حسام زيدان يكتب: جهود علماء العرب في فك رموز الكتابة المصرية القديمة

ركن القراء

بوابة الفجر


اعتدنا ونحن نتكلم عن الجهود التي بذلها العلماء لفك رموز الكتابة المصرية القديمة أن نشير إلى مجهودات توماس يونج وأكربلاد وشامبليون

ورغم أن هؤلاء الباحثين وخصيصًا "جان فرانسوا شامبليون" توصلوا إلى فك رموز الكتابة المصرية القديمة عام 1822 إلا أن هناك من سبقهم بدراسات ناجحة للغاية سبقت زمنهم بما يقرب من 700 عام، وأثبت عدد من الباحثين المصريين من خلال دراساتهم لنيل درجتي الماجستير والدكتوراه أن العلماء المسلمين العرب بذلوا جهودًا مضنية، للتعرف على القيمة الصوتية والمعاني لبعض المفردات المصرية القديمة.

ومنهم الدكتور عكاشة الدالي الذي أثبت من خلال رسالته لنيل درجة الدكتوراه، هذه المجهودات، والتي أشارت إلى مدى اهتمام بعض العلماء المسلمين العرب بالكتابة المصرية القديمة من خلال مخطوطات كشفت عن طبيعة المحاولات التي قاموا بها، وهي المحاولات التي كشف عنها بعض المستشرقين الأوربيين، ومنهم النمساوي جوزيف برجسترال، عام 1806 بمدينة لندن، حيث نشر النص العربي مع ترجمة بالإنجليزية لكتاب ابن وحشية، "شوق المستهام في معرفة رموز الأقلام"، والذي يؤرخ للقرن التاسع الميلادي، وفي عام 1909م، ونشر بلوشيه مجموعة من المقالات حول مذهب العارفين بالله، والتي أشار فيها إلى نجاح بعض العلماء العرب في التعرف على بعض العلامات الهيروغليفية.

ومن الجدير بالذكر هنا أن علماء العرب المسلمين أبدوا اهتمامًا عظيمًا بالخط الهيروغليفي، وخاصة علماء الكيمياء منهم، الذين تصوروا في بادئ الأمر أن اللغة المصرية القديمة تحمل الكثير من أسرار الكيمياء، وخصوصًا تحويل المعادن العادية إلى نفيسة، وأبدى نفس الاهتمام علماء الصوفية اعتقادًا منهم في أن غموض العلامات المصرية القديمة يتطلب جهدًا للكشف عنه.

ابن الفاتك
والعلماء العرب كانوا على دراية بالصور المختلفة للعلامات المصرية القديمة، فالعلامة "ابن الفاتك" (ق 10 – 11م)، يشير إلى خطوط اللغة المصرية القديمة، وهي خط العامة (الديموطيقي)، وخط الكهنة (الهيراطيقي) وخط الملوك (الهيروغليفي)، أي أنه أدرك تصنيفات خطوط اللغة المصرية القديمة.

جابر بن حيان
ومن علماء العرب الذين حاولوا بجدية فك الهيروغليفية، عالم الكيمياء جابر بن حيان، (ق 7 – 8م)، الذي ضمن كتابيه كشف الرموز، والحاصل، محاولات لقراءة بعض رموز الكتابة الهيروغليفية.

أيوب بن مسلمة
كما أن العالم المصري أيوب بن مسلمة الذي صحب الخلفية العباس المأمون خلال زيارته لمصر، وورد أنه تمكن م من قراءة النقوش المصرية القديمة.

ذو النون المصري
ومن أبرز العلماء العرب "ذو النون المصري" قرن تاسع، الذي ولد في أخميم بسوهاج، وذكر أنه كان يجيد قراءة النصوص التي سجلت على جدران المعابد، ومن أهم ما ترك من مؤلفات كتابه "حل الرموز" وبرأ الأرقام في كشف أصول اللغات والأرقام" والذي تضمن دراسات للكثير من الخطوط القديمة من بينها الهيروغليفية مصحوبة بالقيمة الصوتية التي تصورها.

ابن وحشية النبطي
ومن أهم علماء العرب في هذا الميدان، "ابن وحشية النبطي" من أهل العراق قرن عاشر، وهو من المشتغلين بالكيمياء، وصاحب دراسة "شوق المستهام في معرفة الرموز والأقلام"، والتي تشر نصها العربي مع ترجمة إنجليزية المستشرق النمساوي "جوزيف همرفون"، والتي ظهرت في لندن عام 1806 أي قبل أن يعلن شامبليون عن اكتشاف الكتابة الهيروغليفية عام 1822م.
وأهم ما توصل إليه ابن وحشية، هو معرفته للقيمة الصوتية لعدد من العلامات الهيروغليفية، وتوصل إلى أن تلك العلامات التي ترد في نهاية الكلمات بمثابة مخصصات تساعد على تحديد معاني المفردات، وثبت صحة بعضها.

المقريزي
ومن العلماء الذين أبدو اهتمامًا كبيرًا بالخط الهيروغليفي، المؤرخ الشهير المقريزي، وقد أورد ترجمة لبعض النصوص المصرية القديمة، وتمكن من وصف الأثر الوارد عليه النص وصفًا علميًا دقيقًا لا يقل عن القواعد المتبعة حاليًا في نشر هذه النصوص كثيرًا.

وفتح هؤلاء العلماء للمستشرقين الباب من بعدهم لينهلوا من علمهم، من حيث انتهى العلماء العرب بدأوا، حتى تمكن شامبليون من وضع كلمة النهاية مستكملًا مجهودات من سبقوه.

حسام زيدان، باحث ماجستير آثار