اليوم الـ 14 من شهر رَمَضَان المُعَظَّم 1441هـ

أبراج

بوابة الفجر



*الباب الثّانى (المنهج فى تفسير الأحلام)

**تحليل حلم خاص بفرُويد...

1-تمهيد:
كان قرويد يُعالج أرملة شابة فى مُقتبل العمر تُدعى إرما فى صيف 1895 وكانت تربطه صداقة عائلية وثيقة بعائلته وعائلتها وقد نجح فى علاجها من إضطراب نفسى لكن دون أن تبرأ من كافة أعراض المرض الجسميّة ، وكان وقتها فرويد لايعرف المعايير العلمية التى تدل على إنتهاء مرض الهيستيريا بشكل نهائى لارجعة فيه ، فاقترح فرويد على المريضة حلاً ليُتابع معها بقيّة العلاج لكنها رفضت فأوقف فرويد بقيّة العلاج طوال فترة الصيف ، وصادف أثناء فترة الصيف أن زار فرويد صديقاً مُشتركاً مُقرّباً منه يُدعى أوتو فسأله عن حالها ، فأجابه بأنها حسنة لكن ليس الحُسْن كله (جيدة لكن ليست جيدة جداً) ، فشعر فرويد من نبرات صوت صديقه نبرة لوم على أنه لم يُتابع حالة المريضة إرما ، وسواءً كان هذا صحيحاً أم لا فهكذا شعر فرويد ، ثم بدأ فرويد فى المساء بكتابة تقرير عن الحالة الصحيّة لإيرما لتسليمه للطبيب "م" وهو مُشرف على علاج إيرما ، وكأن فرويد بشكلٍ ما يُحاول تبرئة ضميره من عدم مُتابعته لعلاج إيرما رغم أن الرفض من جانبها ، بعد كتابة التقرير الطبى أخلد فرويد للنوم وشاهد الحلم الذى سارع بتدوينه فور إستيقاظه فى صباح الوم التالى.

2-الحلم:
رأى فرويد فى الحلم بأنه فى قاعة إحتفالات كبيرة وهناك ضيوف كُثُر ومن بينهم مريضته إرما فأخذها جانباً وبدأ فى حديثه معها بأنها إن كانت لاتزال تتألم فإنها هى السبب لرفضها إستكمال مُتابعة العلاج ، بدت إيرما شاحبة وأخبرته أنها تُعانى من آلام فى المعدة وحاول أن ياخذها إلى جانب النافذة ليرى حلقها لكنها تُبدى نوعاً من المُمانعة والسبب انها تحمل أسناناً صناعية تخجل أن يراها فرويد ، لكنها فتحت فمها بشكلٍ صحيح فرأى فرويد بقعة بيضاء كبيرة على الجانب الأيمن من فمها ، إقترب الدكتور "م" الطبيب المُشترك فى علاج إرما لكنه كان مُختلفاً عن الواقع فكان شاحب ويعرج فى مشيته وحليق الذقن ، يقول الدكتور "م" لاشك أنها عدوى فقد حقنها الدكتور أوتو بحقنة من مركبات  (حامض كذا ، حامض كذا...) وهنا رأى فرويد مُعادلة كيميائيّة الخاصة بتركيب مادة معينة بحروفٍ سميكة ، وانتهى الحلم وعندما استيقظ فرويد تعجب فالأعراض الجسمية التى كانت تشكو منها إرما فى الحلم لم تكن هى أعراض مرضها فى الواقع.

3-التحليل:
القاعة الكبيرة ترمز للمنزل الصيفى الذى يقضى فيه فرويد مُوسم الصيف والحفلة هى إحتفال كان فرويد يستعد له فى نفس المنزل بعد عدّة أيام بمُناسبة عيد ميلاد زوجته ، شحوب إيرما هو قلق فرويد من مرض عضوى مُستتر قد يكون أغفله ويكون سببه مرضها الهيستيرى النفسى ، رفض إرما فتح فمها بسبب طقم الأسنان الصناعية يرجع إلى واقعةٍ حقيقية لمريضة شابّة حاول فرويد الكشف عليها وكانت مُتمنّعة بسبب طقم أسنانها الصناعية رغم أنها لاتزال شابّة ، البقع البيضاء التى رآها فرويد فى حلق إرما يعود إلى مرض أصاب إبنة فرويد منذ عاميْن وكان قريب الشبه من هذا الشكل ، الدكتور "م" رغم أنه ليس حليق الذقن ولايعرج لكن شقيق فرويد الأكبر المُسافر علم فرويد قبل الحلم بأيام قلائل بأنه يُعانى من آلام مفاصل الركبة أدت به لنوع من العرج كما أنه حليق الذقن ولاشك أن فرويد أدمج الدكتور "م" مع شخصيّة شقيقة الأكبر لقرب الدكتور "م" منه عاطفياً ، والعدوى ظهرت فى الحلم بسبب حادثة حقيقية لحقنة قذرة تسببت فى وفاة سيدة عجوز كان فرويد يعالجها رغم حرصه المبالغ فيه على نظافة معداته الطبية وغليها ، المركبات الكيميائيّة كانت ترمز لزجاجة حقيقيّة أهداها أوتو لزوجة فرويد مكتوب عليها "شراب الأناناس" وكانت تفوح من تلك الزجاجة رائحة مواد كيميائيّة فخاف فرويد أن تشربها زوجته أن تكون فاسدة فاقترحت زوجة فرويد أن تعطى الزجاجة للخدم لكن فرويد إعترض بأنها لايجب أن تخاطر بحياة الخدم فهم أيضاً بشر وحياتهم غالية ورُبما كانت الحروف السميكة تُعبّر عن إعتراض فرويد الشديد وخوفه الكبيرعلى حياة الخدم فى تلك الحادثة الحقيقيّة.

*ينتهى فرويد من تفسير الحلم لنفسه ويذكر أنه لايدّعى أن تحليله خالٍ من الثغرات أو أنه كامل لكنه يُوضّح حالة من تأنيب الضمير المتعلق بمريضته ومرضى سابقين وإهتمامه بشخصيّات من حوله كعيد ميلاد زوجته الذى يستعد له وأيضاً صحّة شقيقه الأكبر.

*المصدر: كتاب تفسير الأحلام لسيجموند فرويد ، تحت إشراف الدكتور مُصطفى زيور 1969.