في ذكرى وفاة إمام الدعاة.. محطات في حياة الشيخ الشعراوي

أخبار مصر

الشيخ محمد متولي
الشيخ محمد متولي الشعراوى


استيقظت مصر فى يوم السابع عشر من يونيه لعام 1998م، على فقدان الشيخ محمد متولي الشعراوى، أشهر مفسر للقرآن الكريم في العصر الحديث لتصبح ذكرى وفاته ألم لكل مصري، لم تفرق الديانة فى الحزن عليه فكما خرج المسملين، وخرج كل أساقفة الدقهلية لتشييع جثمانه، كما نعت الطائفة الإنجيلية الفقيد للعالمين العربى والإسلامى، واصفة إياه بأنه كان رمزًا أصيلًا من رموز الوحدة الوطنية، وتعرض بوابة الفجر فى سطور وجيزة رحلة حياة الشعراوي. 

نشأة الشيخ الشعراوي
محمد متولي الشعراوي، ولد الشعراوي في الخامس من ابريل لعام ١٩١١م بقرية دقادوس مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية، وقد اتم حفظ القرآن الكريم في الحادية عشرة من عمره، التحق فى ١٩٢٦ بمعهد الزقازيق الابتدائى الأزهرى، وحصل على الابتدائية سنة ١٩٢٣، ثم التحق بالمعهد الثانوى.

أراد الشعراوي أن يبقى فى منزله، بين أخوته، ينعم بحياة روتينية، يستيقظ صباحًا ويزرع الأرض مع اخواته، إلا أن والده أراد إلحاقه بالأزهر الشريف بالقاهرة، وأصر الوالد على ذلك، واصطحبه إلى القاهرة، ودفع المصروفات وتجهيز السكن.

لم يترك والد الشيخ الشعراوي مجالًا، لأن يتراجع ابنه عن العلم، إلا أن الشيخ بدأ يبحث بشتى الوسائل عن طريق للعودة إلى المنزل، لإاخذ يثقل كاهل أبيه، متحججًا بأنه يريد مجموعة ضخمة من الكتب كان أكثرها من خارج المقرر، وفهم أبوه ما يفعله الأبن، فأجاب طلبه قائلًا له " أنا أعلم يا بني أن جميع هذه الكتب ليست مقررة عليك، ولكني آثرت شراءها لتزويدك بها كي تنهل من العلم."، والتحق بعد ذلك بكلية اللغة العربية سنة ١٩٣٧، وتخرج فيها عام ١٩٤٠، وحصل على العالمية مع إجازة التدريس عام ١٩٤٣م.

لم تكن الدراسة فقد هى التى وجهها إليها أبوه، فقد تزوج الشعراوي مبكرًا حيث كان طالبا في الثانوية، لرغبة أبوه فى ذلك، وأنجب ثلاثة أولاد وبنتين، الأولاد: سامي وعبد الرحيم وأحمد، والبنتان فاطمة وصالحة.

وكان لطالب محمد الشعراوي مكانة وشعبية بين أبناء جيله، فاختاروه رئيسًا لاتحاد الطلبة، وكان أدبه ولغته قويتيين مما أهله ليكون رئيسًا لجمعية الأدباء بالزقازيق، عرف الشعراوي بوطنيته، فاشترك في الحركة الوطنية ومقاومة الإنجليز، وكتب فى مذكراته: «أرادت الجامعة إقامة حفل تأبين لشهداء مظاهرة كوبري عباس ولكن الحكومة رفضت، فاتفق إبراهيم نورالدين، رئيس لجنة الوفد بالزقازيق، مع محمود ثابت، رئيس الجامعة المصرية، على أن يقام حفل التأبين في أي مدينة بالأقاليم، ومن قبيل التحايل على السلطة ادعى عضو لجنة الوفد بالزقازيق حمدى المرغاوي أن جدته توفيت وأقام سرادقا للعزاء وتجمع فيه المئات»، وتقدم الشيخ بصفته رئيس اتحاد الطلاب بإلقاء قصيدة يقول مطلعها: «نــداء يا بنى وطنى نــداء\ دم الشهداء يذكره الشبــاب\ وهل نسلو الضحايا، والضحايا بهم قد عز في مصر المصاب».

تنقل الشعراوي فى عمله بين محافظات عدة، فبدأ تعينه في المعهد الدينى بطنطا ثم في المعهد الدينى بالزقازيق، ثم المعهد الدينى بالإسكندرية، ليسافر خارج البلاد ويبدأ عمله فى السعودية في ١٩٥٠ كأستاذًا للشريعة بجامعة أم القرى، ليعود من هناك على منصب جديد، فقد عين مديرًا لمكتب شيخ الأزهر الشيخ حسن مأمون، ثم سافر بعد ذلك كرئيسا لبعثة الأزهر إلى الجزائر، وظل هناك لسبع سنوات قضاها في التدريس وعاد في عام النكسة عام ١٩٦٧ كمديرًا لأوقاف محافظة الغربية، ثم وكيلًا للأزهر.

عاد مرة آخرى إلى التدريس فى جامعة بالسعودية، مدرسًا في جامعة الملك عبدالعزيز، وفى نوفمبر ١٩٧٦ اختاره ممدوح سالم، رئيس الوزراء، وزيرا للأوقاف وشؤون الأزهر، وظل في الوزارة حتى أكتوبر عام ١٩٧٨، وفى سنة ١٩٨٧ اختير عضوًا بمجمع اللغة العربية «مجمع الخالدين».

كما تميز الشيخ وحصل على العديد من الأوسمة، منها وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى في 15 أبريل 1976م، ومنح وسام الجمهورية من الطبقة الأولى عام 1983 وعام 1988، وكان لعلمه باع فى كافة العالم الاسلامي، فأختارته رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة عضوًا بالهيئة التأسيسية لمؤتمر الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية.

كما أن الشعراوي لم يبخل بعلمه، فحفظ أثره فى قرابة الـ 70 مؤلفًا، تناول فيها مجالات عديدة، ولكن أبرزها خواطر الشعراوي والتي تعد تفسيرا كاملا للقران.

مات الشيخ فى ١٧ يونيو ١٩٩٨ وخرجت عليه جموع الشعب المصري، لتشيع جثمانه إلى مثواه الآخير، ليبقى أثره فى الوحدة الوطنية بين طائفتيى الشعب، ليترحموه عليه ذاكرين أنه قد كتب شعرًا في مطران كنيسة المنصورة، حين زار قريتهم، والتى جاءت تلك الزيارة فى أيام عيد الأضحى فقال الشعراوى: «اليوم حل بأرضنا عيدان..عيد لنا وزيارة المطران».