كيف سيطر الفاطميون على مصر.. سر مقولة "ذهب المعز"

أخبار مصر

بوابة الفجر


دخول الفاطميون إلى مصر والذي كان بمثابة توسعًا فكريًا لدولتهم ومذهبهم، قبل أن يكون توسعًا جغرافيًا، وكانت أحد وسائل السيطرة التي اتبعها الفاطميون لدخول مصر هي السيطرة الاقتصادية، وفي هذا لإطار يحدثنا الدكتور محمد حمدي خبير علم المسكوكات عن تلك الظروف وما أدت إليه.


قال حمدي في تصريحات إلى الفجر، إن العصر الفاطمي هو العصر الذهبي للنقد الإسلامي في مصر، حيث كان الدينار الفاطمي عملة دولية استحق أن يُطلق عليه دولار العصور الوسطي لما تميز به من دقة الوزن وجودة العيار.

وقام الفاطميون بسك دينار (وهو العملة الذهبية) باسم مصر قبل فتحها، وكانت تلك الدنانير التي تحمل شعارات الدولة الفاطمية بمثابة الوسيلة الدعائية لهم، حيث أن الدينار يستعمل في الحياة اليومية وعليه شعارات الدولة واسم الخليفة الفاطمي، وظل متداولًا في مصر لجودته ودقة وزنه قبل دخول الفاطميين بفترة كبيرة، وهو ما جعل دخولهم بعد ذلك أمرًا يسيرًا.

وتابع حمدي، استطاع الفاطميون استقطاب الأنصار حول دولتهم بواسطة ذهبهم، ومن تلك الدنانير واحدًا صنع باسم دار ضرب مصر سنة 341 هجري 956 ميلادي، وحمل على أحد وجهيه عبارة "علي أفضل الوصيين ووزير خير المرسلين".

وأشار، سجلت النقود الفاطمية في مصر تحول مذهب الدولة إلي المذهب الشيعي الإسماعيلي، حيث كتب الفاطميون مجموعة عبارات على نقودهم تعبر عن مذهبهم مثل "علي ولي الله، علي أفضل الوصيين ووزير خير المرسلين" وغيرها.

وأضاف حمدي، كذلك سجلوا بعض الآيات التي تدعم مذهبهم مثل الآية 54 من سورة النساء "أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ۖ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا" التي ظهرت علي نقود الحاكم بأمر الله الفاطمي.

وتابع، كما سجلت النقود الفاطمية تحول مذهب الدولة من المذهب الشيعي الإسماعيلي إلي المذهب الشيعي الإثنا عشري، وذلك عندما قام الوزير أبو علي الأفضل بالدعوة للإمام أبي القاسم المنتظر لأمر الله علي دنانير الإسكندرية والقاهرة المعزية سنة 525 ميلادي.

وشهد عهد المعز لدين الله -والكلام للدكتور محمد حمدي خبير المسكوكات- ابتكار تصميم جديد للنقود الفاطمية، عبارة عن تصميم من الدوائر متحدة المركز وهو تصميم ارتبط بالمذهب الإسماعيلي، ويرمز إلي انتقال الوصاية بالإمامة من إمام لآخر، حيث أطلق علي هذا الدينار الجديد الدينار المعزي.

وأضاف، شهدت الدنانير الفاطمية ظهور تصميم جديد عرف بالدينار المنقوط في عهد الغزيز بالله وشهد عهد الحاكم بأمر الله ظهور تصميمات جديدة من حيث الشكل والكتابات، وتسجيل اسم ولي عهده ابن عمه عبد الرحيم، وفي عهد المستنصر بالله أعاد استخدام طراز الدينار المعزي وأضاف بعض العبارات التي تدل علي جودة المعيار مثل عبارة "عال وغاية"، وفي عهد المستعلي بالله استخدم الخط النسخ في تنفيذ كتابات الدنانير قبل أن يُستخدم علي الدنانير المصرية في عهد الملك الكامل محمد الأيوبي.
وتابع حمدي ابتدعت الدولة الفاطمية في مصر نقودًا تذكارية من معادن وأحجام مختلفة بقصد الإنعام على الشعب بالمواسم والأعياد، منها نقود تذكارية من الذهب صغيرة الحجم خفيفة الوزن تسمي خرايب جمع خروبة، كما كانت تُضرب نقودا تذكارية أول كل عام تسمي "الغُرة".

وأشار، حرص الأئمة الفاطميون علي جودة عيار النقود الذهبية، حيث قام الأمر بأحكام الله سنة 514 هجري1120 ميلادي بإصدار أوامره بتخليص الدنانير من الغش، وعرفت مصر بجانب الدنانير الذهبية الدراهم الفضية التي بدأ ظهورها في عهد الحاكم بأمر الله، وازداد الاعتماد عليها في عهد الظاهر لإعزاز دين الله، وهو ما دفع المؤرخين إلي القول أن الدراهم أصبحت هي نقد مصر "الفسطاط" والقاهرة والإسكندرية، حيث أطلق عليها في الإسكندرية اسم الورق.

وأضاف حمدي، كانت عودة دار سك الإسكندرية للعمل من أهم مظاهر تاريخ النقود في العصر الفاطمي، حيث بدأت في عهد المستنصر بالله واستمرت في العمل حتي نهاية عصر الفاطميين وخلال العصور التالية عليه.

وختم حمدي كلمات قائلًا وسك الفاطميون نقودهم في كثير من دور السك (ودار السك أي مصنع العملات المعدنية) في مصر مثل دار سك القاهرة التي عرفت باسم المعزية القاهرة، التي أمر بإنشائها الوزير المأمون البطائحي في شوال سنة 516 هجري1122 ميلادي، ودار سك قوص بالصعيد التي أمر بإنشائها الوزير المأمون البطائحي في نفس السنة 516 هجري، وكانت مسئولة عن إعادة سك كل ما يصل من اليمن والحجاز من دنانير ذهبية.