اليوم الـ 12 من شهر رَمَضَان المُعَظَّم 1441هـ

أبراج

اليوم الثاني عشر
اليوم الثاني عشر من شهر رمضان



*الباب الأوّل (المُصنّفَات العلميّة فى مُشكلات الأحلام)

**المسائل التى يُثيرها البحث العلمى فى ظواهر الحلم يُمكن تبويبها فى الفصول التالية....
8-العلاقة بين الحلم والأمراض العقليّة.

8-العلاقة بين الحلم والأمراض العقليّة: 
يصف فرويد العلاقة بين الحلم والأمراض العقلية فى..
أ-العلاقات المَرضِيّة الإكلينيكيّة ، مثلما يقع حلم يُمثّل نوع من الأمراض العقلية.
ب-العلاقات الباطنة بين الحلم وحالات الذّهان.

أ-العلاقة الإكلينيكيّة بين الحلم والمرض العقل تعنى أن يظهر المرض أو العلة المَرَضِيّة فجأة فى الحلم أولاً ، أو من خلال سلسلة مُتتابعة من الأحلام ، ثم يتبع الحلم نوبات هيستيريّة ، فيذكر رادشتوك أن مريضاً لديه كان  مُكتمل الصحة العقلية فى النهار تماماً ثم ما أن يحل الليل حتى يُصبح هدفاً للهلاوس ونوبات الهياج ، ويسوق دكتور سانكتيس مثالاً مُشابهاً لرجل مُدمن على الكحول تأتيه أحلامه بأصوات تتهم زوجته فيها بالخيانة وهو حلم يوازى مرض البارانويا الشك والإرتياب ، وفى حالات النقاهة والتعافى من الأمراض العقلية فإن الأحلام تكون لاتزال تحت تاثير المرض العقلى الذى تعافى منه المريض فتكون أحلامه صوراً من الأفكار والإندفاعات التى كان يُعانى منها المريض اثناء فترة مرضه.

ب-العلاقة بين الحُلم وحالات الذّهان:
 هناك آراء تُفسّر تلك العلاقة فيقول رادشتوك "المجنون حالم مُستيقظ" ويقول كراوس"الجنون حلم يحلمه المرء وهو مُستيقظ الحواس" وشوبنهاور يُسمّى الحلم جنوناً قصيراً والجنون حلماً طويلاً ، ويقول مُورى بشأن علاقة الحلم بالجنون بأن الحلم يُعطّل الشعور بالذّات أو على الأقل يُؤخّره وينجم عن ذلك جهل الشخص بحالته وبالتالى العجز عن الإندهاش وفقدان الشعور الخلقى ، الإحساس بأعضاء وحواس الجسم يقل فى الحلم لكنه يزداد زيادةً عُظمى فى الجنون ، ويُضيف رادشتوك إلى كلام مُورى قوله بأن غالبيّة الهلاوس تقع فى مجالىْ حاستىْ السمع والبصر ، فحاستىْ الشم والتذوّق لاتُشاركان فى حالة الهلاوس إلا فى حالات نادرة جداً وهو نفس مايحدث فى الحلم حيث تنخفض حاسة الشم والتذوق أيضاً ، وفى الحلم والحُمى كلاهُما يتم إستدعاء ذكريات من الماضى السّحيق تبدو ذابت فى طى النسيان عندما يكون الشخص سليماً عقلياً أو مُستيقظاً.

رادشتوك يُفسّر العلاقة بين الحلم وحالات المرض العقلى الذّهان بأن ، الحالم الذى عانى آلام الجسد فى يقظته نجده فى حلمه يحلم بالصحّة والسعادة والتى إفتقدها فى واقعه ، وكذلك نفس الشيئ يحدث للمريض العقلى ، فالمريض العقلى يسعد بصور براقة من السعادة الزائفة فأكثر ما يشتمل عليه الهذيان إمتلاك مزعوم غير صحيح للخيرات أو تحقيق خيالى لرغبات كان إمتناعها هو سبب المرض العقلى للشخص فأدت به إلى الجنون ، فتحظى من فقدت إبنها بمتع الأمومة فى هلاوسها ومن فقد ثروته يتفاخر فى جنونه بأن ثروته فاقت كل حدّ ، ومن فقد حبيبته يرى فى هلاوسه أنه يتمتع بحياة زوجيّة سعيدة.

والشيئ المُشترك بين الحلم والمرض العقلى هو "المغالاة فى تقدير القدرات" و "سرعة إنسياب الأفكار فى كليهما ، الحلم والمرض العقلى" ، وفى كليهما يغيب المعيار الزمنى.

شيئ مُشترك آخر وهو إنقسام الشخصيّة ، فيحدث فى الحلم أن يشعر الحالم أن له شخصيتين فى الحلم تُصحّح أحدهما الأفعال الخاطئة للآخر ، وهو ما يُشبه المريض العقلى بمرض إنقسام الشخصيّة فى مرض البارانويا الهلوسيّة.

وعليه فإن رادشتوك وكثيرين معه يُلخّصون العلاقة بين الحلم والمرض العقلى فى أوجه التشابه السابقة بأن "الجنون ظاهرة مَرَضِيّة غير سويّة ، هى إشتداد وتعاظم  لحالة سويّة طبيعية مُنتظمة الوقوع وهى الحُلم".

ويرى فرويد أن خواص العلاقة بين الحلم والإضطراب العقلى من أقوى حُجج النظرية الطبية فى الحلم ، فهى تدحض أصحاب النظريات التى ترى ان الأحلام عملية مُزعجة لاطائل منها ، ويجد فرويد أنه يُمكن تفسير أسباب الإضطرابات العقلية إن تكلفنا عناء ومشقّة الكشف عن سِرّ الحلم.

*المصدر: كتاب تفسير الأحلام لسيجموند فرويد ، تحت إشراف الدكتور مُصطفى زيور 1969.