هل عرف المصري القديم ظاهرة التسول؟ .. كبير أثريين يجيب

أخبار مصر

ارشيفية
ارشيفية


رغم أن شهر رمضان هو شهر الخير والبركات بما فيه من صيام وصلاة وزكاة وإحسان وبر ورحمة ولكن الجانب الأبرز به هو انتشار ظاهرة التسول في الشوارع والمواصلات وحتى وصلوا للبيوت فهل حدث ومارس أجدادنا المصريين القدماء هذا الفعل؟

قال كبير أثريين مجدي شاكر، على الرغم من قيام الفنان المصري، بنقش عشرات الألوف من تفاصيل حياته اليومية من صيد وزراعة وحصاد وحفلات ورقص وتقديم قرابين وحتى بعض لمناظر للسرقة حيث نجد منظر لقرد يمسك قدم لص حاول سرقة فاكهة في أحد الأسواق وحتى صور بعض المناظر الجنسية فلم يكن المجتمع القديم ملائكي. 

وتابع، صور الفنان الحياة بكل ما فيها من إيجابيات وسلبيات فكانت عين الفنان كالكاميرا تلتقط كل شئ حتى الإعاقة لدى بعض الأشخاص، ففي مقبرة الوزير رخمي رع غربي الأقصر سجل كل الأنشطة والصناعات من زراعة وصناعة تماثيل وأثاث وغيرها. 

إلا أن هذه النقوش على غزارتها خلت تماما من ظاهرة "التسـول" المتفشية في مجتمعاتنا المعاصرة، وسجل قدماء المصريين كل تفاصيل حياتهم اليومية على جدران المقابر، فلا يوجد مشهد واحد لمتسول يمد يده ويسأل الناس أن يتصدقوا عليه بلقمة عيش. 

وأضاف شاكر لم تعرف الحضارة المصرية القديمة "التسول" كما لم تعرف شخصية رجل البر والإحسان الذى يتصـدق على المتسولين ولكنها عرفت شخصية "العبقـري" الذى يوظف طاقـات البشر ويخلق فرص العمل لكل الناس لكي يكسب الكل طعامه بعرقه ومن عمل يده. 

وتابع، كان دور الوزير والحاكم الإقليمي خلق فرص العمل وفي المقابل يحصل كل إنسان على طعامه ويكسب قوت يومه بكرامة وقدمت الحضارة المصرية المثل الأعلى للإنسانية في التنظيم والإدارة الحكيمة للدولة، وعلمتنا أن بناء الحضارة لا يكون بحــــث الناس على التصدق على المتسولين، لأن الصدقة والإحسان فقط لا تصلح كأساس تقوم عليه الحضارات ولا تعني شيئًا في منظومة القيم الإنسانية. 

وأشار إلى أن القيم الحقيقيــة التي ميزت الحضارة المصرية القديمة هي حسن التنظيم والإدارة، فكل يد لمتسول تمتد لتستجدي الناس لقمة عيش إنما هي صفعه على وجه الإنسانية، ومع وجود هذه الظاهرة لا يحق لنا أن ندعي وجود تقـدم حضاري وهو ما لم يعرفه المصري القديم.

وأضاف شاكر كان العمل هو الهدف الأسمى للإنسان في مصر القديمة كل ذلك كان يتم حسب خطط مدروسة يضعها منظم الطاقات البشرية، وتقوم هذه الخطط على معرفة عميقة بثروات مصر وعلى رأسها "المواهب البشرية"، والثروة الحجرية والمعدنية والحيوانية وطبيعة الأرض ومصادر المياه وإيقاع الفيضان. 

وختم شاكر كان العمل عندهم قيمة في حد ذاته يمجدها الحكام أنفسهم وتحث عليها التعاليم والحكم وكان أثناء المحاكمة في الآخرة يقول "لقد أحسنت عملي في بلدي"، ولم يعرف المصري القديم الملل ولم يركن إلى الراحة وأسس للعمل الجماعي، حيث شيد حضارة من الآثار المادية عجز الزمن عن محو آثارها لأنه قدس عمله فعاش في أمان سياسي واقتصادي وليس أمامنا إلا أن نحني رؤوسنا إجلالًا أمام حضارة قدست العمل ولم تعرف التسول.