د. رشا سمير تكتب: النائب والنائبة

مقالات الرأي




كلمة النائبة فى المُعجم هى: «المصيبة الشديدة، أو ما ينزل بالناس من الكوارث والحوادث المؤلمة»..أما مصطلح النائب فتعريفه فى المُعجم كالتالى: «مُمَثِّل جَمَاعَةٍ مِنَ الأُمَّةِ يَنتخِبُهُ الشَّعْبُ لِيَنُوبَ عَنْهُ وَلِيُدافِعَ عَنْ حُقُوقِهِ وَيَصُونَهَا، كَمَا يَعْمَلُ عَلَى سنّ القوَانِين فِى مَجلِس النُّوابِ، أَوْ مَجْلِس الأُمَّةِ».

هذا بالتحديد هو الفارق اللغوى بين كلمتين ربما تقاربا فى النُطق وتباعدا فى المعنى..ولكن هل يتسبب النائب فى حدوث نائبة؟!..

ما حدث فى مستشفى شربين بالدقهلية من النائب البرلمانى إلهامى عجينة، هو دون شك نائبة جديدة حلت بالأطباء، وتطاول يجب وضع حد له.

هذه الواقعة لم تكن الأولى من نوعها وكما سبق وكتبت من قبل فهى لن تصبح الأخيرة مالم تتدخل الدولة بشكل حاسم وقاطع...

الواقعة لها شقان..الشق الأول، هو تطاول نائب برلمانى بموجب حصانته على أحد أفراد الشعب الذى لا يمتلك حصانة مماثلة، وهو ما أصبح صورة متكررة، فقد حاول من قبل نائب برلمانى إخراج أشخاص مضبوطين على ذمة قضايا بقسم فرشوط شمال محافظة قنا مستخدما حصانته، كما قامت نائبة بصفع بائعة على وجهها واتهمتها بمحاولة تشويه المحافظة إلا أن تسجيلًا بالموبايل أظهر حقيقة الادعاء.. وغيرها من الصور الكثيرة التى تؤكد استغلال الحصانة بشكل يستدعى مراجعة منح حصانة مُطلقة لنواب البرلمان بعيدا عن القُبة.

أما الشق الثانى..فهو صورة إهانة الأطباء، وهى الصورة التى تكررت عشرات المرات، فهو ما حدث من قبل فى أغلب مستشفيات مصر، أهل المريض لا يجدون من يصبوا عليه جم غضبهم سوى الأطباء الموجودين بالمستشفى، وهو ما حدث من قبل فى مستشفى المطرية ومعهد ناصر وعشرات المستشفيات الأخرى..وسؤالى هنا: هل يستطيع مواطن أن يفلت من العقاب لو تعدى على ضابط أو قاض أثناء تأدية وظيفته؟!..

لماذا أصبح الأطباء «ملطشة» بهذه الطريقة؟ ففى الوقت الذى يوقرهم رئيس الجمهورية ويشيد بمجهودهم فى كل مناسبة، وفى الوقت الذى تُطلق عليهم وسائل الإعلام لقب «الجيش الأبيض»، فى هذا الوقت يقرر نائب برلمانى أن يُسلى صيامه بالمرور على مستشفى شربين بالدقهلية وكأنه مأمور قسم شربين العام!..

الحقيقة أن دخول النائب إلى المستشفى وكأنه مفتش عام المنطقة التعليمية فى مرور سريع على مدرسة، هو مشهد مستفز للغاية، واصطحابه لكاميرا توثق الزيارة هو ما يؤكد على أنه مُبيت النية للمشاكسة..

عزيزى النائب، أخطأت بكل أسف..أولا ليس من حقك المرور على المستشفى ولا محاسبة الأطباء لأنك لست نقيبهم، وثانيا ليس من حقك تصوير المرضى وأوراق المستشفى لأنه إفشاء صريح لأسرار مهنة لا تمت أنت لها بصلة..

ألم يكن الأجدى بسيادتك أن تتبرع بجزء من راتبك ومميزاتك لتطوير المستشفى التى وصفتها بأنها (مسخرة)؟ ألم يكن الأجدى بك أن تكون صوت هؤلاء الأطباء فى طلب إحاطة أو مشروع قانون أولا لتوفير احتياجات المستشفيات وثانيا لحماية الأطباء من تطاول كل من هب ودب؟.

ليس لدى أدنى شك فى أن المستشفى تُعانى من نقص فى الإمكانيات والأطباء وقد تكون بالفعل متهالكة ولكن على من نطلق الرصاص؟ على النائب أو مدير منوب الذى يعمل فى مكانه بنظرية (الشاطرة تغزل برجل حمار) أم على كل من رأى وسمع وغض بصره!.

نعم..أغلب المستشفيات تُجبر أهل المريض للخروج لشراء مستلزمات وأدوية من الخارج، إما هذا وإما أن يموت المريض!..فالمستشفيات فى حالة يُرثى لها..والمرضى لا خيار لهم!.

الكثير من المستشفيات بها مصائب، وكم من مرة تم تصوير كوارث وكم من مرة رأينا قططاً وصراصير داخل غرف الإنعاش..أو مرضى يفترشون الأرض، وكم وكم وكم!.

الحقيقة أن آخر من نستطيع أن نلوم فى هذه المنظومة المتهالكة هو الطبيب الذى يتخرج ليتقاضى ملاليم أمام ما يتقاضاه البرلمانيون..فهو ضحية تماما مثله مثل المريض، يريد أن يعيش وأن يعود إلى زوجته آخر الليل دون نوبطشيات ليلة، ويريد أن يتقاضى بدل عدوى محترم مثله مثل ما يتقاضاه أصحاب الوظائف الأخرى تحت بند (بدل مخاطر) بالآلافات دون أن يتعرضوا أصلا لمخاطر!..

العلاج فى مصر أصبح كارثة وصراع ميئوس مع الموت، حتى لو امتلكت المال، فالخاص حصل العام..

أتفهم محاولة إلهامى عجينة لعمل شو إعلامى فى تذكرة سريعة للناخبين بمجهوداته العظيمة قبل الانتخابات البرلمانية القادمة! والتى أتمنى من الناخبين أن يفكروا ألف مرة قبل أن يعطوا أصواتهم فيها لمن لا يستحق..

احترم موقف نقابة الأطباء بشدة..أنحنى احتراما لطبيب العظام النائب الشاب الذى رفض الإهانة ورد بمنتهى القوة والاحترام على النائب (والفارق هنا بين النائب وحضرة النائب كبير!)..كما أثمن موقف البرلمان المصرى من تحويل النائب إلى لجنة القيم فورا..

واسمحوا لى أن أعود بكم للوراء قليلا وأذكركم بأن النائب إلهامى عجينة، هو من طالب من قبل بعمل كشف عذرية على بنات الجامعة، كما طالب بتفعيل ختان الإناث لأن الرجال يعانون من الضعف الجنسى!..

ما الشروط التى بموجبها يتحتم إسقاط العضوية عن نائب؟..مجرد سؤال!..