"ياسر عرمان".. ذراع جرنج الأيمن والمهندس السياسي للعمل المسلح بالسودان

عربي ودولي

ياسر عرمان
ياسر عرمان



لا يمكن أن ترى السودان الجديد منفصلًا عن قادة العمل المسلح في البلاد، ويعتبر أبرزهم ياسر عرمان نائب رئيس الحركة الشعبية قطاع الشمال، فهو الرجل الذي تعتبره الحركة الشعبية قطاع الشمال من أيقوناتها، وهي الحركة التي تسيطر على منطقتي جبال النوبة والنيل الأزرق، كما أنه جزء من الجبهة الثورية والحرية التغيير، وهي الجهة المدنية المشاركة في حكم السودان، غير أن عرمان مهندس سياسي للعمل المسلح، ورسم العديد من الإتفاقات التي رسمت مستقبل السودان ومنها نيفاشا الذي مهد لإنفصال جنوب السودان.

ينتمي ياسر عرمان لنفس قبيلة الرئيس المخلوع عمر البشير، وهو الرئيس الذي حمل السلاح ضده، ويشغل منصب نائب الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان لقطاع الشمال، حيث أن عرمان ينتمي إلى قبيلة الجعليين العربية في شمال السودان ولد في مدينة طابت بولاية الجزيرة.

لم تغب القاهرة كثيرًا عن تكوين ياسر عرمان، فهو درس الحقوق في جامعة القاهرة فرع الخرطوم، وتخرج فيها عام 1986، وكانت الجامعة باب عرمان إلى السياسة فداخل أروقتها أصبح قياديا في التنظيم الطلابي للحزب الشيوعي، وكان بها اول إعتقال لعرمان بعد اتهامه بمقتل زميلين من الحركة الإسلامية ولاحقًا تمت تبرئته من التهم، ويتحدث عرمان عن مصر في الحوار الذي أجريته معه للفجر قائلًا إن علاقة الحركة الشعبية بها مثل الأكسجين.

انضم عرمان منذ وقت مبكر ما بين 1983 و1986 إلى صفوف الحركة الشعبية لتحرير السودان، وحاز عرمان على ثقة الزعيم السابق جون قرنق في وقت مبكر من انضمامه إلى الحركة الشعبية، فجعله بالقسم العربي بالإذاعة التي أطلقتها الحركة ثم ممثلًا للحركة في إرتريا، ليتحول بعد ذلك للمتحدث باسم الحركة.

ويعد من أبرز المهندسين السياسيين للحركة الشعبية، حيث لعب دور هام في صياغة وتوقيع اتفاقية نيفاشا للسلام الشامل التي أنهت الحرب بين شمال السودان وجنوبه عام 2005، وأصبح رئيس لكتلة الحركة في البرلمان السوداني، بل لم يكتفي بهذا بل إتخذ خطوة الترشح لرئاسة الجمهورية أمام ابن قبيلته البشير، وكان مرشحا من قبل الحركة الشعبية للانتخابات الرئاسية التي جرت في السودان في أبريل 2010، إلا أنه انسحب من السباق الرئاسي.

أعتقل عرمان مرة أخرى في ديسمبر 2009 برفقة عدد من قادة الحركة لبعض الوقت إثر محاولتهم تسيير مظاهرة في الخرطوم احتجاجا على تأخير إجازة قوانين في البرلمان السوداني، وكانت الأيام الأخيرة له في السودان أثناء حكم البشير، واستقر بعدها في فرنسا.

*بعد الإنفصال
لم يتوقف النشاط السياسي لياسر عرمان بعد إنفصال الجنوب فعمل هو ورفيقه مالك عقار عام 2011، على إعادة تشكيل الآلاف من مقاتلي الحركة الشعبية المتحدرين من الولايات الشمالية حركة الشعبية لتحرير السودان – الشمال، والتي نجحت في السيطرة على منطقة جبال النوبة في ولاية جنوب كردفان، وولاية النيل الأزرق، وأصبح نائبًا لرئيس الحركة وعبد العزيز الحلو قائد ميداني لها.

شكل مع الحركات الدارفورية كيان عسكري جديد إنضوت تحته معظم الحركات المسلحة السودانية وهو الجبهة الثورية، واستطاع الكيان الجديد أن يرسم خطوط سياسية واضحة للحركات المسلحة تتمثل في إسقاط نظام البشير وحل قضايا الهامش السوداني وإنهاء القضايا المتعلقة بالحرب كالنازحين واللاجئين ومحاكمة مجرمي الحرب، وعلى الجانب العسكري حققت العديد من الإنتصارات أبرزها تحرير أبقرشولا.

قام عرمان بخوض المفاوضات مع عمر البشير ونظامه في إثيوبيا سواء بإعتباره ممثلًا عن الحركة الشعبية فيما يخص المنطقتين، أو عن الجبهة الثورية عامة، ةالتي كانت برعاية الإتحاد الإفريقي، ولكن فشلت المفاوضات لتعنت النظام السوداني آنذاك.

*إنقسام الحركة
تعرضت الحركة في نهاية عصر البشير للإنقسام لجناحين الأول بقيادة عبد العزيز الحلو، والذي نجح في السيطرة على معظم مناطق الحركة في جبال النوبة والنيل الأزرق، بينما سيطر جناح مالك عقار على مناطق النيل الأزرق لا سيما الخاضعة لقبيلة الأنفسنا.

لا يزال ياسر عرمان لاعب محوري بعد سقوط نظام البشير، فتعتبر حركته جزء أساسي من قوى نداء السودان التي يرأسها رئيس حزب الأمة الإمام الصادق المهدي ومن قوى الحرية التغيير التي تمثل الجزء المدني في مجلس السيادة السوداني.

*"عرمان" بين الإعلام والسياسة
يعتبر عرمان إعلامي ومتحدث من الطراز الأول -بحكم لقائين جمعته مع المحرر-، يجيد الإجابة على تساؤلات الصحفيين، ويتخرى إختيار أدق التفاصيل للحوار الصحفي، لا يخشى من الأسئلة الصعبة أو الحساسة، ورغم هذا الحضور، فإنه يتميز بالبساطة قد لا تميزه في مسيره بالشارع بينه وبين أي من السودانيين العاديين إلا إذا أمعنت النظر إليه، وتنسحب تلك البساطة في كل شيئ سواء في لقاؤه أو في عباراته رغم ما تحمله من دلالات سياسية وأيدلوجية عميقة.

يجيد عرمان العمل السياسي ويعتبر خطه هو استكمال للمبادئ التي أرساها جون قرنق، وهو رجل وحدوي يعتبر التغيير هو لسودان جديد، وليس لإنفصال مزيد من الأقاليم من السودان، وهو الفارق الجوهري في العمل السياسي بينه وبين القائد الميداني عبد العزيز الحلو، الذي يطالب بحق تقرير المصير للمنطقتين جبال النوبة والنيل ألأزرق.

*حياته الخاصة
تعتبر حياة عرمان الخاصة مزيج لا يختلف عن تقاطعات السودان وأعراقه، فزوجته ابنة السلطان دينق مجوك من السلاطين المحليين في جنوب السودان ولهما ابنتان.