حكاية مستشفى عمرها 750 عامًا.. شاهد الحلقة الأولى من "اعرف أصلك" على بوابة الفجر

أخبار مصر

أولى حلقات برنامج
أولى حلقات برنامج "اعرف أصلك"


أطلقت بوابة الفجر، اليوم الخميس، أولى حلقات برنامج "اعرف أصلك"، إعداد وتقديم الزميل والباحث حسام زيدان، محرر ملف السياحة والآثار بالموقع الإلكتروني، ماجستير آثار بجامعة القاهرة. 

ويقوم بدور العروسة المحاورة، الأخصائية الاجتماعية فاطمة حازم، بينما تتولى ترجمة الإشارة، دهب فخر الدين، مونتاج وإخراج عامر عفيفي، ويُعرض البرنامج أسبوعيًا على قناة الفجر عبر يوتيوب. 

تدور فكرة البرنامج حول الآثار المصرية من مختلف العصور، سواء قديم أو وسط أو حديث، وجاءت الحلقة الأولى عن مستشفى السلطان المنصور قلاوون الألفي الصالحي، الواقعة في شارع المعز لدين الله الفاطمي، ضمن مجموعته المعمارية. 

والمبنى الذي أسسه السلطان قلاوون، ليس فقط مستشفى، إنما مجمع معماري ضخم كما هي عادة العصر المملوكي، لكن اشتُهر بوجود المستشفى فيه، فأطلق عليه البيمارستان القلاووني، أو المارستان القلاووني. 

و"بيمارستان" هي كلمة تركية من مقطعين، الأول بيمار وتعني مريض والثانية ستان وتعني مكان، فتكون الكلمة مجتمعة مكان المريض. 

مجموعة معمارية تاريخية
المجموعة المعمارية - التي يأتي ضمنها المستشفى - تضم مدرسة، وتستخدم كمسجد وقت الصلوات، وقبة ضريحية ضخمة، وسبيل، والبيمارستان هو السبب الرئيسي في إنشاء هذه المجموعة، حيث كان المنصور قلاوون وهو أميرًا قبل أن يتولى السلطنة، في جيش الظاهر بيبرس البندقداري، بالشام، يحارب الروم، أصابه قولونج، فتم استقدام علاج له من البيمارستان النوري في الشام. 

فبعد أن تماثل قلاوون للشفاء، ركب وزار المستشفى النوري، وهو منسوب للسلطان نور الدين محمود، وبعد ما رآه من ما في البيمارستان النوري، نذر إن آتاه الله الملك أن يبنى مارستانًا لعلاج الناس. 

بدأ بناء هذا المجمع الضخم عام 682 هـ وانتهى أوائل 684 هـ حيث استغرقت فترة البناء 14 شهرًا جند فيها شاد البناء، أي المسؤول عن المباني السلطانية علم الدين سنجر الشجاعي كل الموارد الممكنة للانتهاء منه في أسرع وقت. 

علاج وإقامة مجانية
البيمارستان، كان مستشفى عام بكل ما تعنية الكلمة، يعمل 24 ساعة، به قسمين كبيرين رجال ونساء، وبه قسم صيدلة، ثم أقسام باطنة وعيون وجراحة، كما كان به قسم لعلاج الأمراض النفسية والعصبية، وهو ما ارتبط في ذهن العامة وجاء منها كلمة مورستان. 

وكان العلاج والإقامة والطعام بالمجان في بيمارستان السلطان قلاوون، ويستوقفنا هنا أمرين الأول أن في قسم النفسية والعصبية استخدم الأطباء الموسيقى لعلاج المرضى وهو ما يعتبر سبقًا في عالم العلاج النفسي والعصبي، الثاني هو روايات الرحالة التي زارت مصر ورأت هذا البيمارستان. 

ومن هؤلاء الرحالة، البلوي المغربي، الذي قال إن مارستان السلطان قلاوون كان الداخلين فيه والخارجين منه والناقهين يبلغون 4000 نفس يزيدون أو ينقصون. 

ومن هؤلاء أيضًا أوليا جلبي، وهو رحالة تركي، أصيب بمرض استمر معه 27 عامًا عقم بسببه، وأتم الله شفاؤه بعد أن تلقى ترياق لا يتم تصنيعه سوى في مصر وبواسطة صيادلة المارستان القلاووني، حيث يستخرجوه من سم فصيلة معينة من الثعابين، ويسمى الترياق الفاروقي. 

وفي مصر عرفنا نظام المستشفيات العامة بخدماتها المتعددة، حتى خدمة الكشف بالمنازل، حيث كان أطباء مستشفى السلطان قلاوون يتم استعاؤهم لعيادة المرضى في المنازل والذي بلغ عددهم أحيانًا 200 مريض، وكانت كل تلك الخدمات بالمجان، حيث أوقف السلطان قلاوون الأوقاف على مستشفاه، وبلغ الصرف حسب بعض أقوال المؤرخين الف ألف درهم. 

ويظل المارستان القلاووني عاملًا حتى وقتنا هذا ويحمل لافتة تحمل تاريخ إنشاؤه القديم، 682 هـ، ولو أحببت رؤيته فما عليك سوى زيارة شارع المعز لتعيش وسط أجواء التاريخ وعبق الماضي.