب مرسى أخير" ببساطة هي حكاية كل البشر، في كل مكان، ندخل في معارك طوال الوقت، نخسر بعضها ونكسب بعضها، وربما نصل إلى قمة النجاح المالي أو الاجتماعي، ونعيش طاول الوقت لنرضي هذا وذاك ونكون سببًا في سعادة الآخرين.

 

ثم نصل إلى مرحلة ما أو توقظنا صدمة ما تجعلنا نقف وننظر خلفنا ونتساءل: ماذا فعلنا لأنفسنا؟ ماذا كسبنا وماذا خسرنا؟ وهل نحن سعداء بما وصلنا إليه؟.. تلك هي المعركة الأخيرة في حياة كل إنسان، معركة يبحث فيها كل إنسان عن مرسى أخير لقلبه.. حيث يتحقق له السعادة بغض النظر عن رأي المحيطين به، وبعيدًا عن المكاسب المادية.

 

•الرواية تحتوي على 5 أبطال من دول مختلفة، كيف استطعتي الحصول على معلومات ووصف دقيق لجميع الدول على الرغم من عدم زيارتك لها؟

أسأل نفسي دائما وعلى الرغم من أنني من عشاق السفر وزرت دول كثيرة أستطيع الكتابة عنها دون عناء، لماذا أكتب عن أماكن لم أزرها؟، وأجد الإجابة في أنه التحدي الحقيقي، وفرصة لأستمتع بزيارة ما لم تراه عيني في رحلة اصطحب فيها قرائيّ لنكتشف الأماكن معًا.

 

على سبيل المثال زرت لبنان ولم أزور سوريا ومع ذلك كانت فرصتي في جمع المعلومات لكليهما متساوية، أنا أستمتع بقراءة روايات بأقلام عربية وأجنبية، واستمتع بجمع المعلومات عن طريق تلك الروايات ومن خلال مكتبة كبيرة عندي في المنزل هي أنيسي المفضل، جمع المعلومات من خلال الكتب أفضل من الإنترنت حيث المعلومات المغلوطة أحيانا، فقط تكتمل سعادتي حين يرسل لي قارئ يعيش في مكان كتبت عنه وهو متأكد من أنني زرته على رغم من تأكيدي له على عدم الزيارة، وهو ما حدث مثلا في رواية "سألقاك هناك"، حيث لم يصدق القراء وخصوصا من زاروا أصفهان أنني لم أزورها في حياتي.. شعور بحق يسعدني ويؤكد على اقتناع القارئ بما أكتب وهو جزء كبير من نجاح أي رواية.


•من هو الشخص الدافع وراء نجاح الدكتورة رشا سمير في مجال الأدب؟

قلتها وسأقولها ألف مرة، والدتي طبعا، والدتي هي التي شجعتني واحتوت أول كتاباتي وأنا في سن الرابعة عشر، ولازالت حتى اليوم تحتضن كتاباتي وتوجهني وتنتقدني، ليس فقط بصفة الأم ولكن بصفة القارئة المثقفة التي تلتهم الأعمال العربية والمترجمة بشكل لن تصدقه، هي أول من يقرأ الرواية وهي مسودة، وأول شخص يعلق على مقالي صباح كل خميس فور صدور الجريدة.. أدين لها بكل الفضل والتقدير بلا جدال.

 

•ردك على أن عناوين أعمالك الأدبية تنحاز إلى النساء؟

لا اعتبر الانحياز إلى المرأة تُهمة ولا أعتبرها كما يعتبرها البعض درجة أقل في سُلم الإبداع، ولكن ردي ببساطة أن محتوى رواياتي والخط الأدبي الذي اتخذته لا يدور في فلك المرأة فحسب على الرغم من انحيازي الأكيد لقضايا المرأة.

 

وأؤكد على أن انحيازي دائما للبشر، بغض النظر عن الجنس واللون والهوية.. فأنا حين أكتب أفكر في الفكرة المختلفة وعدم التكرار، فالكاتب الذي يحبس نفسه في إطار واحد يموت مع الوقت.

 

وكان لي تجارب عدة مع كل أشكال الإبداع القصصي، بدءا بالقصة القصيرة في "حب خلف المشربية، ومعبد الحب، وحواديت عرافة"، ثم القضايا الاجتماعية حين توجهت لكتابة الرواية في "بنات في حكايات"، والتسلل بعدها بين أروقة التاريخ للبحث في أغوار أزمنة ماضية وإسقاطها على واقع يتكرر مثلما حدث في "جواري العشق" و"سألقاك هناك"، ومرورا بتجربة الكتابة الساخرة في "يعني إيه راجل؟" وأخيرا أدب الترحال والغُربة في "للقلب مرسى أخير" وهو بالمناسبة عنوان مس كل من قرأه وخصوصًا من عاشوا تجربة الغربة ودفعوا ثمنها.


•لغلاف الرواية دورًا في النجاح الذي حققته، ما كواليس تحضيره؟

الواقع يقول أن غلاف وعنوان أي رواية لهما دور هام في توزيعها، والغلاف بالتحديد عنصر جاذب للشراء، فالقارئ يجذبه الغلاف والعنوان وبالطبع اسم الروائي لو كان له سابقة أعمال تجعل القارئ متلهفًا لصدور عمل جديد له واقتنائه دون تفكير.

 

والحمد لله أنا اعتبر نفسي وبنسبة كبيرة محظوظة في أغلفتي وعناويني، لكن الحقيقة هذه الرواية كما سمعت من القراء تفوقت على سابقيها، لقد قمت بالإشتراك مع دار النشر في عمل أكثر من تجربة لعمل الغلاف في البداية، ولكن في الحقيقة كنت في كل مرة أرى أن هناك شئ أفضل من الممكن أن نصل إليه ويكون أقرب إلى مضمون الرواية، حتى أسندنا الغلاف إلى المصممة الشابة فرح هشام وهي ابنتي الكُبرى وتعمل في مجال تصميم الجرافيك، أعطيتها فكرة مختصرة عن الرواية وفور أن انتهت من التصميم ورأيناه، نال إعجابي وإعجاب دار النشر على الفور، وقد أسعدني جدًا وقعه على القراء الذين أشادوا به منذ لحظة وضعه على موقع الدار، وكل من حضر حفل التوقيع هنأها عليه، الحقيقة فرحتي به كانت فرحتين نجاح الغلاف ونجاحها.

 

•هل هناك أعمال تقومين بالتحضير لها، بالأخص عند وفره الوقت بسبب ظروف الوباء؟

الحظر بالفعل كان فرصة جيدة للقراءة ولكن الكتابة تحتاج إلى مزاج أكثر اعتدالا.. أنا في الأشهر الماضية ما بين كتابتي لمقالي الأسبوعي والنقد الأدبي في الجريدة، وبالفعل قررت مؤخرًا أن أبدأ في التحضير لرواية جديدة، أحاول هذه المرة أن أختصر الوقت لأن غيابي عن القُراء ثلاث سنوات هو مجال لعتاب دائم بيني وبينهم.. ولكن في النهاية حتى لو طال الوقت فما يهمني في النهاية هو تقديم عمل يليق بإسمي وبثقة قرائيِ، وهي الثقة التي صنعت نجاحي و أشكرهم عليها في كل وقت.