د. رشا سمير تكتب: أزمة الدراما الرمضانية

مقالات الرأي



كانت وستبقى الكلمة هى سيد كل المواقف، فهى خلاصة أقلام المبدعين، ومنطوق أحكام القضاء، والمعنى النائم بين أحضان القصائد والأشعار..

الكلمة هى الأصل، فإما أنها تتسلل بهدوء تحت مسامك وتحتل مساحاتك الخالية وإما أنها تمر مرور الكرام فلا تحرك ساكنا ولا تورق بعطرها الزهور.

أزمة النص وركاكة الكلمة هى أزمة الدراما الرمضانية كل عام، ناهيك عن تفاهة المحتوى الدرامى فى بعض الأحيان.. فشهر رمضان أصبح هو ساحة السباق للأعمال الدرامية، التى يولد منها أبطال ويموت نجوم وتدور الدائرة كل عام دون توقف.

بعد مرور ثلث رمضان واتضاح الصورة فى أغلب الأعمال، أصبح التقييم لزاما..

أشعر بالاستفزاز من فكرة برنامج رامز جلال الذى لا يدل على شيء سوى أن رامز فنان يعرف جيدا كيف يقتنص الملايين حتى لو كتب على صدره يافطة (مجنون رسمي)!..فما يتقاضاه للضحك على ذقون المشاهدين يكفى لسداد ديون مصر، والأدهى أن ضيوفه أيضا حولتهم الدولارات إلى بهلوانات فى سيرك رامز جلال، خلاصة القول، الجنيه غلب الكارنيه!.

أشعر بالأسى المخلوط بالتعاطف تجاه برنامج فيفى عبده، الذى جعلها تفشل فيما كانت تجيده على السوشيال ميديا (هذا هو الجزء الخاص بالأسى) أما التعاطف فمصدره ضيوفها من النجوم الذين فقدوا قدرتهم حتى على تمثيل أنهم يمثلون! ونظراتهم الصريحة إلى الكاميرا المختبئة والتى يعرفون مكانها جيدا، نظرات فضحتهم ورخصت من أدائهم المفتعل، ولكن ماذا أقول، الدولار غلب الإبهار!.

أما ردا على سؤال، مين يكسب السقا؟ فكم كنت أتمنى لو التحق السقا بكلية الشرطة وحقق حلمه فى أن يصبح ضابط بعضلات حتى يكف عن استعراض عضلاته فى برامج تليفزيونية لا معنى لها، ولا تليق بنجوميته!.

الحقيقة لم أتابع كل المسلسلات، ولكنى أتساءل بأسى عقب كل حلقة أشاهدها، أين الدراما المصرية اليوم من المسلسلات العظيمة القديمة مثل (ليالى الحلمية) و(أرابيسك) و(بوابة الحلواني)؟.

أين فريق العمل الذى يضم كوكبة من النجوم والأسماء الكبيرة؟ لماذا أصبحت الأعمال كلها تفصيلا بالمقاس مضبوطة على نجم بعينه هو البطل الأوحد وكل من حوله سنيدة؟!.

مازالت طلة يسرا الجميلة وعفويتها فى الأداء هى عنوان كل رمضان، لكن وماذا عن مسلسل (خيانة عهد) كعمل درامى من المفترض أن يكون له قصة وأحداث وأبطال؟ فى ميزان التقييم، النتيجة صفر!..القصة مستهلكة والحوار ضعيف، ولولا وجود يسرا لانصرف عنه المشاهدون.. وإلى متى ستظل نفس الحكاية هى التى من نصيب يسرا كل عام؟ بدءا بحياة فى حياة الجوهرى ووصولا بملك فى ملك روحى..هى نفس الشخصية المثالية البريئة الهشة التى تحارب الشر، المخدوعة فى كل من حولها!..للأسف الورق لم ينصفها.

أما مسلسل (ب١٠٠ وش) فهو دون شك الحصان الرابح هذا العام، هو إطلالة خفيفة مثل نسمة الصيف تبعث السعادة فى نفوس المشاهدين كل يوم، فى أيام نحتاج فيها إلى بعض من الأمل والتفاؤل، والحقيقة بعيدا عن التحول الرائع لنيللى كريم من الأداء الدرامى المُبكى إلى كوميديا الموقف وهو ما يدل على كونها ممثلة موهوبة ومتميزة، وبعيدا عن خفة دم آسر ياسين وتمكنه فى الأداء، تبقى فكرة أن هناك مولدا حقيقيا لمجموعة من النجوم المبدعين الذين دون جدال هم السبب القوى وراء نجاح هذا المسلسل وأنا أعنى هنا مجموعة العصابة بالكامل دون استثناء لأحد، أداؤهم فى المسلسل هو شهادة ميلاد لنجوم واعدين، وتتألق كاملة أبو ذكرى فى قيادة أوركسترا هذا العمل بالكامل بشكل احترافى ومختلف.

ويأتى مسلسل (الاختيار) ليعيد إلى أذهاننا أحداثا كنا نسينها وصفحة طويناها ولكن التذكرة بها كانت واجبة، إنتاج ضخم وفخم، تحية واجبة لكل من شارك فى هذا العمل بدءا بأمير كرارة وأحمد العوضى وكل ضيوف شرف المسلسل، وتبقى التحية الحقيقية لأبطالنا البواسل من جنود القوات المسلحة على دمائهم الغالية التى بذلوها من أجل بقاء الأرض، وتحيا مصر.

(ليالينا 80) يأتى على رأس قائمة المسلسلات التى تحتوى على قصة جادة وبها أحداث، مسلسل ننتظر حلقاته بشغف، سيناريو جيد وتمثيل فوق الفاخر لنجومنا الكبار..خالد الصاوى، لا أجد ما أقوله له سوى عظمة على عظمة على عظمة يا نجم، متمكن سكن الشخصية وسكنته حتى كدنا أن نعانق تفاصيله وملامحه وحركاته فى كل مشهد، بحق ممثل رائع ومبدع حقيقى..

دور مختلف لغادة عادل تؤكد فيه نجوميتها وتألقها، ودور ربما ليس بجديد لإياد نصار ولكنه سيضاف دون شك لقائمة أعماله المتميزة.

صابرين، أبدعت فى دور الأم التى تحمل هموم الدنيا على عاتقها وأبدعت فى مشاهدها مع الابن الذى فقد قدمه، عظمة بكل معنى الكلمة، فى رأيى هو واحد من أهم أدوارها على الإطلاق..التحية واجبة لمهندسى الديكور والملابس والإخراج حيث استطاعوا أن يأخذونا إلى الثمانينيات بكل تفاصيلها الجميلة، فى شكل الشوارع والمبانى والملابس والديكورات، هؤلاء هم الأبطال المستترين للمسلسل..إنه دون شك مسلسل يستحق المشاهدة.

همسة أخيرة فى أذن الفنانة الجميلة عروستنا القمر ياسمين صبرى.. ألف مبروك على الزواج، رأى المشاهدين بالإجماع أن اللى يتجوز بقى يقعد فى البيت!.